ترامب و"فوكس نيوز": علاقة تزداد اضطراباً مع الانتخابات الرئاسية الأميركية

04 نوفمبر 2020
امتعض ترامب وحملته من المحتوى على فوكس نيوز (سيث هيرالد/فرانس برس)
+ الخط -

قبيل لحظات من إعلان دونالد ترامب "فوزه" من البيت الأبيض، أي عندما لم يكُن فرز الأصوات في جميع الولايات قد انتهى، كان المدعوون إلى المؤتمر الذي يشبه التجمع الانتخابي داخل المقرّ الرئاسي، يشاهدون عبر شاشتين عملاقتين، قناة "فوكس نيوز".

بعد مؤتمره، بعيد الساعة الثانية ليلاً بتوقيت الولايات المتحدة، غرّدت القناة "ترامب يعلن النصر على الرغم من بقاء العديد من الولايات غير معلنة، مشيراً إلى إجراء في المحكمة العليا، في خطاب تحدٍ من البيت الأبيض".

حاز ذلك التصريح على ردود فعلٍ غاضبة على مختلف وسائل الإعلام الأميركيّة، وبينها "فوكس نيوز"، إذ تشدّد جميعها على "التمسك بالقيم الأميركية الديمقراطية"، والتي لا يعير تصريح ترامب الكثير من الاعتبار لها. اعتبر إعلاميون ومغردون في تعليقاتهم أنّ ترامب أثبت أنه استبدادي في ذلك التصريح. 

ليست "فوكس نيوز" قناةً رسميّة، بل خاصّة، وتتبّع نهجاً يمينياً محافظاً. على القناة الأكثر مشاهدة في الولايات المتحدة، كثيراً ما تنتشر نظريّات المؤامرة ومعلومات يردّدها ترامب نفسه. خلال أربع سنواتٍ من عهده، كانت القناة تؤيد ترامب في طروحاته، حتى غير الواقعية والحقيقية منها، فيما يكرّس هو نفسه لمشاهدتها، ويستقي منها معلوماته. وفيما حجب الظهور عن وسائل إعلاميّة أخرى، واتهمها بنشر الأخبار الكاذبة فقط لأنها تعارضه، كان ترامب يطلّ على "فوكس نيوز" مراراً. 

لكن مع احتدام المنافسة في الانتخابات، وترجيح الأرقام والاستطلاعات فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، لم يكن ترامب الذي يطمح للفوز بشراسة، ويعتبر الخسارة غير سهلةٍ البتة (تصريحاته يوم الانتخابات الثلاثاء) متقبّلاً لأي نوعٍ من الاختلاف بالرأي، حتى وإن كان مدعوماً بأرقام وأصوات الناخبين.

يوم الثلاثاء، أطلّ ترامب عبر "فوكس نيوز"، في مقابلةٍ أجريت عبر الهاتف. كان صوته تعباً، ويتحدث عن آماله في الفوز. قال إنّه سيحوز على 306 أصوات من المجمع الانتخابي، وإنّه سيعلن الفوز عندما يكون هناك فوز. حاول المذيعون الثلاثة الذين كانوا يحاورونه أن يناقشوه في ذلك، لكنّه استمرّ بالكلام... حتى أعلن بالفعل فوزه قبل انتهاء النتائج يوم الأربعاء.

في المقابلة خلال اليوم الانتخابي، خصّص ترامب وقتاً كي يلوم القناة. قال "عندما يسألني أحدهم ماذا اختلف بين عامي 2016 و2020، أقول "فوكس". لقد تغيّرت الشبكة". استمرّ ترامب بشرح موقفه، معتبراً أنّ القناة "تدعم" الديمقراطيين، وأنّها "استضافت ديمقراطيين أكثر من الجمهوريين"، مشيراً إلى أنّها تؤيد جو بايدن. حاول المذيعون المجادلة بأنّهم "على عكس القنوات الأخرى" يستضيفون الجميع، ويظهرون وجهات النظر. عدّد ترامب أسماء إعلاميين يحابونه وينشرون نظرياته في برامجهم، كشون هانيتي وتاكر كارلسون، قائلاً إنّه يستطيع أن يعدّد أسماء العديد من "الأشخاص الرائعين" في القناة، إلا أنّه شدد على أنها "تغيّرت". 

يوم الأربعاء كان مفاجئاً للرئيس وفريقه أيضاً. فخلال العمل على نتائج الانتخابات في الولايات، وهو تقليد مشهور في وسائل الإعلام الأميركيّة، إذ تُخصّص خريطةً تفاعليّة ترصد عبرها الأصوات وكيفية انعكاسها في المجمع الانتخابي، أعلنت فوز جو بايدن في ولاية أريزونا. وولاية أريزونا هامّة كي يفوز ترامب بالرئاسة، لذا، أغضب هذا الإعلان الذي انفردت به القناة الأكثر قرباً من الرئيس، حملته الانتخابية.

اتصّل مسؤولون في حملة ترامب بالقناة كي تسحب إعلانها، واعتبروا أنّها تسرّعت في هذا الحكم على ولاية بهذه الأهمية، خصوصاً أنّ الحملة تحتسب ثلثي الأصوات في الولاية لترامب. أعربت الحملة عن "ذهولها" لـ"مسارعة" فوكس نيوز لـ"إطلاق الرصاص" هذا، بعدما أخذت وقتاً طويلاً كي تُعلن فلوريدا كولاية فاز فيها ترامب.

لكن مدير مكتب اتخاذ القرار في "فوكس نيوز"، أرنون ميشكين، أيد القرار، قائلاً إن الأصوات البارزة جاءت من مقاطعة ماريكوبا حيث كان بايدن في "وضع جيد جدًا".
وقال ميشكين بُعيد الساعة 12:30 صباحًا، ردًا على طلب التراجع من حملة ترامب: "آسف، لن يتمكن الرئيس من تولي زمام الأمور وكسب ما يكفي من الأصوات للتخلص من تقدم نائب الرئيس السابق، المكون من سبع نقاط".
وأكّد أنّ القناة تخصص هامش أربعة انحرافات معيارية عن الخطأ في هذه النتائج، قائلاً "أنا آسف، لسنا مخطئين في هذه الحالة. لقد اتخذنا القرار الصحيح وأجرينا المطالعة الصحيحة".

 

المساهمون