انتخابات الصحافيين المصريين: أسهم البلشي ترتفع

16 مارس 2023
لم تواجه حملة البلشي تهديدات أو إحالات للتحقيق (صفحة الحملة الانتخابية/ فيسبوك)
+ الخط -

انتقادات واسعة وهجوم كبير شنّه عدد من الصحافيين المصريين ضد أحمد الطاهري، بسبب حلقة تلفزيونية قدمها ضمن برنامجه "كلام في السياسة" الذي يبث على قناة إكسترا نيوز التي تملكها مجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية، واستضاف خلالها رئيس تحرير صحيفة الأخبار خالد ميري، المرشح على منصب نقيب الصحافيين في الانتخابات المرتقبة غداً الجمعة. إلى جانب ميري المعروف بقربه من الأجهزة الأمنية المصرية، استضاف الطاهري أيضاً عدداً من داعميه، متجاهلاً منافسه الأبرز خالد البلشي.

انتقد الطاهري نقيب الصحافيين السابق يحيى قلاش، قائلاً إنه كان نقيباً لمجموعة معينة من الصحافيين، ولا يمثل الجميع. وأضاف: "مع وافر الاحترام للمرشحين الـ11 على مقعد نقيب الصحافيين، فإن المرشح الأهم هو رئيس تحرير صحيفة الأخبار، ومن لا يدرك هذه الحقيقة، فلا علاقة له بالعمل النقابي ولا يعرف معناه". وتساءل متهكماً عما قدمه قلاش لمهنة الصحافة عندما كان نقيباً.

جاء هذا الهجوم من الطاهري بسبب إعلان قلاش عن دعمه للمرشح المنافس خالد البلشي. ورد قلاش عبر حسابه في "فيسبوك" حيث انتقد "إصدار التعليمات، والتدخل السافر غير المسبوق في انتخابات نقابة الصحافيين وبما لم يحدث في أسوأ الأوقات، والذين يعطون الأوامر لإعلام المتحدة ليستضيف مرشحاً واحداً بلا منافسين، ومعه جوقة من الكومبارس العازفين الغارقين في ملذات مواقع انحراف المسار". وأضاف قلاش: "شكراً على كل هذه الفضائح وكل هذا الغباء الذي يتصور أن الجمعية العمومية قطيع بلا عقل وبلا روح وبلا ضمير أو أننا أبناء نقابة بلا تاريخ".

يحظى قلاش بشعبية واحترام كبيرين لدى قطاع عريض من الصحافيين المصريين الذين اعتبروا ما قام به الطاهري تطاولاً لا يمكن تجاهله.

أحد المقربين من النقيب السابق للصحافيين المصريين قال لـ"العربي الجديد" إن القناة الفضائية التي تعرض برنامج الطاهري تواصلت مع قلاش، ووعدته بتقديم اعتذار يليق به، كما حذفت الحلقة من صفحاتها على مواقع التواصل ومن منصة يوتيوب، بعد الهجوم الواسع الذي طاولها، ذلك رغم أن الطاهري لم يتراجع عن موقفه، بل أعاد نشر جزء من البرنامج، معلقاً عليه: "لم أتجاوز في حق أحد... التجاوز كان من النقيب السابق عندما نعت زملاء له بأوصاف لا تليق".

ووصف الصحافي المصري وصاحب عدد من المؤلفات في نقد أحوال الصحافة المصرية، كارم يحيى، في حديثه لـ"العربي الجديد"، ما تعرّض له قلاش بأنه "هجوم بلا سبب، ويثير الغضب والاستياء لدى جموع الصحافيين المصريين". وأضاف يحيى: "هذا أمر طبيعي في ظل تأييد قلاش لخالد البلشي، المنافس لمرشح الدولة خالد ميري. الهجوم هامشي على متن القصة الأساسية، وهي الحصار والتعتيم الشديد المفروضين على حملة البلشي، ليس فقط من الاستضافة الإعلامية إعمالاً لمبدأ تكافؤ الفرص، إنما أيضاً من نشر أخبار الحملة". وأشار إلى أن "وسائل الإعلام التقليدية، ومنها الفضائية التي أذاعت البرنامج، تمارس نوعاً من التدخل غير الديمقراطي في العملية الانتخابية، بهدف التأثير عليها وتوجيه الناخبين. هذا التحيز غير مقبول، خصوصاً استضافة مرشح بعينه، وتخصيص بروباغندا ضخمة لهذه الاستضافة، وتجاهل توفير الفرص نفسها لبقية المرشحين". ورأى يحيى أن "خالد ميري أساء لنفسه عندما جلس ليستمع، من دون تعليق أو اعتراض، على مذيع استغل حواره معه للهجوم والافتراء على النقيب السابق".

وعلى هامش الفعاليات والزيارات التي يقوم بها المرشحون إلى مقار الصحف، زار الصحافي خالد البلشي صحيفة الوفد، مع عدد من الصحافيين وأعضاء النقابة، من بينهم عضو مجلس النقابة هشام يونس، الاثنين الماضي، من أجل عقد جلسة تفاوضية مع رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة، حول أوضاع صحافيي "الوفد" الذين اعتصموا بسبب سوء أحوالهم وتأخر حصولهم على مستحقاتهم المالية.

وانتهت جلسة التفاوض بتعهد رئيس الحزب بصرف الرواتب المتأخرة للصحافيين، وتشكيل لجنة لحل المشاكل المعلقة، وتطوير محتوى الصحيفة والموقع الإلكتروني التابع لها. وبناءً عليه، قرر الصحافيون تعليق اعتصامهم إلى حين صرف الرواتب.

وأصدر حزب الوفد بياناً رسمياً على لسان يمامة، الثلاثاء، أكد خلاله أن "الحزب على مسافة واحدة من انتخابات مجلس نقابة الصحافيين في تجديدها النصفي المقبل، وكذلك موقع نقيب الصحافيين". وأضاف البيان أن "اختيارات الصحافيين هي حق أصيل لهم، وأن أبناء مؤسسة الوفد الصحافية يرحبون باستقبال كافة المرشحين، سواء على موقع النقيب أو أعضاء المجلس". وذكر يمامة، في بيانه، أنه رفض مساهمة مالية من أحد المرشحين على موقع النقيب كدعم وسط الأزمة المالية التي تشهدها الصحيفة، من دون أن يذكر اسمه، معرباً عن شكره له، ومؤكداً أن "الأزمة المالية التي تشهدها الصحيفة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تؤثر على الموقف السياسي للحزب".

وفي هذا السياق، قالت مصادر صحافية لـ"العربي الجديد" إنه "بعد تمكّن خالد البلشي من التوصل إلى اتفاق مع حزب الوفد حول أوضاع الصحافيين وصرف الرواتب المتأخرة، تواصل المرشح خالد ميري مع الحزب، عارضاً مبلغاً من المال كتبرع من أحد رجال الأعمال الداعمين لحملته، من أجل المساهمة في حل الأزمة المالية". وأضافت المصادر نفسها أن "قيمة المبلغ الذي عرضه ميري على حزب الوفد هي مائة ألف جنيه مصري (3236 دولاراً)".

الصحافي المرشح لعضوية مجلس النقابة عمرو بدر لفت، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، إلى أن "فترة الدعاية الانتخابية بدأت جيداً من دون تدخلات واضحة، لكن أخيراً بدأت تظهر بعض التدخلات، ليس فقط على مستوى منصب النقيب، ولكن أيضاً على مستوى العضوية". وأضاف بدر أن "أحد المرشحين المدعومين من النظام تمكن قبل أيام من الحصول على عدد من عضويات مركز شباب الجزيرة للصحافيين، قابلة للتقسيط لمدة 30 شهراً، ذلك بمساعدة من وزارة الشباب والرياضة والحكومة المصرية". وقال: "هذا مثال واضح لشكل من التدخلات في العملية الانتخابية، وشكل الدعم لمرشح بعينه، على حساب الآخرين، وبالتالي فإن مرحلة الدعاية الانتخابية تفتقد إلى الحياد".

وأكد أحد الصحافيين، من أعضاء حملة المرشح خالد البلشي، لـ"العربي الجديد"، أنهم لم يتعرضوا في حملتهم إلى مضايقات مباشرة أو تهديدات أو إحالات للتحقيق كما كان يحدث من قبل، كما لم تواجه الحملة التصرفات القديمة من هجوم اللجان الإلكترونية على صفحات المرشحين، أو حملات التشويه الموجهة في الصحف والقنوات الإعلامية.

ورأى الصحافي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن "هذا التعامل الأمني مع الحملة الانتخابية يشير إلى أن النظام ربما لم يحسم أمره من فكرة إلزامية فوز خالد ميري، وربما ليست لديه مشكلة مع وجود البلشي على مقعد النقيب، خاصة أن الأخير يتعامل مع الممكن ويتميز خطابه بالتوازن".

غير أنه أشار إلى أن الحملة واجهت "تحيزاً بأشكال مختلفة"، فـ"المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة (جهتان حكوميتان) يعقدان اجتماعات مع رؤساء التحرير في الصحف القومية، لحشد الصحافيين لحضور الجمعية العمومية، وتوجيههم لاختيار مرشح بعينه وبعض المرشحين على مقاعد العضوية. كذلك هناك تغطية صحافية وإعلامية منحازة لإبراز تصريحات خالد ميري، من الصحف القومية والخاصة، في مقابل تجاهل خالد البلشي".

المساهمون