الفنون في قلب الاعتصامات الجامعية: موسيقى ورسم وصور

28 ابريل 2024
في جامعة كولومبيا، أبريل 2024 (ديفيد دي ديلغادو/ رويترز)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في جامعة كولومبيا، استخدمت الفنون كوسيلة للتعبير عن التضامن مع الفلسطينيين، حيث شملت الفعاليات ورش عمل فنية ومشاركة المصور الفلسطيني معتز عزايزة لتوثيق معاناة غزة.
- هيئة تدريس الفنون والموسيقى بجامعة كولومبيا أظهرت دعمها للطلاب المعتقلين من خلال خطاب تضامني، مؤكدين على العلاقة بين الفن والسياسة ودور الأكاديميين في تعزيز الوعي.
- الأنشطة الثقافية والفنية كانت جزءًا أساسيًا من مخيمات الاعتصام، تضمنت الرقص، الغناء، وعروض موسيقية، بالإضافة إلى تنظيم ركن فني يحمل أسماء الفلسطينيين الشهداء، معززةً رسائل التضامن.

عادة ما تكون الفنون لصيقة بفعل الاحتجاج، إذ تختزل الفكرة وتلخّص أهداف المحتجين ومطالبهم في بضعة خطوط مرسومة. لذا كان الفن سمة رئيسية في مختلف الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ولذا أيضاً بدأت فعاليات مخيّم التضامن مع غزة في جامعة كولومبيا الأميركية، بورش عمل صغيرة لطباعة الشاشة الحريرية ورسم وتلوين وكتابة اللافتات.
ارتدى المتظاهرون قمصاناً وأوشحة طُبعت ولُوّنت داخل المخيم. وتشير الكتابات عليها إلى الشعارات الرئيسية التي يرفعها المحتجون منذ الأيام الأولى للاعتصام، والمطالبة بوقف إطلاق النار وتحرير فلسطين وإخلاء الحرم الجامعي من شرطة نيويورك. من بين المتحدثين الذين ظهروا على الصفحة المخصصة لأخبار الاعتصام على منصة إنستغرام كان معتز عزايزة، المصور الفلسطيني الذي وثق جرائم الاحتلال في غزة لأكثر من مئة يوم. زار عزايزة المحتجين في جامعة كولومبيا، وحدثهم عن المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون منذ عقود تحت الاحتلال.

هيئة تدريس الفنون البصرية والموسيقى

لم تكن هذه هي المظاهر الوحيدة لحضور الفنون في الاحتجاجات الطلابية المتزايدة في الجامعات الأميركية، إذ شارك في هذه الاعتصامات وأيدها عدد كبير من الفنانين والعاملين في أقسام الفنون البصرية داخل هذه الجامعات. بعد اعتقال أكثر من 100 طالب في جامعة كولومبيا أرسل 11 عضواً في هيئة تدريس الفنون البصرية والموسيقى خطاباً تضامنياً مع طلابهم. أعلن الموقعون في هذا الخطاب أنهم يدافعون عن حقوق الطلبة الدستورية في التجمع والتعبير، ويطالبون بإلغاء جميع عمليات الإيقاف، ومحو السجلات التأديبية للطلبة المعاقبين، والسماح لجميع الطلبة بالعودة إلى مساكنهم الجامعية التي مُنعوا من دخولها. جاء في الخطاب: "أنتم جوهر الجامعة، وتعليمكم هو أولويتنا الوحيدة، والنضال من أجل ذلك عند الضرورة هو مسؤوليتنا القصوى".
هيئة تدريس الفنون في جامعة كولومبيا لم تكن وحدها التي أظهرت دعمها للمعتصمين في الجامعات الأميركية، إذ ارتفعت أصوات الأكاديميين والفنانين المتضامنين مع الطلبة خلال الأيام القليلة الماضية في معظم الجامعات. كما شارك بشكل مباشر في هذه الاحتجاجات بعض الفنانين الأميركيين وغير الأميركيين، الذين قاموا بزيارات متفرقة لمخيمات الاعتصام في عدد من الجامعات. بين هؤلاء كان فنانو المعرض الاحتجاجي الذي أقيم في مركز يربا بوينا للفنون تحت عنوان رسائل إلى فلسطين.
على الصفحة المخصصة لأخبار الاعتصام على إنستغرام أعرب العديد من المُشاركين في الاعتصام عن دهشتهم من الدعاية الزائفة التي يروج لها في وسائل الإعلام الأميركية حول العنف والمشاعر المعادية لليهود المنتشرة في هذه الاحتجاجات. يقول أحد الطلبة المشاركين إن احتجاجهم سلمي وهادئ ويشارك فيه طلاب ينتمون لأديان مختلفة أو لا دينيون، وبينهم كذلك طلاب يهود رافضون للجرائم الإسرائيلية.
في مخيمات الاعتصام يقضي الطلاب أيامهم في الجلوس والقراءة أو التجمع لقراءة الشعر أو الغناء والرقص وحضور عروض الأفلام. كما أقام المعتصمون في جامعة كولومبيا ورشة عمل لصناعة الطائرات الورقية وتلوينها. بين العروض الفنية التي نظمت في اعتصام جامعة كولومبيا أيضاً كانت العروض الموسيقية حاضرة بكثافة ملحوظة، وكان من بين مقدمي هذه العروض أحد أعضاء هيئة التدريس، وهو عازف تشيلو، وقد عزف مراراً النشيد الوطني الفلسطيني.
كما أقام الطلاب ركنًا فنياً للملصقات واللوحات والأعلام الصغيرة التي كتب على بعضها أسماءً حقيقية لفلسطينيين استشهدوا في غزة.

الصور الغرافيكية

بين الأعمال التي عرضها الجامعيون في ساحة الاعتصام صورة غرافيكية استُبدل خلالها التمثال البرونزي الشهير في ساحة جامعة كولومبيا بتمثال آخر يمثل شخصية حنظلة التي ابتكرها رسام الكاريكاتير الفلسطيني الراحل ناجي العلي. وفي عيد الفصح اليهودي شارك المعتصمون زملاءهم من اليهود الاحتفال بهذه المناسبة. في شهادته حول هذه الاعتصامات يقول جوناثان بن مناحيم وهو أحد الطلاب اليهود المشاركين في الاعتصام: "على الرغم من هذه الادعاءات بوجود أعمال عنف داخل المعسكرات إلا أني لم أشعر بالفخر يوماً كيهودي كما شعرت به وأنا وسط زملائي الطلبة من كل الأديان في معسكر الاعتصام".
بين أعضاء هيئة التدريس الداعمين لهذه الاعتصامات كان رئيس القسم وأستاذ الفنون البصرية في جامعة كولومبيا ماثيو باكنغهام، الذي شارك في الإضراب الذي نظمته هيئة التدريس اعتراضاً على قرارات إدارة الجامعة. يرى باكنغهام أن هناك تناقضاً بين دعوة الجامعة للعمل الاجتماعي وتصرفاتها الفعلية تجاه الطلبة. ويؤمن أيضاً كما يقول بأن هناك علاقة وثيقة بين الفن والسياسة، فالفن في رأيه يصبح أكثر قيمة كلما كان مسيساً. وقد ندد باستدعاء إدارة الجامعة للأمن، فهو أمر مؤسف كما يقول، ولم يكن يتمنى رؤيته في جامعة كولومبيا أو أي مؤسسة تعليمية أخرى.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، انتشرت فيديوهات عدة لطلاب في كولومبيا وغيرها من الجامعات الأميركية وهم يؤدون رقصات فلكلورية وتقليدية كل من بلاده، ومن بينها الدبكة الفلسطينية. كما أذيعت أغانٍ فلسطينية عدة في باحات الجامعات بينها "دمي فلسطيني" للفنان الغزيّ محمد عساف، و"إن أن" للرابر الفلسطيني شب جديد، وغيرها من الأغاني، التي رسكت المشهد الموسيقي الفلسطيني في السنوات الأخيرة.

المساهمون