"بيت الناي"... الموسيقى وحي من قصبة

14 نوفمبر 2022
تسعى جمعية "بيت الناي" لتعزيز الموروث الموسيقي الشعبي (ربيع زريقات)
+ الخط -

بعد عامين من العزلة التي سببتها جائحة كورونا، أضاء "بيت الناي" في العاصمة الأردنية عمّان عتمة غيابه عن الساحة الفنية الأردنية جماهيرياً، واستعاد بعضاً من ماضيه القديم، في الحفل السنوي للبيت الذي أقيم أخيراً على مسرح الأوديون الروماني العتيق بمنطقة وسط البلد، برعاية من وزيرة الثقافة الأردنية هيفاء النجار، لتحقيق هدف أساسي، هو إعادة الضوء إلى نشاطات عشاق الآلة الرشيقة، والحصول على تمويل لأربع منح لتعليم الناي، قدمت ثلاثة منها مكتبة درب المعرفة في مؤسسة شومان.

يشكو مؤسس "بيت الناي" الفنان ربيع زريقات، من قلة الاهتمام بهذه الآلة الموسيقية. لذا، كانت فكرة تأسيس "بيت الناي" في عمّان القديمة قبل خمس سنوات، ملهمة لصناعة موسيقيين صغار، جذبتهم رقة موسيقاها وعذوبة صوتها، بحسب ما قال لـ"العربي الجديد"، مستعيناً بالفنان ليث سليمان، أول عازف ناي في الأردن، الذي تلقى تعليمه في القاهرة على أيدي محترفين متخصصين، وهناك شارك بعد أن التحق بالموسيقار نصير شمة في "بيت العود العربي"، بالعمل مع فنانين كثر، منهم: سامي يوسف، ماهر زين وحمزة نمرة. يؤكد زريقات أنّ "جمعية (بيت الناي) تسعى لتعزيز الموروث الموسيقي الشعبي من طريق آلة الناي التي تعد آلة نفخية نادرة على جدول الموسيقيين الأردنيين، ننطلق من مواردنا المحلية في صنع الآلة من أعواد القصب، ومن ثم تدريب مجموعة من أصحاب الرغبة في تعلم العزف وفتح الفضاء أمامهم للإبداع، معتمدين بالدرجة الأولى على منح تقدمها المؤسسات الخاصة المهمة بالشأن الثقافي والفني".

في غرف الجمعية التي تطرزها الأبنية العتيقة، قسم زريقات المكان ما بين ورشة لصنع النايات وتحويل أعواد القصب إلى آلات، وفضاء واسع يضم أصحاب الرغبة الموسيقية من المواهب الشابة لتعلم العزف على الآلة الشرقية الأصل.

يضيف زريقات: "حولت اهتماماتي من التسويق وعملي في القطاع الخاص، إلى المجال الذي وجدت نفسي فيه، جذبتني آلة الناي وتتلمذت على يدي الفنان ليث سليمان، إلى استطعت تأسيس بيت الناي، لكن واجهتي مشكلة عدم توافر الآلة، فكان لا بد من البحث عن منفذ لإيجادها، وفي ظل صعوبة الحصول عليها من خارج الأردن وارتفاع أثمانها، جاءت فكرة صناعتها بعد أن وجدت في منطقة وادي شعيب القريبة من البحر الميت في منطقة غور الأردن، نوع القصب الذي يمكن إعادة تدويره وتحويله إلى قصبات من الناي في عمل يومي قد يصل إلى ستة أشهر للوصول إلى قطعة موسيقية يمكن العمل عليها كآلة".

يرحب "بيت الناي" بكل الراغبين بتعلم العزف على الآلة، يبين زريقات: "نركز على الموهوبين والراغبين من صغار السن ومن الجنسين، ونستثمر بهم لتخريج عازفين مهرة، ولا نعتمد الدراسة النظرية فقط كأسلوب تعلم، نسعى لترسيخ المعلومة في ذهن الطالب، ونركز على تعليمه العزف بطرق عملية، من خلال التمرين على أغانٍ شعبية معروفة ومتداولة، حتى يشعر الطالب بأنه يحلّق موسيقياً في إطار معروف بالنسبة إليه". ويوضح أكثر: "من خلال استخدام آلة الناي في الأغاني، نشرح المقام الموسيقي للأغنية ومسارها اللحني وطبقات النفخ التي تميزها كآلة شرقية، ومن خلال هذه الطريقة استطعنا ترسيخ المعلومة في أذهان الطلاب، وكسر حاجز الرهبة أمامهم، عبر إشراكهم في عروض موسيقية أمام الجمهور، لمدهم بالثقة والثناء على إبداعهم على الملأ".
يسعى زريقات، ومعه الفنان ليث سليمان، لتعميم حالة موسيقية إبداعية في الساحة الفنية الأردنية، من أبرزها تعزيز مفهوم القيم الموسيقية العربية الشرقية وتنوعها واختلافها.
 

المساهمون