المملكة المتحدة تتجهز لقانون السلامة عبر الإنترنت

22 سبتمبر 2022
محاولة لحماية الأطفال من المحتوى الضارّ (Getty)
+ الخط -

تقدّم قضية انتحار المراهقة مولي راسل، عام 2017، بعد مشاهدتها مواد عن إيذاء النفس والانتحار والاكتئاب، على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً "إنستغرام" و"بينترست"، دفعة قوية لتشريع جديد في المملكة المتحدة، يرمي إلى تنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى. ووفقاً لوزيرة الثقافة ميشيل دونيلان، فإن مشروع قانون السلامة عبر الإنترنت سيعود إلى مجلس النواب "بسرعة".
ينصبّ تركيز الحكومة على إزالة المخاطر على نطاق واسع جداً عن منصات الإنترنت، مما يعني أن مشروع القانون لا يهدف فقط إلى معالجة المحتوى غير القانوني الصريح، مثل الإرهاب أو الاعتداء الجنسي على الأطفال، بل وضع قواعد لمعرفة كيفية تعامل أو استجابة أكبر منصات الإنترنت مع المحتوى "القانوني، ولكن الضار".
وعلى الرغم من تعرّض العديد من الأطفال إلى أخطار على الإنترنت تؤثر عليهم وتدفع بهم إلى الانتحار أحياناً، فلا تزال مسألة تعديل مسودة تشريعات الأمان على الشبكة في المملكة المتحدة تُثير الجدل حول تأثيرها على حرية التعبير. بيد أنّ رئيسة الوزراء الجديدة، ليز تراس، أشارت في وقت سابق من هذا الشهر إلى أنها تريد إجراء "تعديلات" مع ضمان عدم الإضرار بحرية التعبير.
وعلى صعيد قضية مولي راسل، قال رئيس سياسة سلامة الأطفال عبر الإنترنت في الجمعية الوطنية لمنع القسوة على الأطفال آندي بوروز: "وفاة مولي مأساة تجد صدى لدى جميع الآباء الذين يقلقون بشأن المخاطر التي يواجهها أطفالهم على الإنترنت... للمرة الأولى سنرى ممثلين عن عمالقة التكنولوجيا يستجوبون تحت القسم حول كيفية مساهمة منصاتهم في وفاة طفل".
ومن المقرّر أن يظهر المسؤولون التنفيذيون من "إنستغرام" و"بينترست" كشهود في جلسة الاستماع التي قد تستمر لأسبوعين، ضمن التحقيق الجاري في وفاة مولي راسل عن عمر 14 عاماً.
وكان متحدث باسم "ميتا"، الشركة الأمّ لـ"إنستغرام"، قد قال لـ"بي بي سي": "تعازينا الصادقة لعائلة مولي، وسنواصل التعاون في هذا التحقيق. لن نسمح إطلاقاً بالمحتوى الذي يروج أو يمجد الانتحار وإيذاء النفس". وجاء في بيان من "بينترست" لـ"بي بي سي" أيضاً: "مكافحة المحتوى حول إيذاء الذات أولوية بالنسبة لنا، ونحن نسعى جاهدين لنضمن أن تلعب بينترست دوراً إيجابياً في حياة الناس".
والد مولي راسل، إيان، الناشط من أجل الأمان عبر الإنترنت، يأمل أن يكون التشريع نقطة تحول. وفي حديثه إلى "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) أخيراً، قال: "آمل أن نتعلم الدروس، وأن يساعد ذلك في إحداث التغيير المطلوب للحفاظ على سلامة الناس وإبقائهم على قيد الحياة".
وقالت وزيرة الثقافة البريطانية ميشيل دونيلان، الثلاثاء، إنّ التغييرات المرتقبة ستركّز على القيود في مجال المحتوى "القانوني، ولكن الضار". لكنّها لم تقدّم تفاصيل دقيقة عن هذه التغييرات، بل اكتفت بالقول إنها ستطرح في مجلس النواب في الوقت المناسب. ومع ذلك، أكّدت أن التغييرات ستركز على انتقاء القيود على البالغين وليس الأطفال. وشدّدت على أن "هذا العنصر يتعلق بالبالغين"، وأنّ الأجزاء المتعلقة بالأطفال والسلامة عبر الإنترنت ستبقى على حالها.
أثار هذا الأمر تساؤلات حول كيفية قيام المنصات التي لا تطلب إثبات العمر بالتحقق من ضمان حماية الأطفال وعدم تعرّضهم لمحتوى قانوني غير مقيد، ولكن ضار. 

وفي ظل إصرار دونيلان على أنّ التشريع الجديد يضمن حماية الأطفال مع رفضها الخوض في تفاصيل كيفية حمايتهم، في حال السماح بالمحتوى القانوني، ولكن الضار، يترقّب المواطنون ما إذا كانت الحكومة ستوصي باختيار الأنظمة الأساسية الثلاثة: (أ) يطبق التقييد على المحتوى بأي حال حتى لا يصل إلى الأطفال، أي بشكل عام تطهير ما يعرف باسم "المحتوى القانوني، ولكن الضار"، أو (ب) يقضي بالتحقق من عمر جميع المستخدمين، أو (ج) يستخدم شكلاً من أشكال تقنية ضمان العمر المستهدفة للمستخدمين الذين يشتبه في أنهم قاصرون، مع استعداد المنصات لتحمل المخاطر القانونية، في حال فشلت في تحديد جميع القاصرين، ووصل بعض المحتوى المحظور إلى الأطفال.
ويضع الجزء الرئيسي من مشروع القانون ضمن أولوياته موفّري وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية التي تنشئ محتوى للمستخدم، والتأكد من فرض عقوبات صارمة على كل من يتصرّف بطريقة خاطئة. كذلك يطاول مشروع القانون الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا التي تفشل في الامتثال. ونظراً لأن الحكومة تتمتع بأغلبية كبيرة في مجلس العموم، فإن لائحة السلامة عبر الإنترنت التي لا تزال في طور الإعداد منذ سنوات يمكن أن تصبح قانوناً هذا العام.
مشروع القانون الذي نُشر في مايو/ أيار عام 2021 شهد سلسلة من المراجعات، ولكن ظلّت الخطة الأساسية ثابتة إلى حد ما، إذ تقدم الحكومة إطاراً مخصصاً للتحكم في كيفية استجابة شركات وسائل التواصل الاجتماعي والمنصّات التي تركز على المحتوى لأنواع معينة من المحتوى الإشكالي، وليس المحتوى غير القانوني فقط. ومن المقرّر أن تشرف هيئة تنظيم وسائل الإعلام والاتصالات "أوفكوم" على إنفاذه، في دور موسع إلى حد كبير وصلاحيات وغرامات ضخمة لمنتهكي القواعد، تصل إلى 10 في المائة من حجم أعمالها السنوي العالمي.

المساهمون