"بيبسي، أين طائرتي؟"... مزحة في قاعة المحكمة

24 نوفمبر 2022
من "بيبسي، أين طائرتي؟" (نتفليكس)
+ الخط -

بثت منصة نتفليكس، أخيراً، المسلسل الوثائقي "بيبسي، أين طائرتي؟ (?Pepsi, Where's My Jet). عنوان مقتبس من الفيلم الكوميدي الشهير ?Dude, Where's My Car الصادر عام 2000، من بطولة آشتون كوتشر وشون ويليام سكوت. يحكي الفيلم قصة شابين ساذجين، أضاع أحدهما سيارته، ويخوض بعدها سلسلة من المغامرات، ويقع في عدد من الحماقات، ساعياً إلى العثور عليها. أما في سلسلة "نتفليكس" الوثائقية، فالأمر أبسط: بداية التسعينيات وفي أوج حرب الإعلانات بين بيبسي وكوكاكولا، كان جون لينورد، ذو الـ21 عاماً، يشاهد التلفاز، فوقع على إعلان لشركة بيبسي. 
يعد الإعلان المتابعين بالتالي: إن جمع الواحد منهم 10 نقاط من شراء عبوات البيبسي كولا، فسيحصل على نظارة شمسية، وإن جمع 30 نقطة، فسيحصل على جاكيت جلدي، أما إن تمكن من جمع 7 ملايين نقطة، فسيحصل على طائرة نفاثة، يراها المشاهد في الإعلان وهي تحط في حديقة منزل بطلي الإعلان. وببساطة، عندما جمع لينورد النقاط الكافية، لم يحصل على طائرة نفاثة. 
يختلف لينورد عن كل مَن شاهدوا الإعلان حينها، كونه صدّق ما يراه، خصوصاً أن الإعلان لا يحوي أي إشارة إلى أن الطائرة النفاثة مجرّد مزحة، ولن يحصل عليها من يجمع 7 ملايين نقطة. لكن، قانونياً، هذه مشكلة؛ فنحن أمام إعلان زائف. هنا يبدأ الوثائقي بسرد الحكاية. ليعرّفنا على كيفية تعاون لينورد مع رجل الأعمال والمغامر تود هوفمان، الذي وجد في الأمر فرصة للثراء، إذ يمكن بيع الطائرة بحوالي 30 مليون دولار، أي نحن لسنا أمام استثمار فاشل، خصوصاً أنه لا داعي لشراء ملايين عبوات البيبسي، تلك التي قد تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، بل يمكن شراء النقاط، أي يكفي دفع 700 ألف دولار ثمناً لها للحصول على الطائرة. 
رغم خطة العمل المحكمة التي وضعها لينورد وهوفمان لمواجهة "بيبسي"، وإجبارها على إعطائها الطائرة، فإن الشركة العملاقة لم تستجب. وبعد سنوات من الدعاوى القضائية المتبادلة، لا طائرة لـ لينورد، الذي تمكن من إثبات إمكانية شراء طائرة حربية وامتلاكها من قبل أي مواطن أميركي. لكن "بيبسي" التي غيرت الإعلان مرات عدة، واستفادت من محاميها المرعبين، لم تلبّ ما وعدت به لينورد. 
حكاية الشاب الأميركي لينورد، أثارت حمية الرأي العام، إذ تحول إلى نجم في نشرات الأخبار؛ كونه، ببساطة، يريد طائرته، لكنه لم يحصل على شيء. لذا، استعان لينورد بالمحامي سيئ السمعة، مايكل أفيناتي، الذي لم يكن شهيراً حينها، لكننا نعرفه اليوم من الفضائح التي لاحقته، وتسببت بانتهائه في الحبس المنزلي، فهو محامي ستورمي دانيلز، نجمة الأفلام الإباحية التي رشاها ترامب مقابل صمتها عن علاقته معها. 


قرر أفيناتي الهجوم على "بيبسي"، وصياغة حملة إعلانية يجابه فيها الشركة، ويؤكد استغلالها للمستهلكين وترويجها لإعلانات زائفة، مستفيداً مما حصل في الفيليبين مطلع التسعينيات، والفضيحة التي لاحقت "بيبسي" بعد إخلالها أيضاً بشروط الإعلان، وحرمت الفائزين من الجوائز التي يستحقونها. 
لكن، أين الطائرة؟ ما من طائرة، تمكنت "بيبسي" من الحصول على أمر قضائي مفاده أن الطائرة كانت مزحة، وليست جزءاً من الإعلان. حكم قضائي ساخر حسب وصف المتابعين للقضية، لكن بالنهاية، الشركة العابرة للقارات تنتصر، مهما كان مقدار غرقها في الخطأ أو الزيف. 
الوثائقي مليء بالمفارقات، وطوال الوقت لا بد من التحيز ضد الشركة، التي تعلن عن منتجاتها من خلال مسابقات، بصورة غير أخلاقية ومخادعة. مع كل مرة نكتشف "نذالة" جديدة للشركة، يزداد شوقنا لمعرفة النتيجة: هل سيحصل الشاب على طائرته النفاثة أم لا؟ هل سيحصل على ما يساوي ثمنها؟ لكن للأسف لا، لم يحصل على شيء، بل رفض العرض الأول المتمثل بصندوقي بيبسي، ورفض عرض الـ 750 ألف دولار. ببساطة، انتصرت الشركة، وخسر المستهلك الذي صدّق إعلانها.

المساهمون