المهرجانات الموسيقية في المغرب تستعيد صخبها بعد الجائحة

31 مايو 2022
يفتتح مهرجان كناوة الموسم الموسيقي في المغرب (جلال مرشدي/ الأناضول)
+ الخط -

تستعيد مهرجانات الموسيقى الكبرى في المغرب صخبها هذا الصيف بعد عامين من التوقّف الاضطراري بسبب جائحة كوفيد-19، ووفّرت هذه المهرجانات للمملكة إشعاعاً و"قوّة ناعمة" على الساحة الثقافيّة الدوليّة.

ابتداءً من يونيو/ حزيران، سيتاح لجماهير الموسيقى الاستمتاع مجدّداً بإيقاعات متنوّعة من أرجاء مختلفة من العالم، من الموسيقى الصوفية الهنديّة، إلى أهازيج كناوة المحليّة، مروراً بالفانك الكوبي وموسيقى تروبيكاليا البرازيلية، في مهرجانات متخصّصة تقام في مدن مغربيّة عدّة، من بينها فاس والصويرة والدار البيضاء.

تستقطب هذه المهرجانات التي تقام بأكثريّتها بمبادرات خاصة آلاف الروّاد من المغرب والخارج، وتوفّر للمملكة واجهة هامة لتحقيق إشعاع دولي.

تقول رئيسة فدراليّة الصناعات الثقافيّة نايلة التازي، لوكالة فرانس برس: "تعتمد الحياة الثقافيّة في المغرب، خصوصاً بعض المهرجانات التي أصبحت شهيرة، على قاعدة صلبة وواعدة".

نجوم وفن
التحديثات الحية

وهي تشكّل "قوة ناعمة مهمة بالنسبة إلى البلد"، وفقاً للتازي التي تنظّم مهرجان كناوة بالصويرة منذ عام 1997.

سيكون هذا المهرجان أوّل مواعيد الموسم الفني في الثالث من يونيو، وقد صار محطّة أساسيّة بين المهرجانات الفنيّة في المملكة. وسيقام الحدث لأوّل مرة هذا العام في صيغة متنقّلة، مقدماً عروضه في مدن الصويرة ومراكش والدار البيضاء والرباط حتى 24 يونيو/ حزيران المقبل.

على مرّ الدورات، نجح هذا المهرجان في إعادة الاعتبار لموسيقى كناوة، وبناء جسور بينها وبين الجاز والبلوز، مستقطباً جمهوراً شاباً يصل إلى 300 ألف متفرّج في ثلاثة أيام.

تعود جذور هذه الموسيقى الروحيّة إلى أحفاد العبيد المتحدّرين من أفريقيا جنوب الصحراء، قبل أن تصير جزءاً من التراث الفنّي الشعبي في المغرب. وقد أدرجتها منظمة اليونسكو ضمن التراث العالمي غير المادي في عام 2019.

يشمل برنامج هذه الدورة عروضاً "لمعلمين"، وهو الاسم الذي يُطلق على فناني كناوة، بينهم مخضرمون وآخرون من جيل الشباب مثل أسماء حمزاوي، وهي من النساء القليلات اللواتي يمارسن هذا الفن الذي يهيمن عليه الذكور.

يستضيف المهرجان أيضاً فنّانين من الخارج مثل مغني الفولك الإنكليزي بيرس فاكيني، والكوبي سيمافانك.

أمّا في مدينة فاس، التي تُعدّ إحدى العواصم التاريخيّة للمملكة، فيعود مهرجان الموسيقى الروحيّة الذي حقّق هو الآخر إشعاعاً دوليّاً خلال دوراته الماضية، في الفترة ما بين 9 و12 يونيو، تحت عنوان "المعمار والمقدس".

ويوضح المدير الفنّي للمهرجان، برونو مسينا، أنّ اختيار هذا الموضوع يرتبط بالتشابه بين الإبداع الموسيقي والبناء المعماري، قائلاً إنّ "كلّ شيء في الموسيقى عبارة عن هندسة وزخرفة، وبناء للخطوط والفراغات والتراكيب".

انطلق هذا المهرجان في عام 1994، وأشادت به منظمة الأمم المتحدة في عام 2001 باعتباره حدثاً رئيسيّاً ساهم في الحوار بين الحضارات. وسبق أن استضاف فنّانين كباراً من أمثال الأيسلندية بيورك والأميركيّتين باتي سميث وباربارا هندريكس.

تتمحور دورة هذا العام على أنشودات فرقة روحاني سيسترز الكلاسيكية الهندية، والفنانة الكازاخستانية سانية إسماعيل التي تؤدّي موسيقى الأويغور التقليدية، وجوقات سردينيا الإيطالية.

كذلك، تستعيد الدار البيضاء مهرجانها للجاز بين 1 و3 يوليو/ تمّوز ببرنامج حافل، يشمل عروضاً لفنانين من قامة جيلبرتو جيل ومولاتو أستاتكي وبن هاربر وإبراهيم معلوف.

في المقابل، يستمرّ غياب مهرجان موازين إيقاعات العالم الذي يُعدّ الأكبر في أفريقيا، وتحتضنه العاصمة الرباط.

تقام هذه المهرجانات تحت رعاية الملك محمد السادس، وهي ليست موجّهة فقط للإشعاع الخارجي، بل تطمح أيضاً إلى استهداف فئات أوسع من الجمهور المحلي.

غير أنّ الاهتمام بالمهرجانات الموسيقيّة لا يزال بعيداً عن أن يمثّل سياسة عامة متكاملة للتنشيط الثقافي في الميدان، ويُسجَّل تقرير رسمي عن نموذج تنموي جديد للمغرب في أفق عام 2035.

وينبّه التقرير إلى أنّه على الرغم من "الدعم الملحوظ لتنظيم تظاهرات وفعاليّات وطنيّة ودوليّة، غير أن هذه العناية لم تجرِ بلورتها كسياسات عموميّة، كما يدلّ على ذلك ضعف الموارد المالية والبشرية المخصصة لها".

(فرانس برس)

المساهمون