تزييف وعدوان عميقان في غزة

تزييف وعدوان عميقان في غزة

01 نوفمبر 2023
من العدان الإسرائيلي على غزة (فاضل سنّا/ فرانس برس)
+ الخط -

مع انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق أكثر من أي وقت مضى، تشكل الصور المضللة تحدياً كبيراً في مكافحة المعلومات المضللة في أوقات الحرب. وظهرت أهمية هذا التحدي بشكل صارخ خلال الحرب الروسية الأوكرانية، وها هو يتكرّر خلال العدوان الإسرائيلي على غزة.

منذ أن بدأ غزو موسكو في العام 2022، انتشرت مقاطع فيديو مزيفة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يستسلم لروسيا، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعلن عن اتفاق سلام مع أوكرانيا. وقال طالب دكتوراه في علم النفس التطبيقي في جامعة كوليدج كورك في أيرلندا، جون تومي، لصحيفة ديلي بيست، إن التزييفات العميقة كانت تلوح في الأفق على وسائل التواصل الاجتماعي أثناء الغزو". وأضاف أن "الحكومة الأوكرانية كانت تحذّر من أنها ستُستخدم في الحرب السيبرانية لأسابيع قبل حدوث التزييف العميق سيئ السمعة لزيلينسكي. ومن الواضح أن هذا أمر كانت الحكومات ووسائل الإعلام والناس يدركون أنه احتمال وارد".

وشارك تومي في تأليف ورقة بحثية تسرد نتائج تحليل ما يقرب من خمسة آلاف تغريدة باللغات الإنكليزية والألمانية والفرنسية من الأشهر السبعة الأولى من عام 2022. وأشار إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية كانت بمثابة بداية لاستخدام مقاطع الفيديو التي أنشأها الذكاء الاصطناعي أثناء الحرب. وقال تومي إن الصراع ولّد "بعضاً من أبرز الأمثلة على التضليل العميق حتى الآن"، لكن فريقه وجد أن "الناس يستخدمون الشك الصحي واستعدوا لاحتمال وجود المحتوى المزيف بعمق". على سبيل المثال، سرعان ما فضحت الحكومة الأوكرانية ووسائل الإعلام الإخبارية التزييف العميق الذي يصور استسلام زيلينسكي لبوتين، كما فعلت معظم وسائل الإعلام الأخرى.

وقال العالم السلوكي وخبير المعلومات المضللة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، تود هيلموس، للصحيفة: "صُوّر فيديو زيلينسكي بطريقة سيئة للغاية"، مضيفاً: "لم يصدق أحد في أوكرانيا ذلك ولم يُثِر أي قلق في أوكرانيا". ومع ذلك، أشار إلى أن الفيديو كان "مهماً" لأنه كان واحداً من أوائل "مقاطع الفيديو العميقة التي تركز على الأمن القومي، وكانت تهدف إلى خداع الناس" وأن التكنولوجيا، "رغم أنها لا تزال في مراحلها الأولى، ستعمل في نهاية المطاف، وسيتم تنقيحها، وتصبح أكثر إقناعاً، وربما كارثية".

بعد عملية طوفان الأقصى وما تلاها من عدوان إسرائيلي على غزة، حملت التكنولوجيا إمكانات أكبر من أي وقت مضى لنشر المعلومات المضللة والتسبب بضرر في العالم الحقيقي. قال تومي: "من المؤكد أن استخدام التزييف العميق أثناء الغزو الروسي لأوكرانيا يسلط الضوء على وسائل التزييف العميق وقدرتها على لعب دور في أي صراع".

تكنولوجيا
التحديثات الحية

وأضاف مؤلفو الدراسة أن النتائج التي توصلوا إليها تؤكد الحاجة الكبيرة لمحو الأمية العميقة في وسائل الإعلام والجمهور الأوسع للتفريق بين ما هو حقيقي وما هو مجرد فيديو مصنوع بواسطة الروبوتات.

وقال تومي إن هذا سيف ذو حدين، إذ "ربما يكون التأثير الأكبر للتزييف العميق والذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب هو تآكل ثقة الجمهور في أي وسيلة إعلام تخرج من هذه الصراعات. كلما زاد وعي الجمهور بهذا التزييف العميق، قلّت احتمالية ثقتهم في أي صورة أو مقطع فيديو". ومع ذلك أشار إلى أن "الشك الصحي مهم. من الناحية المثالية، سيكون الناس قادرين على تحقيق التوازن بين الوعي بالتزييف العميق ومعرفة أنها ليست منتشرة بشكل كبير". وأوضح: "يجب أن يدرك الناس أن اكتشاف ما هو حقيقي قد يستغرق وقتاً في بعض الأحيان".

ووفقاً لهيلموس، يجب أن يكون الناس قادرين على التكيف مع التغيرات التكنولوجية، إذ لدى الجمهور شعور فوري بالشك عندما يتعلق الأمر بمقطع فيديو بدلاً من تصديق التزييف العميق لزيلينسكي وهو يستسلم لبوتين. في غضون ذلك، يمكن لصُنّاع السياسات البدء في استخدام القواعد التنظيمية المحيطة بالتكنولوجيا التي تقف وراء هذا التزييف العميق، من أجل تسهيل التعرف على أنها مزيفة. وقد يعني هذا طلب علامات مائية في كل مقطع فيديو ينشئه الذكاء الاصطناعي، أو تضمين أجهزة على الكاميرات يمكنها التحقق من أن الصور ومقاطع الفيديو حقيقية بالفعل.

المساهمون