المسلسل التركي "اللهيب": دعوة النساء لعدم انتظار الموت أمام أطفالهن

11 ديسمبر 2020
المسلسلات التي تقترب من واقع المجتمع تسيطر على نسبة المشاهدة (فيسبوك)
+ الخط -

يعتبر الموسم الدرامي التركي الحالي من أقوى المواسم، إذ بات أقرب إلى ملامسة الواقع، ليس التركي فقط بل والعربي، وذلك في القضايا التي تسلط الدراما الضوء عليها بكل شجاعة، وعلى رأسها العنف بكل أنواعه، وتحديداً ضد الأطفال والنساء.

واستطاعت المسلسلات التي تقترب من واقع المجتمع السيطرة على نسبة المشاهدة، التي ظلت لفترة حكراً على الأعمال الرومانسية، أو حرب العصابات.

ومن ضمن هذه المسلسلات التي باتت حديث الناس، مسلسل "اللهيب" الذي بدأ عرضه مؤخراً، ويسلط الضوء على العنف ضد المرأة، ويتضمن دعوة صريحة لعدم السكوت على أي عنف تتعرض له النساء.

ويحكي المسلسل قصة ثلاث نساء، تتغير حياتهن بعد حريق يندلع خلال حفل خيري، وهن "جميري" المتزوجة من "جلبي" رئيس البلدية السابق، وتتعرض للتعنيف والظلم ويدّعي زوجها أنها مريضة نفسية، وأنها حاولت الانتحار، ويستخدم نفوذه لمنع المحامين من تولي قضية الطلاق التي تريد أن ترفعها ضده، ويهددها بأخذ طفلتها خارج البلاد حتى تصمت عن حقها.

الثانية "رؤيا" الفتاة الجميلة والثرية والتي تعيش حياة رفاهية، دون أن تغوص في عمق الحياة، والثالثة "شيشيك"، الفتاة اليتيمة التي تعمل خادمة لدى "رؤيا" ومخطوبة لحب حياتها "علي".

لكن الحريق غير مسار حياة هؤلاء النساء، وعلى رأسهن "جميري" التي تبدأ معركتها مع زوجها ونفوذه لجعل الجميع يصدق أنها ليست مريضة، ولم تحاول الانتحار، وأنها تتعرض للتعنيف من قبله.

يتناول العمل قوة تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في إيصال صوت النساء المعنفات، حين تواجه جميري الصحافة عندما تذهب إلى قسم الشرطة، فتقول إنها لم تأت لتسلم نفسها، بل لكي تحارب زوجها، ولن تكون أمّاً تنتظر الموت أمام عيني طفلتها.

وبسبب نفوذ زوجها تمتنع وسائل الإعلام عن بث كلامها، فتتولى قريبتها "رؤيا" إرسال الفيديو عبر الواتساب إلى أصدقائها، ويتم تداوله في تركيا على نطاق واسع، ويتعاطف معها الجميع، وحتى المشاهير، إذ استعين بممثلين ظهروا في الحلقة الرابعة بشخصياتهم الحقيقية لدعم قضية جميري ورفضهم العنف.

فقد ظهر الممثل باريش فالاي في فيديو يقول فيه إنه قرأ خبراً جعله يخجل من كونه رجلاً، مضيفاً "تمرد جميري كايابيلي قطع قلبي".

كما ظهرت بطلة مسلسل" الحفرة" الممثلة داملا سونماز، وشاركت الفيديو لديها وقالت كلاما مؤثراً، مشيرة إلى أنها إن لم تشارك الفيديو لديها فستتعرض هي مستقبلاً للتعنيف، "عندما نسكت يظنون أن الساحة فارغة"، تقول سونماز.

حظي المسلسل بإعجاب الجمهور العربي، وخصوصاً لدى المهتمين بقضايا المرأة، وتمنى عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن تقدم الدراما العربية أعمالاً مشابهة، تنقل واقع النساء.

وكان لافتاً التركيز على إظهار مدى التمييز الذي تتعرض له النساء، حتى لدى وقوع كارثة. فخلال الحريق يذكر الصحافي أوزتن في تقريره إن أغلب الناجين من الحريق رجال، في إشارة إلى عدم أهمية حياة المرأة لدى الرجل.

وفي مشهد لشيشيك التي يظن الجميع أنها ماتت والتي تتعرض للتشوه بعد أن دفعها اسكندر وسط النيران لينجو هو، تقول إن الرجال لم يلتزموا بالتعليمات عندما طلب منهم إخلاء النساء والأطفال أولاً، وإنهم كانوا يدفعون النساء، وإن "شمال" ابنة الطبيبة توفيت دهساً تحت أقدام الرجال.

ورغم أنه حتى الآن عرض من المسلسل خمس حلقات فقط، إلا أنه احتل المركزالخامس ضمن المسلسلات العشرة الأكثر بحثاً في تركيا على غوغل للعام 2020 .

والمسلسل مقتبس من المسلسل الفرنسي "من بعد الحريق" La base de la Charite،  الذي تدور أحداثه في 1897 وعرض على شبكة نتفليكس، ولكن عُدّلت النسخة التركية  لتكون الأحداث في العصر الحالي.

وخضعت بطلة المسلسل ديميت افجار التي تؤدي دور جميري، لجلسات لدى معالجة نفسية، من أجل التجهز للدور الذي يعتبر معقداً نفسياً ويحتاج لكثير من الانفعالات النفسية من أجل إيصال مشاعر المرأة المعنفة كما يجب.

أما هازار أرجوتشلو التي تؤدي دور شيشك وتعرضت للتشوه بسبب الحريق، فيستغرق عمل المكياج الذي تظهر به خمس ساعات يومياً من العمل لتبدو آثار الحروق كأنها حقيقية.

المساهمون