وافق مجلس النواب التركي، في وقت متأخر من ليل الخميس- الجمعة، على قانون جديد يتضمّن تعديلات في قانون الإعلام، وينظّم عمل وسائل التواصل الاجتماعي، من بينها مادة تهدّد بمعاقبة التضليل الإعلامي بالسجن، في ظل انتقادات بأن القانون الجديد يحدّ من الحريات.
كان القانون الجديد منتظراً منذ فترة طويلة، وأعدته الحكومة من أجل الحد من تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي ونشر المعلومات المضللة، وحمل اسم "قانون وسائل التواصل الاجتماعي"، ونظّم عمل مواقع التواصل الاجتماعي وبعض القضايا المتعلقة بالبطاقة الصحافية.
وتعدّ المادة 29 أبرز المواد المثيرة للجدل، ودفعت النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري بوراك إرباي إلى كسر الهاتف الجوال من على منصة البرلمان أثناء النقاشات اعتراضاً عليها، حيث تنصّ على سجن من ينشر أخبار كاذبة بالسجن مدة من عام واحد إلى 3 أعوام.
وفصّلت المادة المعلومة الكاذبة بأنّها "النشر العلني لمعلومة تستهدف تضليل الشعب"، والشرح المتعلق بها هو "لتشكل الجرم خمسة شروط أساسية وهي إن كان الخبر غير صحيح، ويهمّ أمن البلاد والنظام العام، والقصد منه إخافة الشعب، وتهديد السلام العام، وأن يكون بشكل علني".
وتضمّن القانون الجديد تنظيم العمل في المواقع الإخبارية، ومنح العاملين فيها بطاقات صحافية، بشرط توفّر عنوان تجاري، وعنوان إلكتروني ورقم اتصال وعنوان تبليغ، ومعلومات مختلفة، واشترطت القوانين الجديدة على المواقع الإلكترونية تسليم النيابة العامة المعلومات المطلوبة والمحافظة عليها من دون حذفها مدة عامين على الأقل.
وتنصّ المواد الجديدة على حماية الأطفال من المحتويات التي تؤدي إلى التفرقة بينهم وتؤذيهم، أو تعرض لهم مواد خارج القانون أو تخالف الأخلاق، كما تنص على حماية العائلة والشباب من المحتويات السلبية.
ويتيح القانون الجديد لمؤسسة الاتصال وتقنيات المعلومات مسألة الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، وستتمكن هذه من طلب إزالة أي موضوع يتم طلبه، وحفظ المعلومات المتعلقة بالأرقام والإحصائيات المرتبطة للمنصات لزاما، وسيطلب من شركات التواصل الاجتماعي تأسيس مكاتب لها.
وكان النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري، أوتكو تشاقر غوز، قد اعتبر القانون الجديد "قانوناً للرقابة"، وأنّه "لا يحل أيّ مشاكل تخص الإعلام ولا تعطي أمناً للصحافيين والعاملين في الإعلام، كما أنها تحرم الصحافيين من حقوقهم أمام القضاء".
وأضاف: "القانون الجديد لا يمنع مجلس التلفزيون والراديو من معاقبة القنوات المعارضة".
وتفاعل الكتاب مع القانون الجديد ما بين مؤيّدٍ ومعارض، فقال الصحافي المعارض الشهير فاتح ألطايلي، في مقال منشور في موقع خبر تورك: "تم إقرار قانون الرقابة، هو ليس الأول وليس الأخير، ولكن هذه القوانين تحتاج إما لثورة أو لثورة مضادة، وهي قصيرة وليست طويلة الأمد".
وأضاف: "تطور التقنيات ووسائل التواصل الاجتماعي دفع الحكومة في تركيا إلى التفكير في كيف تسيطر على هذا النوع من وسائل الإعلام، في السابق كان الأمر سهلاً، ولكن التكنولوجيا صعبت هذا الأمر، والقانون الجديد هو لاختبار ما إذا كان نافعاً أم لا، ورغم محاربته من المعارضة، مرّ القانون في البرلمان".
فيما قالت الإعلامية هاندي فرات في صحيفة حرييت: "كانت هناك قرارات وإجراءات مماثلة لمواقع التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة، خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب، عام 2020، وفي أستراليا عام 2021، كما توجد تدابير صارمة في ألمانيا".
وتعتبر تركيا من أكثر دول العالم استخداماً لوسائل التواصل الاجتماعي، وتشهد أبرز الأحداث تفاعلاً كبيراً، ما يجعلها أداة في تحديد الأجندة السياسية في البلاد، وتقاد من خلالها حملات واسعة مع الحكومة أو ضدّها.
وفيما تتّهم الحكومة جهات خارجية باستخدام هذه المساحة للتأثير على الرأي العام بمعلومات مضللة، ترى المعارضة في القانون الجديد إمعاناً من الحكومة في تقييد الحريات.