توصل باحثون إلى أنّ اصطدام كويكب "تشيكسولوب" الذي أنهى حقبة الدهر الوسيط، عصر الديناصورات، حدث في فصل الربيع في نصف الكرة الشمالي. وهو الاكتشاف الذي يساعد في تفسير نمط الانقراض الذي تلا ذلك الحدث الخطير، ويضيف إلى فهمنا لهذه اللحظة المحورية في تاريخ الأرض.
منذ نحو 66 مليون سنة، اصطدم كويكب كبير بما يعرف الآن بشبه جزيرة يوكاتان في المكسيك، ما تسبب في انقراض جماعي قتل 76 في المائة من جميع الأنواع، بما في ذلك الديناصورات غير الطيرية والتيروصورات. لا يعرف العلماء على وجه التحديد العام الذي وقع فيه الاصطدام، لكن فريقاً من الباحثين يقول في دراسة جديدة، نشرت في 23 فبراير/ شباط في دورية "نيتشر"، إنهم حددوا موسم الاصطدام في الربيع.
توصل العلماء إلى هذا الاستنتاج عبر تحليل جديد لعظام سمكة قديمة، يعتقد أنها ماتت بعد ما بين 15 و30 دقيقة من اصطدام الكويكب، ودفنت في موقع استثنائي يدعى تانيس جنوب غرب داكوتا الشمالية، في الولايات المتحدة الأميركية.
وقد يساعد تحديد موسم الاصطدام الباحثين في تفسير النمط العالمي لبقاء الطيور والثدييات الصغيرة والمخلوقات الأخرى بعد الارتطام النيزكي. ووفقاً للنتائج، كانت المخلوقات التي تقضي الشتاء في الجحور تحت الأرض قد ظهرت ونشطت خلال فصل الربيع في نصف الكرة الشمالي، ما يجعلها معرضة للخطر بشكل خاص. على النقيض من ذلك، في خريف نصف الكرة الجنوبي، من المحتمل أن هذه المخلوقات كانت ستستقر في قيلولة لمدة موسم، وربما كانت في وضع أكثر أماناً.
وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، أوضحت المؤلفة الرئيسية في الدراسة ميلاني ديورنغ، باحثة الدكتوراه في قسم الأحياء العضوية في "جامعة أوبسالا" السويدية، أن الانقراض الذي وقع نهاية العصر الطباشيري كان انتقائياً بعدة طرق، سواء في المجموعات التي انقرضت (الديناصورات غير الطيرية، التيروصورات، ولكن ليس الطيور والثدييات)، وكذلك في الموقع الذي وقع فيه من الكرة الأرضية. وأضافت أنّه نظراً لأنّ الربيع في نصف الكرة الشمالي يتزامن مع الخريف في نصف الكرة الجنوبي، كانت الظروف عندما اصطدم الكويكب مختلفة تماماً.
بالنسبة للعديد من الكائنات الحية، الربيع هو الموسم الأول للنمو والتكاثر بعد أشهر الشتاء القاسية. في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، كان العديد من الكائنات الحية يستعد لفصل الشتاء، ويبحث العديد من الحيوانات عن ملجأ للسبات الشتوي.
من المحتمل أن يكون لموسم الارتطام تأثير عميق على انتقائية الانقراض الجماعي، لكنّ الانقراض الفعلي استغرق وقتاً أطول بكثير من مجرد هذه اللحظة نفسها. بعد الاصطدام، حدث تبريد مفاجئ لمدة غير معروفة وكان له بالطبع تأثيره الخاص على نمط الانقراض. ومع ذلك، من الواضح أنّ المجموعات العضوية التي لم تنجُ من ذلك الموسم الكارثي لم تكن موجودة في الشتاء اللاحق.
لمعرفة موسم الارتطام النيزكي، فحص الباحثون عظام الفكين لثلاث من أسماك المجدافي، وأشواك عظمية من الزعانف الصدرية لثلاث من سمك الحفش. تشير الطبقات الخارجية لجميع العظام الستة التي جرى تحليلها إلى نمو سريع لم يصل بعد إلى معدلات النمو القصوى التي شوهدت خلال دورات النمو في السنوات السابقة. وهذا يعني أنّ موسم النمو الأخير المسجل في العظام لم يكن قد بلغ ذروته الصيفية في وقت نفوق هذه الأسماك.
وأشارت ديورنغ إلى أنّ أحد أكبر التحديات التي تواجه العلماء عندما يتعلق الأمر بدراسة أنماط الانقراض المختلفة في النصف الشمالي مقابل النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، هو الاختلاف في البيانات المتاحة.
هناك تحيز هائل تجاه مناطق نصف الكرة الشمالي، حيث نشرت الكثير من الاكتشافات الأحفورية على مدى القرون الماضية، في حين أن البيانات من نصف الكرة الجنوبي أقل بكثير مع وجود مسافات أكبر بينها. تضيف: "أود أن أقول إنّ الأمر يستحق بالتأكيد التركيز على استخراج المزيد من الحفريات من الجنوب".