عام 2022 دمويّ على الصحافيين في المكسيك، رغم مرور شهر واحد منه فقط. فقد قُتل في يناير/كانون الثاني الماضي أربعة من العاملين في المجال الإعلامي في البلاد، وسط غضبٍ ويأسٍ يلفّان القطاع وممتهنيه.
أول من أمس الإثنين، قُتل الصحافي روبرتو توليدو، الذي كان يعمل في موقع "مونيتور ميتشواكان" بالرصاص. أعلن مدير الموقع، أرماندو ليناريس، في مقطع فيديو، أنّ ثلاثة مهاجمين أطلقوا النار على توليدو في مدينة زيتاكوارو. وقال ليناريس إنّ الموقع تلقى تهديدات بسبب نشره تقارير عن الفساد الحكومي. وأضاف ليناريس "فضح الإدارات الفاسدة والمسؤولين والسياسيين الفاسدين، أدى اليوم إلى قتل أحد زملائنا". انهار ليناريس بالبكاء قبل أن يقدم اعتذاره لعائلة توليدو. وأضاف: "نحن لا نحمل أسلحة. ليس لدينا سوى قلم ودفتر ملاحظات للدفاع عن أنفسنا". عانى فريق "مونيتور ميتشواكان" لأشهر من التهديدات بالقتل. وأضاف ليناريس، "نحن نعرف من أين يأتي كل هذا"، رغم أنه لم يحدد أولئك الذين يعتقد أنّهم مسؤولون.
كان توليدو رابع صحافي يتمّ اغتياله هذا العام في المكسيك. في مدينة تيخوانا الحدودية مع الولايات المتحدة، قتل صحافيان في غضون أسبوع. في 17 يناير/كانون الثاني، قُتل مصور الجريمة مارغاريتو مارتينيز بالرصاص خارج منزله. في 23 يناير/كانون الثاني، عُثر على الصحافية لوردز مالدونادو لوبيز مقتولة بالرصاص داخل سيارتها. وقُتل الصحافي خوسيه لويس خامبوا في ولاية فيراكروز في هجوم في 10 يناير/كانون الثاني. كما نجا صحافيان في ولايتي يوكاتان وأواكساكا من هجمات.
52 صحافياً قتلوا منذ 2018، بحسب الحكومة، بينهم 7 كانوا مسجلين على برنامج مصمم لتوفير الحماية لهم
تسببت موجة القتل الجديدة في إثارة قلق المراسلين في جميع أنحاء المكسيك، وأثارت احتجاجات في وقت سابق من الشهر الماضي، إذ احتجّ الصحافيون في 12 ولاية على قتل زملائهم.
وعمّقت جريمة القتل الرابعة الشعور باليأس بين الصحافيين في المكسيك، الذين يتهمون الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور بالفشل في اتخاذ إجراءات ذات مغزى لحمايتهم وحماية زملائهم، بحسب "ذا غارديان". ونقلت "ذا غارديان" عن الصحافي خافيير غارزا في مدينة توريون قوله "في خطاب لوبيز أوبرادور، يقول "الدولة لم تعد تضطهد الصحافيين" وهو محق. لكنه لا يمنع أي من اللاعبين الآخرين من مهاجمة العاملين في الصحافة".
رداً على موجة القتل الأخيرة، ألقى الرئيس، المعروف باسم أملو، باللوم على إرث "الليبرالية الجديدة"، وادعى أنّ المعارضين السياسيين كانوا يثيرون الغضب بشأن مقتل المراسلين لتشويه سمعة حكومته. ومما يزيد من الشعور بالعجز بين الصحافيين حقيقة أن العديد من الصحافيين الذين تعرّضوا للهجوم أو القتل هذا الشهر كانوا مسجلين في نظام يفترض أنّه مصمم لتوفير الحماية للمراسلين المعرضين للتهديد.
سخرت لورا سانشيز، الصحافية من باها كاليفورنيا التي تعيش في مكسيكو سيتي، من البرنامج الحكومي الذي من المفترض أن يحمي الصحافيين. غالباً ما يمنح البرنامج الحكومي الصحافيين زرًا يمكن أن يطلق إنذاراً للطوارئ، لكنّ البعض يقول إنّه غير مجدٍ. وقالت سانشيز، بحسب ما نقلت عنها "أسوشييتد برس" الشهر الماضي: "ما يقدمونه لنا هو زر الذعر اللعين. وأنتم تعرفون ما هو هذا الزر؟ إنّه رقم مشرف الشرطة البلدية الفاسد". وغرّد المراسل الاستقصائي رافايل كابريرا: "لا أحد في السلطة يهتم بالصحافة، إلّا إذا كان ذلك يساعد في إبقائهم في السلطة. دعونا لا نخدع أنفسنا".
يفلت مرتكبو الجرائم بحق الصحافيين من العقاب بنسبة 95 بالمئة
تقول الحكومة إنّ 52 صحافياً أو عاملاً إعلامياً قتلوا في المكسيك منذ ديسمبر/كانون الأول 2018، وإنّ سبعة من القتلى كانوا مسجلين في برنامج الحماية. من جانبها، تحصي "لجنة حماية الصحافيين" CPJ مقتل 32 عاملاً إعلامياً في المكسيك منذ ديسمبر 2018، عندما تولى لوبيز أوبرادور منصبه. والأكثر عرضة للتهديد هم المراسلون المحليون الذين يحققون في الروابط بين السياسة والجريمة المنظمة. وتسجّل منظمة "المادة 19" مقتل 148 صحافياً في البلاد منذ عام 2000، لأسباب مرتبطة بعملهم، بينهم 136 رجلاً و12 امرأة.
ونقلت "أسوشييتد برس" عن وكيل وزارة الداخلية، أليخاندرو إنسيناس، قوله، أخيراً، إنّ أكثر من 90 بالمائة من جرائم قتل الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان لا تزال من دون حل، على الرغم من وجود نظام حكومي يهدف إلى حمايتهم. وقال ممثل "لجنة حماية الصحافيين" في المكسيك، جان ألبرت هوتسن، إن النسبة 95 بالمائة.
ويفلت قتلة الصحافيين من العقاب في العديد من الجرائم المرتكبة بحقهم، خصوصاً في المكسيك. وتصنّف المكسيك كواحدة من أخطر الدول على الصحافيين في العالم. وهي تحتل المرتبة 143 بحسب تصنيف حرية الصحافة لعام 2021 الذي تصدره منظمة "مراسلون بلا حدود".