النهايات السعيدة... طلبات المنتج أوامر

29 أكتوبر 2020
لمحمود نصر وسيرين عبد النور خاتمة سعيدة في مسلسل دانتيل (فيسبوك)
+ الخط -

درجت في الفترة الأخيرة، "النهايات السعيدة" لمعظم المسلسلات العربية، ومنها تحديداً المُشتركة، والسبب هو، باختصار، رغبة المنتجين بأن تكون الخاتمة سعيدة. لكن ما الذي يدفع الكاتب إلى تنفيذ أمر المنتج؟ وهل تحوّلت شركات الإنتاج إلى مؤسسات لا تقبل النقاش؟

كان من المتوقع أن ينهي الكاتب والفنان السوري إياد أبو الشامات مسلسل "من الآخر" بخاتمة مفتوحة، تضع المشاهد يقرر ما يريده من نهاية لمجموعة من الأحداث التي ارتبطت طوال ثلاثين حلقة بقضايا الخيانة والحب، والمرض والبطالة. أحداث حددّها الكاتب بحسب السيناريو المفترض أن يتجه إلى تلك النهايات، والتي تعطي للمشاهد الحق في تقرير ما سيحصل بعد شارة النهاية، لكن يبدو أن شركة الصبّاح أرادت الاستمرار بضرورة قلب المنطق الدرامي لصالح المشاهد التقليدي والذي يبحث دائماً عن نهاية سعيدة لاي عمل درامي، تماماً كما كان الحال زمن أفلام الستينيات والسبعينيات، وهذا ما تحول إلى "كليشيه" تعتمده شركات الإنتاج العربية في إنتاجها منذ سنوات، ليبقى السؤال هو كيفية قبول الكاتب بتحويل فكرة تحمل أبعاداً نفسيةً، وتعطي جمهور المسلسل الحق في تقرير النهاية التي يريدها، وهذا مخرج جيد لاختصار أو تبيان الهدف أو الغاية من وراء المسلسل، خصوصاً لو كانت القصة تحمل كل هذه القضايا الإنسانية اليومية التي تتحول "درامياً" إلى قصة ومسلسل.

لم يكن مسلسل "دانتيل" كتابة إنجي القاسم وسما عبد الخالق، إخراج المثنى صبح وإنتاج "إيغل فيلم"، أفضل حالاً في نهايته من مجموع المسلسلات التي عرضت لسنوات سابقة وانتهت وفق أهواء المنتج. يستعيد البطل حبيبته وتعود العلاقة إلى الحب والوئام بعد سلسلة من المشاكل التي تلقي بثقلها على قصة الحب التائهة.

سينما ودراما
التحديثات الحية

من الواضح أن بعض الكتّاب يتحولون لاحقًا إلى "منفذين" على قاعدة ما يراه المنتج، وليس بالطبع ما تفرضه شروط وأحداث القصة، وكأن شركات الإنتاج تحولت إلى مقص رقيب تجاري، يفرض شروطه على الكاتب الذي يسعى إلى كسب قوته فقط، ويخضع نهاية لطلبات الشركة.

هكذا يمكن للمتابع الوقوع في صدمة، بعد أن يقع المسلسل المكلف في فخ التنميط لهذه النهايات السعيدة التي مر عليها الزمن، كما هو حال روايات "عبير" المعروفة للمراهقين، والتي حققت أعلى نسبة مُتابعة، لعقود سابقة، على اعتبار أن المنتج يرفض أي رؤية تقدمية، مُستجدة، أو ربما صورة واقعية تعطي للمسلسل بعداً قيّماً ينقذه من رتابة الإنتاج العربي الكلاسيكي الذي لم يعد يتماشى مع حقيقة ما يعيشه العالم من تطور في الإنتاجات، ولو جاءت على قاعدة قصص الحب المفترض أن تنتهي نهاية غير سعيدة.

واقع درامي مأزوم، تكسوه دراما "الهجرة" الموازية، ويضع الكتّاب والمخرجين والممثلين في حصار آخر أمام شركات إنتاج تحاول العمل على أسس تجارية بحتة تقيها شر الخسارة، واستغلال متابعة أو نجاح الممثل/ة تحت عنوان فضفاض يسمى "قصة حب"، تعترضها المشاكل، تصل إلى حدود اللاعودة ، لكن فجأة تتبدّل الصورة بسحر "المخرج" ليعود كل شيء إلى ما كان عليه سابقًا، ويختم المشهد الأخير بعودة "الحبيب" حاملاً خاتم الارتباط الأبدي. 

المساهمون