القضاء الإيراني: المخرج جعفر بناهي سيمضي عقوبة بالسجن 6 أعوام

19 يوليو 2022
من أبرز الأسماء في السينما الإيرانية المعاصرة (كافح كاظمي/Getty)
+ الخط -

 

أكدت السلطة القضائية الإيرانية، الثلاثاء، أن على المخرج المعارض جعفر بناهي الذي أُوقف الأسبوع الماضي، تمضية عقوبة بالسجن ستة أعوام صدرت في حقه قبل أكثر من عقد من الزمن. وقال المتحدث باسم السلطة القضائية، مسعود ستايشي، في مؤتمر صحافي إن "بناهي حُكم عليه عام 2010 بالسجن ست سنوات (...) وعليه أدخل مركز الاحتجاز (السجن) في إوين (في طهران) لقضاء هذه العقوبة"، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس.

في 11 يوليو/تموز، كشفت وسائل إعلام إيرانية عن توقيف بناهي، ليصبح ثالث مخرج يعلن احتجازه خلال أيام، بعد محمد رسولوف ومصطفى الأحمد. وأوضحت وكالة مهر حينها أن بناهي أُوقف "في أثناء حضوره إلى النيابة العامة في طهران، لمتابعة ملف مخرج آخر هو محمد رسولوف".

بناهي (62 عاماً) من أبرز الأسماء في السينما الإيرانية المعاصرة، ونال جوائز دولية أهمها جائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم في مهرجان برلين السينمائي عام 2015 عن "تاكسي طهران"، وأفضل سيناريو في مهرجان كانّ عام 2018 عن "ثلاثة وجوه".

أتى توقيف بناهي الذي سبق أن حُكم عليه بالسجن والمنع رسمياً من إعداد الأعمال السينمائية في بلاده بعد الكشف عن توقيف المخرجَين محمد رسولوف ومصطفى الأحمد، بتهمة "الإخلال بالنظام العام" في إيران. عُرفت عن بناهي مواقفه المعارضة للسلطات في بلاده. أوقف عام 2010، وأدين لاحقاً بتهمة "الدعاية ضد النظام" السياسي للجمهورية الإسلامية، وحكم عليه بالسجن ستة أعوام، ثم أطلق سراحه، ووضع تحت الإقامة الجبرية، ممنوعاً من مغادرة إيران، أو إجراء مقابلات، ومزاولة أي نشاط سينمائي، وذلك في أعقاب تأييده التحركات الاحتجاجية التي تلت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد عام 2009.

وكشف الإعلام الرسمي عن توقيف رسولوف والأحمد بتهمة "الإخلال بالنظام العام"، بعد مساندتهما لتحركات احتجاجية شهدتها مناطق إيرانية على خلفية انهيار مبنى جنوب غربيّ البلاد، في مايو/أيار، بحادثة أودت بـ43 شخصاً. سبّب انهيار مبنى متروبول الذي كان قيد الإنشاء في آبادان، في محافظة خوزستان، كارثة تُعَدّ من الأسوأ في الجمهورية الإسلامية خلال الأعوام الماضية، تلتها تحركات في مدن عدة تضامناً مع عائلات الضحايا، واحتجاجاً على الفساد وعدم الكفاءة، وللمطالبة بمحاسبة المسؤولين.

ونشرت مجموعة من السينمائيين الإيرانيين، بقيادة رسولوف، رسالة مفتوحة في أواخر مايو، دعت فيها قوات الأمن إلى "إلقاء أسلحتها"، في مواجهة الغضب من "الفساد والسرقة وعدم الكفاءة والقمع". كذلك، كان رسولوف وبناهي من ضمن الموقعين في الشهر نفسه على كتاب مفتوح ينتقد توقيف السلطات الإيرانية عدداً من زملائهم في تلك الفترة.

وقد أعربت فرنسا، الجمعة، عن قلقها العميق حيال الاعتقالات "التعسفية" التي طاولت المخرجين الثلاثة. وقالت الخارجية الفرنسية إن بناهي ورسولوف "اعتُقلا تعسّفاً" مع المخرج مصطفى الأحمد، خلال يوليو/تموز الحالي. وأضافت أن فرنسا "قلقة للغاية حيال هذه الاعتقالات واعتقال شخصيات إيرانية أخرى منخرطة في الدفاع عن حرية التعبير في بلادها"، مشيرة إلى "تدهور مقلق في أوضاع الفنانين في إيران". وطالبت باريس بالإفراج الفوري عن المخرجين، داعية طهران إلى احترام الالتزامات الدولية بضمان "الممارسة الكاملة لحرية التعبير والإبداع".

وعلى الرغم من الضغوط السياسية، فإن إيران تتمتع بصناعة أفلام مزدهرة، ودائماً ما تكون لأفلام مخرجيها حصة من جوائز المهرجانات الدولية الكبرى كل عام. وقد طالب مهرجان فينيسيا، أعرق المهرجانات السينمائية العالمية، الثلاثاء الماضي، بـ"إطلاق سراح فوري" للمخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي. وفي بيان، أعرب بينالي فينيسيا، وهو الجهة المشرفة على المهرجان السينمائي في المدينة الإيطالية، عن "عميق الاستياء" بعد توقيف المخرج "لتظاهره مع زملاء آخرين ضد توقيف السينمائيَّين الآخرَين محمد رسولوف ومصطفى الأحمد". وأضاف البيان: "يضم بينالي فينيسيا صوته إلى أصوات أخرى كثيرة علت في العالم للتنديد بأعمال القمع الحاصلة، ويطالب بإطلاق سراح المخرجين الموقوفين فوراً"، وفق ما نقلته وكالة فرانس برس.

جاءت هذه الدعوة بعد استقبال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الإثنين الماضي، في روما، من جانب نظيره الإيطالي لويجي دي مايو.

كما دعا عشرات الفنانين والسينمائيين الإيرانيين، في بيان، إلى الإفراج عن رسولوف والأحمد. وقد تجاوز عدد الموقعين على البيان الـ200. ومن بين الموقعين على البيان أصغر فرهادي، وفاطمة معتمد آريا، وجعفر بناهي وترانة عليدوستي، وكتايون رياحي.

وأعربت إدارة مهرجان برلين السينمائي الدولي عن صدمتها من تعرض فنانين للسجن لمجرد معارضتهما للعنف ودعوتهما لنبذه. وحضت إدارة المهرجان على إطلاق سراح رسولوف والأحمد.

شهدت الآونة الأخيرة توقيف عدد من الأسماء المعروفة في إيران، من بينهم مصطفى تاج زادة، أحد أبرز وجوه التيار الإصلاحي الذي سبق أن شغل منصباً حكومياً، في الثامن من يوليو. وأوضح ستايشي الثلاثاء أن الأخير "قيد التوقيف الاحتياطي في إوين"، ومتهم "بالتجمع والتآمر ضد الأمن القومي والدعاية ضد الجمهورية الإسلامية". شغل تاج زادة منصب نائب وزير الداخلية في عهد الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي (1997-2005). إلا أنه أدخل السجن في 2009، على هامش الاحتجاجات التي تلت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، وأدين بالمسّ بالأمن القومي والدعاية ضد النظام السياسي، وأطلق سراحه في 2016.

المساهمون