باحثون يكشفون سر صلابة الخرسانة في المباني الرومانية القديمة

10 يناير 2023
يعدّ مبنى البانثيون في روما واحداً من آثار كثيرة خلفتها الإمبراطورية الرومانية (Getty)
+ الخط -

كيف صمدت الإنشاءات الرومانية، مثل القنوات المائية أو البانثيون في روما، أمام اختبار الزمن بهذا الشكل المذهل؟

حيّر هذا السؤال العلماء طويلاً، إلّا أنّ باحثين أميركيين وأوروبيين يقولون إنّهم اكتشفوا أخيراً سرّ طول عمر هذه التحف المعمارية المشيّدة قبل حوالى ألفي عام: خرسانة قادرة على إصلاح نفسها.

وفيما يصبح حال بعض المباني الحديثة سيئاً بعد عقود قليلة على تشييدها، يأمل العلماء في أن يساعد اكتشافهم في تقليل التأثير البيئي والمناخي لإنتاج الخرسانة، والذي يولّد انبعاثات كبيرة من غازات الدفيئة.

حتّى الآن، كانت قوة الخرسانة الرومانية تُعزى إلى مكوّن واحد: الرماد البركاني من منطقة خليج نابولي في إيطاليا، والذي تمّ إرساله إلى جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية لاستخدامه في البناء.

لكن هذه المرة، ركّز الباحثون المتحدّرون من إيطاليا وسويسرا انتباههم على وجود خاصية أخرى: قطع صغيرة بيضاء لامعة متأتية من الجير، وهو مكون آخر يُستخدم في تصميم الخرسانة.

وقال أدمير ماسيك، المشارك في إعداد هذه الدراسة التي نشرت نتائجها مجلة ساينس أدفانسز، والأستاذ في جامعة إم أي تي الأميركية المرموقة، "منذ بدأت العمل على الخرسانة الرومانية، كنت مفتوناً" بوجود هذه القطع الصغيرة.

وأضاف: "هي غير موجودة في الخرسانة الحديثة، فلماذا كانت موجودة في الهندسة القديمة؟".

واعتقد الخبراء سابقاً أن هذه القطع الصغيرة كانت نتيجة لسوء خلط مزيج البناء، أو لمواد خام رديئة الجودة.

لكن، ومن خلال فحص الخرسانة باستخدام تقنيات التصوير المتقدمة لجدار مدينة بريفيرنوم في إيطاليا، اكتشف الباحثون أنّ هذه القطع البيضاء الصغيرة كانت في الواقع كربونات الكالسيوم، وقد تشكلت في درجات حرارة مرتفعة جداً.

وخلص هؤلاء إلى أنّ الجير لم يتشكل كلياً أو جزئياً بالماء، كما كان يُعتقد سابقاً، ولكن كان على شكل جير ساخن.

ووفق للباحثين، فإنّ هذا "المزيج الساخن" هو الذي يعطي هذه الخرسانة صلابة مذهلة.

وتميل الشقوق الصغيرة في الخرسانة إلى الانتقال عبر فتحات الجير ذات السطح المرتفع، وعند تعرضها للماء، تتبلور ككربونات الكالسيوم، ممّا يملأ الشق مثل الصمغ.

وقال الباحثون إنّ "هذه التفاعلات تحدث بشكل تلقائي، وبالتالي تلتئم الشقوق تلقائياً".

في الواقع، عندما تظهر الشقوق، فإن مياه الأمطار التي تلامس الخرسانة تُنتج محلولاً مشبّعاً بالكالسيوم، يتحوّل بعد ذلك إلى كربونات الكالسيوم، ممّا يجعل عملية تعبئة الشقوق ممكنة.

للتحقق من هذه الفرضية، صنع فريق العلماء عينات من الخرسانة باستخدام العملية نفسها، وكسروها عمداً وسكبوا الماء عليها. وفي النتيجة: بعد أسبوعين، تم إصلاح الخرسانة بالكامل. بينما ظلّت عينة أخرى تمّ إنتاجها من دون الجير الحي متصدعة.

وفي المستقبل، يريد الباحثون محاولة تسويق هذه الخرسانة بالتركيب المعدل.

(فرانس برس)

المساهمون