ما زال تسميم الطالبات يشكّل الشغل الشاغل للرأي العام في إيران، وسط غموض حول طبيعة التسمّم وأسبابه والجهات التي تقف خلفه، بعد مرور نحو أربعة أشهر على ظهور أوّل حالة، فيما توعّدت السلطة القضائية الإيرانية بملاحقة من وصفتهم بـ"مثيري الشائعات"، ومن قالت إنّهم يستهدفون "الأمن النفسي" للمجتمع في طريقة تناولهم لحوادث التسمم.
وقال المدعي العام للعاصمة الإيرانية طهران، علي صالحي، اليوم الثلاثاء، وفق المركز الإعلامي للسلطة القضائية، إنّه بناء على تعليمات رئيس السلطة غلام حسين محسني إيجئي فإنّ الأجهزة الأمنية والشرطية والقضائية ستتعامل بـ"حزم" مع "مثيري الأكاذيب والشائعات ومستهدفي الأمن النفسي للمواطنين".
واتهم صالحي بعض المشاهير والصحف والمواقع الإلكترونية بـ"طرح مزاعم غير واقعية وكاذبة والتشويش على الرأي العام"، مشيراً إلى تشكيل ملفات قضائية لعدد من الأفراد ووسائل الإعلام.
وفي السياق، لفت إلى توجيه اتهامات خلال الأسبوع الماضي إلى رؤساء تحريري صحيفتي هم ميهن وشرق وموقع رويداد 24 التحليلي الإخباري، فضلاً عن الممثل رضا كيانيان والأمينة العامة لحزب اتحاد الشعب آذر منصوري، إضافة إلى الناشط الأكاديمي صادق زيبا كلام.
كذلك، أكّد صالحي أنّ "الأجهزة العسكرية والشرطية والأمنية والقضائية تعمل بشكل جاد ليلاً ونهاراً" للوصول إلى المسؤولين عن تسميم الطالبات.
وكان الممثل الإيراني رضا كيانيان قد نشر صورة، يوم السبت الماضي، تظهر فيها طالبة إيرانية تضع قناعاً ضدّ المواد الكيميائية وترفع شارة النصر فيما يقوم رجل الأمن بالقبض عليها. واعتبرت وسائل إعلام محافظة الصورة "مهينة" لقوات الشرطة والأمن الإيرانية.
وانتقد موقع مشرق نيوز المحافظ الصورة التي نشرها كيانيان، قائلاً إنّها "تتماشى مع الاتهامات الكاذبة لوسائل الإعلام المعادية" ضد الجمهورية الإسلامية في موضوع التسمم.
وكان رئيس السلطة القضائية الإيرانية غلام حسين محسني إيجئي قد قال أمس الإثنين إنّه أصدر تعليمات إلى العدليات في جميع المحافظات الإيرانية بضرورة إنشاء فرع قضائي خاص يستدعي "مثيري الاضطرابات والأكاذيب بشأن قضية المتسمّمات"، مشيراً إلى أنّ هؤلاء "إمّا سيئو النيّة ويتعاونون مع العدو، وفي هذه الحالة يجب إنزال أشد العقوبات بحقهم، وإمّا لا يملكون نوايا سيئة، ولكن يجب التصدي لهم قانونياً".
وكان المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي قد دعا، الإثنين، السلطات الإيرانية إلى متابعة قضية تسمم الطالبات "بجدية"، مؤكداً أنّ هذه "جريمة كبيرة لا تغتفر".
ولفت، في تصريحات أوردها الموقع الإعلامي لمكتبه، إلى أنه "إذا ثبت تسميم الطالبات، فيجب إنزال أشد العقوبات بحق مرتكبي هذه الجريمة"، مؤكداً أنّه لن يتم التسامح معهم.
وأثار تكرار حوادث التسمّم في مدارس البنات الإيرانية، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، الرأي العام الإيراني، خاصةً مع تزايدها خلال الأسبوعين الأخيرين، وسط غموض بشأن أسباب هذا التسمم، والجهة المحتملة التي تقف خلفه.
ويتّهم ناشطون على شبكات التواصل ووسائل إعلام إيرانية جماعات دينية متطرفة بالوقوف وراء هذه الحوادث لمنع دراسة الطالبات، فيما تربطها المعارضة الإيرانية بالاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها إيران بعد وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر/ أيلول الماضي بتهمة عدم الالتزام بقواعد الحجاب، معتبرةً أنّ السلطات تنتقم من الطالبات اللواتي شاركن في الاحتجاجات.