خلال فترة الحمل، تشعر المرأة بكثافة لافتة في شعرها أكثر من أي وقت مضى. يبدو شعرها عندها بأفضل حال، إنما سرعان ما تتبدل الأمور تماماً بعد الإنجاب؛ فتشهد على تغيير جذري عندها. كما تلاحظ بعد فترة معينة، تساقطه بمعدلات زائدة تدعو للقلق. تساقط الشعر بعد الإنجاب مشكلة تشكو منها كافة النساء. تعتبر هذه حالة طبيعية بحسب الطبيب الاختصاصي بالأمراض الجلدية، إيلي صليبا، إنما يوضح في الوقت نفسه أنّ ثمة حالات تخرج فيها عن إطارها الطبيعي فتستدعي المعالجة.
وفق صليبا، فإنّها حالة فيسيولوجية طبيعية لا تدعو إلى القلق ولا للمعالجة، بما أنّها ليست مرضية. فمن الطبيعي أن يحصل ذلك بعد أشهر قليلة من الإنجاب، بسبب تأثير الهرمونات. مع الإشارة إلى أن المعدل الطبيعي لتساقط الشعر يومياً، عند أي شخص، هو 100 شعرة يومياً، إنما بعد الحمل يتساقط لدى المرأة بكميات كبرى، حتى أنّها قد تشعر كأنّ شعرها قد أصبح خفيفاً، خصوصاً إذا لم يكن كثيفاً بطبيعته، فتلاحظ وكأن ثمة فراغات فيه، ما يشعرها بالقلق والانزعاج.
وإذا كانت هذه الحالة طبيعية في الحالات العادية، تبدو أكثر صعوبة بالنسبة إلى المرأة التي تعاني حالة الصلع الوراثي. فتكون هذه المشكلة موجودة أصلاً، ثم يزداد الوضع سوءاً بعد الإنجاب، عندما تتزايد معدلات تساقط الشعر، فيصبح الشعر خفيفاً بشكل ملحوظ.
في الوضع الطبيعي، سرعان ما ينمو الشعر تلقائياً خلال فترة 6 أشهر إلى سنة. لكن بالنسبة للمرأة التي تعاني من خفّة شعرها أصلاً، يمكن أن تستشير الطبيب للتأكد ما إذا كان معدل تساقط شعرها مقلقاً، أو ما إذا كان هناك سبب آخر يستدعي المعالجة.
فعلى سبيل المثال، في حال وجود مشكلة صلع وراثي تعانيها المرأة أصلاً، قد تبرز أكثر بعد الحمل مع ارتفاع معدلات تساقط الشعر. عندها، ثمة علاجات يمكن اللجوء إليها للحد من تطورها، وإن لم يكن من الممكن معالجتها بشكل تام أو وقفها.
كما أنّ ثمة أسبابا أخرى يمكن أن تؤدي إلى تساقط الشعر لدى أي شخص، كارتفاع الحرارة والتعرض لالتهاب، أو دخول المستشفى أو الإصابة بمرض مزمن، أو التعرض لإجهاد، أو وجود خلل في وظيفة الغدة الدرقية. إنما هذه المشاكل لا ترتبط بالحمل، ونادراً ما تظهر بعد الولادة؛ فتكون سبباً لتساقط الشعر، إلّا في حالات استثنائية يجتمع فيها السبب الفسيولوجي مع السبب المرضي، فيؤديان معاً إلى تساقط الشعر بمعدل أكبر.
يشير صليبا إلى أنّ البعض يعتقد أن المرأة التي تعاني تساقط الشعر قد تتبع نظاماً غذائياً يساعد على مواجهة هذه الحالة. في الواقع، علمياً ما من علاقة ما بين تساقط الشعر بعد الحمل والتغذية، ولا يمكن تناول أطعمة معينة للحد من هذه الحالة. هي ترتبط حصراً بالهرمونات وبتأثيراتها.
في المقابل، كما يوضح صليبا؛ لا بد من الإشارة إلى أن الحمية الصارمة، وسوء التغذية، من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى تساقط الشعر بسبب النقص في الحاجات الغذائية الأساسية. ففي حال خفض الوزن سريعاً، والتخلص من كيلوغرامات عدة في فترة قصيرة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تساقط الشعر بعد الإنجاب، أو في أي وقت كان. إلّا أنّ العكس ليس صحيحاً؛ فما من حمية معينة تساعد على مواجهة تساقط الشعر عند حصوله. والمطلوب خفض الوزن تدريجياً لمنع حصول هذه المشكلة.
فيما ينمو الشعر تلقائياً خلال فترة ستة أشهر أو سنة من تساقطه بعد الحمل، ينصح صليبا باستشارة الطبيب إذا طالت مرحلة تساقط الشعر لأكثر مما هو متوقع. فإذا كانت المرأة قد ولدت من سنتين مثلاً أو أكثر، ويستمر شعرها بالتساقط، لا بد من التفكير بأسباب أخرى أو بأدوية يمكن أن يؤدي تناولها إلى تساقط الشعر. عندها، يطلب الطبيب فحوصاً للتأكد من عدم تساقط الشعر لسبب آخر غير الحمل والولادة، وهي فحوص دم للكشف عن مستويات الحديد في الدم والفيتامين "د"، وعمل الغدة، لاعتبارها من العوامل الأساسية التي يمكن أن تسبب تساقط الشعر في حال وجود خلل أو نقص.
يقول صليبا: "إذا كان هناك نقص في الحديد أو في الفيتامين د لا بد من وصف المكملات لضبط المستويات ووقف ما لها من آثار على الشعر. كذلك لا بد من معالجة أي خلل في الغدة عندها في حال وجوده".