باريس تطالب بـ"توضيح كل ملابسات" استشهاد عصام العبدالله

12 ديسمبر 2023
قتل الاحتلال الإسرائيلي عصام العبدالله في 13 أكتوبر جنوبي لبنان (رويترز)
+ الخط -

دعت وزارة الخارجية الفرنسية، اليوم الثلاثاء، إلى "توضيح كل ملابسات" الضربة التي أدّت إلى استشهاد المصور الصحافي في وكالة رويترز عصام العبدالله وإصابة آخرين، جنوبي لبنان، في 13 أكتوبر/ تشرين الأول.

وذكّرت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان، "بضرورة احترام القانون الدولي الإنساني، وهو التزام دولي وأخلاقي (يشمل) حماية المدنيين، ولا سيّما الصحافيين الذين يجب أن يتمكنوا من مزاولة مهنتهم بحرية وأمان تامّ".

ودعت "جميع الأطراف إلى ضبط النفس لتجنب توسّع إقليمي" للحرب.

قذيفة إسرائيلية قتلت عصام العبدالله

خلصت تحقيقات أجرتها منظمتا العفو الدولية (أمنستي) وهيومن رايتس ووتش، ووكالة فرانس برس، ووكالة رويترز، إلى أن قذيفة دبابة إسرائيلية قتلت المصور الصحافي اللبناني عصام العبدالله وجرحت آخرين، في 13 أكتوبر، جنوبي لبنان. ودعت المنظمتان الدوليتان إلى التحقيق في "جريمة حرب"، وذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك عقدتاه الخميس الماضي في بيروت.

واستهدفت ضربتان متتاليتان مجموعة الصحافيين، وأدت إحداهما إلى استشهاد عصام العبدالله (37 عاماً) بينما كان مع ستة صحافيين آخرين عند أطراف بلدة علما الشعب قرب الحدود مع فلسطين المحتلة، في تغطية للتصعيد العسكري بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله على وقع العدوان المستمر على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر.

وجرح في الضربة أيضاً مصورا وكالة فرانس برس كريستينا عاصي (28 عاماً) التي بترت ساقها اليمنى ولا تزال تتلقى العلاج في المستشفى، وديلان كولنز، ومصورا وكالة رويترز ماهر نزيه وثائر السوداني، ومراسلة قناة الجزيرة كارمن جوخدار وزميلها المصور إيلي براخيا.

وأظهر تحقيق "فرانس برس"، الذي أجري بالتعاون مع منظمة إيروورز البريطانية غير الحكومية، المتخصصة في التحقيق في هجمات تطاول مدنيين في مواقع النزاع، أن قذيفة دبابة من عيار 120 ملم مزودة بزعانف ويستخدمها الجيش الإسرائيلي حصراً في المنطقة استخدمت في الضربة التي قتلت عصام العبدالله.

وفصلت بين القذيفتين 37 ثانية فقط، ما يؤشر، وفقاً لخبراء استجوبتهم "إيروورز" و"فرانس برس"، إلى أن الضربة كانت محدّدة الأهداف، علماً أنه كان واضحاً أن الأشخاص المتجمعين في المكان هم صحافيون.

وزعم الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أن القصف الذي وقع جنوبي لبنان في 13 أكتوبر حصل في "منطقة قتال نشطة".

وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي، لوكالة فرانس برس، إن الموقع الذي كان فيه الصحافيون يومها كان "منطقة قتال نشطة حيث يجرى تبادل لإطلاق النار". وأضاف: "الوجود في هذه المنطقة أمر خطير".

لكن "هيومن رايتس ووتش" أكدت، الخميس، أن شهادات الشهود وأدلة الفيديو والصور التي تحققت منها بينت أن "الصحافيين كانوا بعيدين تماماً عن الأعمال القتالية الجارية، وكان واضحاً أنهم إعلاميون، وظلوا ثابتين مدة 75 دقيقة على الأقل قبل أن تصيبهم هجمتان متتاليتان". ولم تجد "هيومن رايتس ووتش" أي دليل على وجود هدف عسكري قرب موقع الصحافيين.

وأشارت الأدلة التي راجعتها "هيومن رايتس ووتش" إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي "كان يعلم، أو ينبغي له أن يعلم، أن الأشخاص الذين أطلق النار عليهم كانوا مدنيين".

وتحققت منظمة العفو الدولية من صحة ما يزيد على 100 مقطع فيديو وصورة، وحلّلت شظايا الأسلحة التي أُخذت من الموقع، وأجرت مقابلات مع تسعة شهود. وبينت النتائج أنه "كان واضحاً أنّ المجموعة تضم صحافيين، وأن الجيش الإسرائيلي عرف أو كان يجب أن يعرف أنهم مدنيون، ومع ذلك هاجمهم بضربتين فصلت بينهما 37 ثانية".

ولم تجد منظمة العفو الدولية أي مؤشر على وجود أي مقاتلين أو أهداف عسكرية في الموقع الذي حدثت فيه الضربتان، "ما يُرجّح أنها هجمات مباشرة على المدنيين".

بلينكن يؤيد إجراء "تحقيق معمّق" في قتل عصام العبدالله

اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الخميس الماضي، أن من "المهم" إجراء "تحقيق كامل ومعمّق" في القصف الإسرائيلي الذي أدى إلى مقتل عصام العبدالله.

وقال أنتوني بلينكن عند سؤاله حول هذا الموضوع خلال مؤتمر صحافي: "أعتقد أن إسرائيل بدأت تحقيقاً كهذا، وسيكون مهماً أن نرى نجاح هذا التحقيق ومعرفة النتائج"، وفقاً لما نقلته وكالة فرانس برس.

وأضاف بلينكن: "أنا معجب للغاية بالرجال والنساء العاملين في مهنتكم الذين يحاولون يومياً، في جميع أنحاء العالم، وفي أخطر الأماكن، تقديم الحقائق للآخرين. وهذا أكثر أهمية من أي وقت مضى".

وقدم نظيره البريطاني ديفيد كاميرون، خلال المؤتمر نفسه، "تعازيه" للصحافيين، مشدداً على أهمية عملهم، بخاصة في "مناطق النزاع". وقال "ضروري جداً أن يغطي صحافيون محترفون مستقلون ومحايدون هذه النزاعات. إنه عمل في منتهى الصعوبة وشجاع للغاية".

إسرائيل تقتل الصحافيين

أعرب الاتحاد الدولي للصحافيين، الجمعة، عن قلقه العميق إزاء عدد العاملين في القطاع الإعلامي الذين قتلوا في أنحاء العالم كافة أثناء قيامهم بواجبهم عام 2023، علماً أن العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة "حصد أرواح صحافيين أكثر من أي صراع آخر منذ أكثر من 30 عاماً".

وثّق الاتحاد الدولي للصحافيين قتل 94 صحافياً حتى الآن هذا العام، وسجن نحو 400 آخرين.

وذكر الاتحاد أن 68 صحافياً استشهدوا وهم يغطون العدوان الإسرائيلي على غزة، أي أكثر من صحافي واحد في اليوم، وهو رقم يشكل 72% من إجمالي وفيات الإعلاميين في أنحاء العالم كافة.

وأشار الاتحاد إلى أن "الحرب في غزة أكثر فتكاً بالصحافيين من أي صراع آخر، منذ أن بدأ بتسجيل الصحافيين الذين قتلوا أثناء أداء واجبهم عام 1990".

وأعرب عن قلقه من أن الجرائم المرتكبة ضد العاملين في مجال الإعلام تمر من دون عقاب، وحث الحكومات على "تسليط الضوء الكامل على جرائم القتل هذه، ووضع تدابير لضمان سلامة الصحافيين".

من جهة ثانية، وثقت نقابة الصحافيين الفلسطينيين استشهاد 78 صحافياً وعاملاً في مجال الإعلام، وإصابة أكثر من 140 صحافياً، في غزة، منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر. كما دمر الاحتلال الإسرائيلي مكاتب 65 مؤسسة إعلامية، ونزح أكثر من 1200 صحافي وعائلاتهم، ولجأوا إلى المدارس.

وفي جنوب لبنان، قتل الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى عصام العبدالله، مراسلة قناة الميادين فرح عمر والمصور في القناة نفسها ربيع المعماري.

المساهمون