المخرجون اللبنانيون... خبرة "الكليبات" تحت تصرّف الدراما

01 فبراير 2021
يُعرض منذ أسبوع مسلسل "حادث قلب" إخراج رندة العلم (أرشيف)
+ الخط -

في ظل بقاء الناس في بيوتهم، يزداد الطلب على إنتاج الدراما اللبنانية والعربيَّة، خصوصًا الدراما الخاصة بالمنصّات الإلكترونيّة التي بدأت تستحوذ على الإنتاج الدرامي منذ حوالي ثلاث سنوات. إذ فرضت هذه المنصّات إنتاج أعمالٍ لا تتجاوز حلقاتها الـ15 حلقة، ولا يتجاوز طول الحلقة الواحدة أحيانًا 20 دقيقة. وشكّل سوق الإنتاج اللبناني قفزةً نوعية في هذا النوع من الدراما، إذْ برز مخرجون لبنانيون، بعد أنّ كان عملهم مقتصرًا على الإعلانات والأغاني المصوّرة (فيديو كليب) والبرامج التلفزيونيّة. نذكر منهم مثلاً:   

رندة العلم
يُعرض منذ أسبوع مسلسل "حادث قلب" من نص لوليد زيدان، وإخراج رندة العلم. بدأت العلم الإخراج في نهاية التسعينيات من القرن الماضي. وحصدت كليباتها نجاحًا كبيرًا خلال العشرين عاما الماضية، وخصوصًا لجهة الصورة والألوان. ويبدو أنّ خبرة العلم قد استقرت في تجربة خجولة كمخرجة مساعدة في فيلم "بحر النجوم" عام 2008. ورغم الميزانيات المتواضعة التي تضعها شركات الإنتاج اللبنانية، استطاعت العلم توظيف معايير جديدة في عملها الدرامي "حادث قلب"، خصوصًا بعد تجربتها في مسلسل "ديفا" عام 2019، والتي جمعت بين سيرين عبد النور والسعودي يعقوب الفرحان. ولكنْ عرض "ديفا" على منصّة "شاهد" قلّل من فرص انتشار العرض، ولم تسجّل العلم الهدف المرجو من جهدها. في "حادث قلب" محاولة من العلم من أجل الربط بين طريقة التصوير السينمائية والنص الدرامي. تحاول لملمة المشاهد بكثيرٍ من الدقة والثبات، رغم أنّ النص يعاني من ضعفٍ بسيط في الحوار بين الممثلين. لكنْ هذا لا يلغي أهمية تجربة العلم كمخرجة واعدة وجادة، تعرف ماذا تريد، وتشير إلى تفاصيل دقيقة في الأعمال المصورة. وهذا ما يفتح الباب أمام توظيف قدرات العلم التي تأخّرت حوالي 10 سنوات عن العمل في الدراما المحلية والعربية داخل لبنان

فيليب أسمر
لم يدرس فيليب أسمر الإخراج، بل كان مجرّد هاوٍ للتصوير. في عام 2009 وظّفه الكاتب اللبناني شكري أنيس فاخوي، كي يعملَ كمخرجٍ مساعد لسمير حبشي في مسلسل "سكة حب". من هذه الفرصة، بدأ أسمر مشواره في الإخراج، مستفيدًا من أي فرصة أخرى كي يظهر موهبته. بدايات فيليب أسمر في الدراما المحلية اللبنانية لم تكن على قدر من الأهمية، بل ضاعت في النصوص اللبنانية الضعيفة من جهة الحوارات والموقف. لكن التجربة المشتركة التي خاضها أسمر مع المنتج الأردني في مسلسل "جذور" عام 2013، أوّل عمل عربي مشترك يقوم بإخراجه، فتح له باب الدخول من أجل تنفيذ مسلسلات أخرى. وعمّق مسلسل "عشق النساء" عام 2014 التعاون بين أسمر والمنتجين في لبنان، إذْ حمل العمل حرفية ودقة عاليّة، وتوظيفًا جيدًا للأدوار. وقام أيضًا بالاستعانة ببطولة سورية من خلال الممثل باسل خياط. هذا الأمر، عزّز من حضور الممثلين السوريين في لبنان، وتحوّل وجودهم إلى قاعدة يعتمد عليها سوق الإنتاج اللبناني، وذلك من أجل ضمان بيع ونجاح هذه المسلسلات العربيّة. ربما ما يميز أسمر، هو خروجه من دائرة الصورة الضيقة، وبلوغه مرحلة متقدمة في اختيار المشاهد. كما من الواضح تأثره بالصناعة الدرامية التركية في عدد من المسلسلات  مثل "خمسة ونص" (2019) وأخيرًا "لا حكم عليه" (2020). كل هذا جعل معظم المنتجين اللبنانيين يسعون للعمل معه. 

سعيد الماروق
لم يكن المخرج اللبناني سعيد الماروق حاضرًا أبدًا في عالم الدراما التلفزيونيّة. في عام 2014 أعلنت شركة "إيغل فيلم" عن مسلسل جديدٍ "24 قيراط" من بطولة سيرين عبد النور وعابد فهد وماغي بو غصن. وأولت الشركة مهمة الإخراج إلى الماروق الذي حضر المؤتمر الصحافي لإطلاق العمل، لكنّه اعتذرَ عن الأمر بعد ذلك. لاحقًا، اتّجه إلى الأفلام المصريّة، وفي رصيده حتّى الآن فيلمان سينمائيان، هما "365 يوم سعادة" (2011) و"فلوس" (2019). لا سبب وجيهاً يشرح غياب الماروق عن عالم الدراما التلفزيونية، بعدما أثبت لما يزيد عن 15 عاماً مقدرته الجيدة على صناعة سيناريو درامي أو ترفيهي أو كوميدي أو إنساني في عالم "الكليبات" المصورة.

وليد ناصيف
قد يكون المخرج اللبناني الوحيد الذي لم يحقق هدفه في عالم الدراما المشتركة هو وليد ناصيف. مسلسل "جريمة شغف" عام 2016 أصيبَ بفشلٍ كبير بعد عرض الحلقات الخمس الأولى. رغم محاولات الممثلين قصي خولي وأمل عرفة ومنى واصف رفع مستوى الحركة في المسلسل. إلا أنّ الضعف الواضح في الإخراج أسقط ناصيف في خسائر فادحة، مالية وشعبية ونقدية.  

شارل شلالا
مشكلة شارل شلالا، هي فقدان الإحساس الكامل بالصورة أو المشهد، رغم أنّه يعتبر من الجيل الثاني من المخرجين اللبنانيين. في جعبة شلال مسلسلان، الأوّل هو "وأشرقت الشمس" عام 2013 (نص منى طايع وبطولة يوسف الخال ورولا حمادة)، وأخيرًا مسلسل "من الآخر" عام 2020 من نص لإياد أبو الشامات. شلالا "لاعب وسط" كما يصفه النقاد، إذْ ينقل روحية النصوص بإخلاص بعيدًا عن إضافة أي حماس أو "أكشِن". أعماله تفتقد إلى روح التفاعل الضرورية مع المشاهد، إذْ يعتمد عن النمط الرومانسي الهادئ، وهذا ربّما ما يؤخّر تقدمه رغم رؤيته وإمكاناته الإخراجية المختلفة. 

إنجي جمّال
تدخل المخرجة، إنجي جمّال، قريباً عالم الدراما العربية، بعدما استطاعت لسنوات قطفَ نجاح كبير في تعاونها الفني مع المغنين اللبنانيين والعرب، أبرزهم إليسا التي قدمت لها مجموعة من أفضل أعمالها الغنائية المصورة. أعمالٌ لم تخلُ من جهد واضح لجهة القضايا الخاصة بالمرأة والمجتمع. وحققت، إضافة إلى ذلك، أعلى نسبة مشاهدات. كما يدخل المخرج، جو بو عيد، عالم الدراما قريباً في مسلسل قصير لحساب شركة "إيغل فيلم".

المساهمون