يجري حالياً العمل على مشروع رسم ضخم على الجدار الدولي الشهير في عاصمة أيرلندا الشمالية، بلفاست. يهدف المشروع إلى تصوير المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة نتيجة عدوان الاحتلال الإسرائيلي.
وكان من المخطط أن ينفّذ المشروع في فلسطين، لكن آلة التقتيل والتجويع والتهجير الإسرائيلية حالت دون ذلك، لذا انتقل المشروع إلى الجدار المعروف. المشروع مثال على كيف يعمل فن الجداريات/الغرافيتي على التعريف بالقضية الفلسطينية والجرائم الإسرائيلية، ويحشد الدعم الإنساني لشعب أعزل يتعرّض إلى إبادة جماعية.
قصة الجدار العالمي في بلفاست
يُعرف جدار مطحنة أندرو للدقيق، المطل على شارع ديفيس، محلياً باسم الجدار الدولي، أو جدار التضامن، وهو جدار ممتد طويل يضم جداريات عدة جنباً إلى جنب أنشأها فنانون محليون.
ويشتهر جدار ديفيز، المعروف باسم "الجدار العالمي"، بجدارياته السياسية المتعلقة بالصراعات في جميع أنحاء العالم. ويعد أحد المنافذ الأولى للسياح الذين يصلون إلى المدينة والمتلهفين لمعرفة المزيد عن الأحداث الأخيرة.
وتميل الجداريات إلى تصوير النضالات المحلية والدولية في مجال حقوق الإنسان، مثل الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين والحرب الأهلية الإسبانية. ويحيي الجدار ذكرى الناشطين السياسيين، مثل تشي غيفارا، والزعيم الأميركي لحركة إلغاء عقوبة الإعدام فريدريك دوغلاس، وأسماء محلية ودولية.
جدار بلفاست: تضامن مع فلسطين
في 19 يناير/كانون الثاني، بدأ مشروع فني على الجدار العالمي من أجل أن يحتوي على صور تدعم القضية الفلسطينية، بعدما كان مخططاً أن يقام في فلسطين بالتعاون مع عدد من الفنانين الفلسطينيين. وبرزت الفكرة حين شاهدت الفنانة، رنا حمودة، الجدار الدولي في شارع ديفيس في بلفاست، فأُعجبت بالفكرة واقترحت تنفيذها في بلدها مع فنانين أيرلنديين وفلسطينيين. واتصلت رنا ببيل رولستون، الذي وثّق الجداريات في المدينة منذ عام 1981، لطلب المشورة بشأن المشروع.
العدوان الإسرائيلي على غزة
خلّف عدوان الاحتلال الإسرائيلي، حتى الآن، أكثر من 27 ألفاً و365 شهيداً، و66 ألفاً و630 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء، وتسبّب في دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة.
إثر ذلك، لم يعد المشروع كما جرى تصوّره لأول مرة منذ بدء العدوان. اقترح بيل وفنان الجداريات البارز، داني ديفيني، أن يرسل الفنانون الفلسطينيون صوراً يمكن تكرارها على الجدار الدولي. استجابت رنا وبدأت عملية "الرسم من أجل فلسطين".
ونقل "بلفاست ميديا" عن ديفيني أن "المشروع يقوده ثلاثة فنانين جداريين: "أنا ومايكل دوهرتي ومارتي ليونز، ولكننا نشجع الجميع على المشاركة".
وأضاف أنه "منذ اندلاع الحرب في غزة، عمل الفنانون الفلسطينيون على توثيقها من خلال الأعمال الفنية"، موضحاً: "لقد اتصلنا ببعض الفنانين ووافقوا على عرض أعمالهم على الجدار. الجميع يريد محاولة فعل شيء ما بينما تستمر هذه الإبادة الجماعية".
وذكر موقع بلفاست ميديا أن ثلاثة فنانين فلسطينيين مشاركين في المشروع استشهدوا في غزة. وتابع ديفيني: "إحدى الصور التي ستُعرض صممتها الفنانة الفلسطينية المعروفة، هبة زقوت، التي قُتلت مع اثنين من أبنائها الأربعة خلال غارة جوية إسرائيلية في أكتوبر/تشرين الأول".
وكانت وزارة الثقافة الفلسطينية قد ذكرت نهاية 2023 أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قد أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 28 فناناً ومثقفاً وكاتباً فلسطينياً، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ونجحت حملة التبرعات للعمل في جمع ما يزيد عن 1500 جنيه إسترليني (نحو 1900 دولار)، مع تخصيص أي فائض للمساعدات الطبية للمتضررين في فلسطين.
وقالت رنا حمودة، التي أبدت دعمها عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "شكراً لكم على دعمكم وتضامنكم مع الشعب الفلسطيني، وخاصة خلال هذه الأوقات المروعة والمظلمة"، مضيفةً: "ستكون لفلسطين وأيرلندا دائماً روابط تاريخية غير قابلة للكسر في النضال من أجل الإنسانية والعدالة وضد الظلم".