القناة المغربية الثانية... حلّة جديدة وأزمة مالية قديمة

28 ديسمبر 2020
نشرات تركز على تحليل الأخبار بدلاً من سردها (دوزيم)
+ الخط -

منتصف ديسمبر/كانون الأول الحالي، توفي المذيع المغربي، صلاح الدين الغماري، فجأة وقبل أن يبدأ برنامجه الجديد الذي جاء ضمن تشكيلة من البرامج الجديدة للقناة المغربية الثانية. لكن هذه ليست مشكلة القناة الوحيدة. إذ لا تزال القناة تواجه مشاكل مالية بدأت منذ مدة طويلة ولا تأكيدات على أنها ستحل قريباً جداً. ورفعت القناة المغربية الثانية، المعروفة اختصاراً بـ2M (دوزيم) الستار عن حلتها الجديدة التي تضمنت نشرات إخبارية بحلة جديدة تركز على تحليل الأخبار بدلاً من سردها.

الجمهور يتغير... القناة كذلك
‎نقل موقع القناة عن مديرها، سليم الشيخ، قوله: "لقد تغيرت عادات الوصول إلى الخبر لدى مشاهدينا. إذ بحلول وقت تتبعهم لنشراتنا الإخبارية، تكون الأخبار العاجلة قد وصلتهم على هواتفهم الذكية عبر المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي. مهمتنا الآن هي تمكينهم من فهم هذه الأخبار، والتحقق من صحتها عبر التأكد من عدم كونها أخباراً مزيفة أو معلومات مضللة، ومن ثم معالجتها بعمق، وفك رموزها ومناقشتها".

وإلى جانب نشرات الأخبار الجديدة، شرعت القناة في عرض برامج ومجلات إخبارية وحوارية جديدة، مع استوديو أكثر تقدماً. من بين هذه البرامج برنامج أسبوعي يحمل اسم "صوتكم"، كان من المفترض أن يقدمه صلاح الدين الغماري، قبل أن تباغته سكتة قلبية غيبته عن الجمهور، قبل حتى أن يظهر في حلقة أولى. لكن هذا ليس مشكل القناة الوحيد. إذ تعاني القناة الثانية من أزمة مالية اعترف بها مدير القناة شخصياً. 

أزمة مالية تلاحقها
رفعت الحكومة المغربية دعم القناة الثانية من 45 مليوناً إلى 65 مليون درهم في فترة 2017 و2018، لكن خسائر القناة تجاوزت 41.2 مليار سنتيم في سنة 2018، وأضحت مهددة بالإفلاس، يقول موقع "هسبريس" المغربي. 

وانتقل وضع "دوزيم" المالي إلى ردهات المحاكم. إذ سبق وأوردت صحيفة "المساء" المغربية أن شبهات فساد وإهدار للمال العام تحوم حول صفقات القناة، وأن الموضوع قد وصل إلى الوكيل العام للملك. وأوضحت الصحيفة أن الجمعية المغربية لحماية المال العام قد تقدّمت بشكوى أمام النيابة العامة، استناداً إلى تقارير رسمية تتعلق بـ"جرائم معاقب عليها بمقتضى القانون الجنائي". 
وذكرت الجمعية حينها أن ما توفر لديها من معلومات يشير إلى شبهة تبديد أموال عامة وخرق قانون الصفقات العامة وغيرها من الاختلالات.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

هل تزيد الحكومة دعمها؟
مدير القناة، سليم الشيخ، يؤكد أزمة القناة المالية. خلال لقاء له مع موقع "ميديا24"، قال إن تحديث المعدات، الذي استنزف 25 مليون درهم، تطلّب ثلاث سنوات بسبب "الوضع المالي الصعب وتراجع الاستثمارات إلى أدنى مستوى لها"، بحسب عباراته. 

وبحسب تصريحات الشيخ، سواء بالنسبة لسلطات المحاسبة أو في البرلمان، "هناك إجماع تقريباً على حقيقة أن النموذج الاقتصادي الحالي لـ2M غير مستدام"، "في الواقع، من المستحيل التوفيق بين مهمة خدمة عامة ذات تكلفة عالية ونموذج يعتمد 95 في المئة من الإعلانات و5 في المئة من دعم الدولة".

فكرة كان يتفق معها وزير الثقافة السابق، الحسن عبيابة، الذي سبق أن أوضح خلال مؤتمر صحافي بأن "ميزانية القناة الثانية تعتمد بنسبة 90 في المئة على إيرادات الإعلانات، التي تراجعت بشكل كبير في الفترة الأخيرة وتوزعت على وسائل الإعلام المختلفة، ما أسهم في نقص مواردها المالية".

ورأى الشيخ أن دعم الحكومة لا يتناسب مع مهمة القناة كجزء من التلفزيون الرسمي، "هذا يخلق وضعاً صعباً؛ ولكن يوجد اليوم إجماع واسع جداً على حقيقة أن هذا لا يمكن أن يستمر وأنه يجب إيجاد الحلول التي تجري دراستها". 

يقترح الشيخ أن تكون إيرادات القناة من الحكومة بنسبة 30 في المئة بدلاً من 5 في المئة فقط الحالية. ويضرب المثل  بالتلفزيون الرسمي الفرنسي الذي يجني 70 في المئة من إيراداته من الإعانات المقدمة من الدولة، و30 في المئة من الإعلانات. ويقدم تجارب مماثلة في ألمانيا وبريطانيا. وفي نظره "توضح هذه الأمثلة أن نسب التمويل يمكن أن تكون متغيرة، وأنه يمكن الاستمرار في تمويل مجموعة 2M عن طريق الإعلانات ولكن ليس بمعدل 95 في المئة".
وانعكست أزمة القناة على  التوظيف. فعملية إضافة المزيد من المواهل لا يزال مجمداً، إلا من الموظفين المستقلين، وهو ما يبرره الشيخ بترشيد التكاليف.

ولم يكشف الشيخ في حواره مع الموقع عن موعد محدد لإقرار العقد الجديد بين الحكومة والقناة من أجل تغيير نسب الدعم وإنقاذ القناة، وكل ما يقوله هو أنه يأمل في أن يحدث هذا في أقرب الآجال، ربما في العام المقبل، من دون تأكيد.

المساهمون