انفجار فقاعة منصة ماستودون المنافسة الطارئة لـ"تويتر"

08 فبراير 2023
وصل عدد مستخدمي المنصة في فبراير الحالي إلى 1.5 مليون (Getty)
+ الخط -

بعد استحواذ إيلون ماسك على "تويتر" في أكتوبر/تشرين الأوّل الماضي والفوضى التي صاحبت ذلك، غادر ملايين المستخدمين الموقع الأزرق إلى منصة التدوين مفتوحة المصدر "ماستودون"، التي وُصفت بأنها المستقبل المستقل لمنصات التواصل الاجتماعي، بحسب موقع وايرد.

مع حلول نهاية العام، ارتفع عدد المستخدمين الذين ينشطون شهرياً على المنصة من 380000 إلى أكثر من 2.5 مليون. لكن، عاد هذا الرقم لينخفض إلى 1.4 مليون مستخدم بحلول نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي. أما السبب الرئيسي، فكان صعوبة استخدام التطبيق للكثير من الوافدين الجدد، الذين قرّروا العودة إلى "تويتر".

ما هو ماستودون؟

عند انطلاقتها في عام 2016، اختار القائمون على هذه المنصة إعطاءها اسما لحيوان منقرض يشبه الفيل، ومع مرور الوقت صارت تحظى بشعبية في دوائر الثقافة البديلة واليسار ومجتمع الميم.
يتميّز "ماستودون" عن منصات التواصل الاجتماعي الأخرى بأنه يعتمد برنامجاً لا مركزياً، وبالتالي لا يمكن السيطرة عليه من قبل شركة أو ملياردير.

يتألف "ماستودون" من شبكة تضمّ آلاف السيرفيرز (خوادم المواقع) "المتّحدة" فيما بينها. لذلك، يفضّل بعض المستخدمين إطلاق اسم "فيديفيرس" على المنصة، لأنّها شبكة فيدرالية، أي مجموعة من آلاف الشبكات الاجتماعية، التي تعمل على خوادم في جميع أنحاء العالم، لكنّها موحدة ومرتبطة بتقنية "ماستودون".

أمّا التدوينات فتسمى "توتس"، فيما يبدو محاكاةً ساخرة لـ"تويت"، أو تغريدة على "تويتر"، بينما يتم إعادة مشاركة المحتوى عبر زر "بوست".

يمكن للمستخدم اختيار أيّ من هذه الخوادم للتسجيل. ويُدار الخادم عادةً من قبل المشرف المتطوّع الذي أنشأه. يملك كلّ مسؤول عن خادم قواعد وسياسات خاصة مختلفة عن الآخر، كما يشرف على محتوى المحادثات.

التراجع

بعد عقد من هيمنة كبرى شركات التكنولوجيا على وسائل التواصل الاجتماعي، كانت فكرة تطوّر منصة صغيرة وبديلة ومفتوحة المصدر مثل "ماستودون" إلى منافس حقيقي مغرية للبعض، خاصةً أنّ المنصة اللامركزية تعمل بشكلٍ مختلف تماماً عن "فيسبوك" و"تويتر" و"إنستغرام". لكن الأرقام اليوم تدلّ على صعوبة تحقّق ذلك.

بحسب ذا وايرد، لم يكن "ماستودون" قريباً، في أيّ وقتٍ من الأوقات، من التحوّل إلى "تويتر" أو "فيسبوك" جديد. مع ذلك، فقد أثبتت موجة الهجرة من "تويتر" أنّ القائمين على عالم فيديفيرس قادرون على التكيف بسرعة مع المتغيرات الجديدة.

"أكبر درس ممّا حدث هو أن ماستودون يمكن أن يتوسع"، بحسب ما يقول أستاذ الاتصالات ودراسات الإعلام في جامعة يورك في كندا، روبرت جيل، لموقع وايرد.

درس جيل "ماستودون" لبعض الوقت، ولفت إلى أنّه استمتع بفترات تزايد المستخدمين التي تلي فترات الركود، معتبراً أنّ هذا النمط يسمح بتوسيع قاعدة مستخدمي المنصة. يشرح: "بعد كل موجة هجرة تزيد نسبة المستخدمين للمنصة، بعد فترة يغادر بعضهم، لكن البعض الآخر يستمر في استعمالها".

في اليوم الأوّل بعد استحواذ ماسك على "تويتر"، تدفّق أكثر من 70 ألف مستخدم جديد إلى خوادم "ماستودون"، وهو العدد الذي أخذ بالتزايد في الأيام اللاحقة.

عمل المشرفون بجد لمنع سقوط الخوادم بسبب كثرة الوافدين الجدد. بعضهم قاموا بحملات تمويل جماعي عبر الإنترنت، لدفع فواتير الخوادم المتزايدة ولتحديث سياساتهم بشأن الإشراف على المحتوى.

كان المشرف على خادم ماستودون ورلد (mastodon.world)، رود شيلدرز، يملك قرابة 100 شخص على الخادم قبل استحواذ ماسك على "تويتر".

يقول شيلدرز إنّ الزيادة في أعداد المستخدمين بلغت ذروتها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد أن وصل 120 ألف مستخدم جديد. مع هذا العدد الضخم من المنضمين، جاء الكلام الذي يحض على الكراهية والمحتوى الفاحش. يقول شيلدرز: "لقد علمت بأشياء لم أكن أرغب في معرفتها".

لكن، وبحلول أوائل فبراير/شباط الحالي، انخفض عدد المستخدمين النشطين على خادمه إلى حوالي 49000، وهو أكبر بكثير من السابق.

قام شيلدرز بتعيين مشرفين على المحتوى، ولديه تمويل من التبرعات في البنك لتغطية تكاليف الخادم الشهرية. مع ذلك، فإنّ الضغوط تزايدت عليه، يقول: "لقد صرت فجأة شخصية عامة". وهو الأمر الذي يدفعه للتفكير في نقل حسابه الشخصي إلى خادم آخر، حتّى يتمكن من النشر بحرية أكبر.

لم يكن "ماستودون"، المنصة الوحيدة التي حظيت باهتمام، بعد استحواذ ماسك على "تويتر"، فقد برزت منصات أخرى مثل "بوست.نيوز" و"هايف سوشيال" و"سبيل".

بحسب الأستاذ في جامعة كولورادو، كيسي فيسلر، فإنّ العديد من المنصات الاجتماعية الجديدة تشهد شعبية عابرة، مدفوعةً بأحداث معيّنة، ثمّ يختفي بعضها وينجح بعضها الآخر في النمو والتوسّع.

يقول فيسلر: "ما يجذب الناس إلى منصات معينة دون غيرها هو تواجد أصدقائهم عليه. عندما يزداد عدد أصدقاء الشخص على منصة معيّنة، فإنّ ذلك قد يدفعه للانضمام إليها". بحسب فيسلر، قد يدفع ذلك أشخاصاً أنشأوا حسابات على "ماستودون" في وقتٍ سابق لاستعمالها مجدّداً. وقد تدفع أحداث أخرى مزيداً من الناس للانضمام إلى المنصة.

الوضع الحالي

يقابل البعض التراجع في عدد المستخدمين بالترحاب، ومنهم رودتي ماكليري المشرف على خادم mas.to. في منتصف ديسمبر الماضي بلغ عدد المستخدمين لديه 67000 شخص، لكن العدد انخفض اليوم إلى 40000 مستخدم، وهو يظل رقماً أعلى بكثير من الفترة التي سبقت الاستحواذ على "تويتر". ويلفت ماكليري إلى أنّ فاتورة تشغيل الخادم تكلف حوالي 1200 دولار شهرياً تدفع من أموال التبرعات.

لم يعد "ماستودون" كما كان سابقاً منصّةً أساسيةً للثقافة المضادة ومجتمع الميم والدوائر اليسارية، إذ تسرّبت إليه العديد من الشخصيات السياسية والمشاهير الذين يمثّلون ويعبّرون عن الثقافة السائدة.

مع ذلك، فإنّ المشرفين على الخوادم عادوا للاستمتاع بالمنصة، عقب الفوضى التي حدثت أواخر العام الماضي.

يقول ماكليري: "لقد أحببت ماستودون لأنّه ممتع. لكن، خلال الفترة الماضية، صار أشبه بالعمل. مع نهاية العام الماضي كنت قد صرت مرهقاً تماماً". وأضاف: "اليوم، عادت أرقام المستخدمين للانخفاض بعد الصعود المفاجئ، لكنّها ثابتة. الخادم يموّل من التبرعات، وحصلت على مساعدة في الإشراف على المحتوى. بطريقةٍ ما، بدأ ماستودون يصير ممتعاً من جديد".

المساهمون