إذا أخذنا جولة سريعة على قنوات "يوتيوب" العربية في أيام المونديال، سنلاحظ أن جميع صانعي المحتوى يتحدثون عن كرة القدم. لن يعجز أحد عن الوصول إلى مدخل يصل من خلاله إلى المونديال، حتى وإن كان لا يفقه شيئاً في كرة القدم، إذ سيجد طريقة تجعل محتواه يتناغم مع الحدث الكروي الضخم الذي يُقام للمرة الأولى على أرض عربية.
وكان متوقعاً أن يصدر المصري أحمد الغندور مجموعة من الحلقات المرتبطة بكرة القدم في برنامجه الشهير "الدحيح"، بعدما قدم عدداً من الحلقات ذات الصلة بتاريخ كرة القدم، أو ببعض النجوم الأكثر شهرة على مستوى العالم. إلا أن المفاجأة كانت بإعلانه عن إنهاء موسم "الدحيح" رسمياً مع انطلاقة بطولة كأس العالم لكرة القدم، والعودة بعد أسبوع ببرنامج جديد له قالب مغاير، وهو "الكورة مع السلامة" الذي قدمه على قناة "الدحيح" الخاصة بعدما هجرها منذ خمسة أعوام.
يتنقل الغندور بنسخ متشابهة من برنامج "الدحيح" بين "كبريت +AJ" و"متحف المستقبل" ومنصة شاهد. في "الكورة مع السلامة"، يتخلى أخيراً عن شخصية "الدحيح" التي لازمته منذ البداية، ويستبدلها بأربع شخصيات يبني بينها علاقة ركيكة في استوديو يقدم فيه الإعلامي "سلامة" برنامج "الكورة مع السلامة"، مع ضيفه الدائم "الكابتن سيد"، ويعتمد بشكل كلي على مراسله "بشير" (صديق صاحب القناة، الحاج محمد الوكيل) الذي يتكفل بتقديم كل ما يُقال في البرنامج، حين يسافر بآلة الزمن إلى النسخ السابقة من المونديال، من دون أي تناغم مع باقي الشخصيات في الاستوديو.
ومن خلال أول حلقتين من البرنامج، نلاحظ أن الغندور سيركز في كل حلقة على الجانب التاريخي في علاقة بلد ما مع كرة القدم، لتحمل كل حلقة اسم دولة. الغريب أنه لم يُركز على الدول التي تشارك منتخباتها في النسخة القطرية من المونديال، فالحلقة الثانية كانت عن كولومبيا، بعد أن قدم الحلقة الأولى عن البرازيل.
وفي صندوق وصف الحلقة الأولى، أشار الغندور إلى أنه يحاول في برنامجه سرد حكاية صور خالدة في ذاكرة كرة القدم: "وراء كل صورة بسيطة تسبب حزنا أو فرحاً، هناك دوماً قصة أكبر وأعمق. يحاول هذا البرنامج أن يكشف الجزء الخفي من الصورة والأسباب الحقيقية للمشاعر". ربما تبدو الفكرة جذابة بعض الشيء، لكنها طرحها الآن لا يبدو خياراً موفقاً، لأن المتابعين يفضلون الاستماع إلى التحليلات الرياضية والتركيز على النسخة الحالية من المونديال.
والأسوأ من مسألة التوقيت هو القالب الفاقع الذي اختاره الغندور، إذ يشوش فيه على الحكاية التي يسردها بشخصيات لا تقدم أي إضافة، ولا تؤدي سوى بالصراخ والانفعالات المجانية. من المفترض أن سبب وجود هذه الشخصيات هو إضافة نكهة كوميدية للبرنامج، وهو ما يفشل فيه الغندور.
الغندور يعرف جيداً سرد الحكايات، فكانت أفضل حلقات "الدحيح"، بمختلف نسخه وعلى مدار السنين، هي تلك التي يسرد فيها حكايات تاريخية عن الأحداث الكبرى أو الشخصيات الشهيرة. وفي برنامج "الكورة مع السلامة"، يتمكن الغندور من سرد حكايات تاريخية شيقة من كرة القدم، وغنية بالتفاصيل التي تختلف إلى حد بعيد عن الحكايات الشائعة التي تتناقلها القنوات الرياضية على "يوتيوب"، وهو ما يُحسب للبرنامج.
لكن المشكلة في "الكورة مع السلامة" تتعلق ببنيته التي تشوش على الحكاية وتزيد من مدة الفيديو عدة دقائق من دون مبرر. ربما لو قدم الغندور الحكاية نفسها بسلسلة حلقات من برنامج "الدحيح" لكان الوضع أفضل، خصوصاً أن أسلوب السرد الذي يستخدمه المراسل "بشير" ليس سوى أحد التنويعات الصوتية التي كان يستخدمها في "الدحيح" عندما كان يلقي معلومة يوحي بأنها استعراضية وزائدة عن الحاجة.