ما أن أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء أمس الثلاثاء، قرارًا بتعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي، عيسى أبو شرار (في بداية عقده الثمانيني)، كرئيس للمجلس الأعلى الدائم، حتى ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالسخرية والتهكم على هذا القرار، خاصة الحقوقيين والقضاة، داعين إلى إلغاء القرار وانتقدوا الطريقة التي عين بها أبو شرار، وبعضهم ذهب إلى السخرية "يجدد له بعد الممات".
القاضي فاتح حمارشة كتب على حسابه في "فيسبوك": "بكل دول العالم إذا تم تعيين أحد ما لمرحلة انتقالية وبطريقة شرعية فيمنع تعيينه بأي منصب لضمان حياده، أما في فلسطين يكون انتقالي بشكل غير شرعي ويتم تفصيل القانون على مقاسه بشكل غير شرعي ليتعين بالمنصب بشكل دائم بشكل غير شرعي وينسب نفسه بحالة تضارب مصالح واضحة علنية".
وتابع، "في كل مرة يحصل على المنصب يقدم قرابين وخدمات للسلطة التنفيذية، قبل التمديد لمدة ستة أشهر إصدار قرار ندب قضاة، وعند التعيين الدائم إحالات للتقاعد".
المحامي فريد الأطرش دعا الرئيس عباس إلى النظر في القرار، وقال: "أخطأ الأخ الرئيس مع الاحترام بالمساس باستقلال القضاء، نتمنى إعادة الاعتبار لاستقلال القضاء وللحياة الديمقراطية وسيادة القانون، لا خير فينا إن لم نقلها ولا خير فيه إن لم يسمعها" .
الأطرش تهكم على القرارات الصادرة بشأن القضاء، وقال: "مجلس ال ف ضاء الأعلى"، مضيفًا في منشور آخر، "من النهارده ما فيش قضاء، هو القضاء، يا حسرتي"، كما أشار إلى أن القضاء الحالي قضاء مفصل على المقاس وقال: "قضاء على المقاس، يا حسرتي".
أما القاضي أحمد الأشقر، فقد انتقد تعيين رئيس لمجلس القضاء الأعلى، وكتب على صفحته في "فيسبوك": "على أن يُراعى له التجديد بعد الممات".
في حين، لم يرق للحقوقي عصام عابدين ما آل إليه القضاء الفلسطيني، وكتب: "حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني لا يعني الخلاص من جحيم الاحتلال والدخول في جحيم الاستبداد، يجب وقف العمل في جميع المحاكم".
وأكد عابدين، "البيانات لا تُجدي نفعاً في مواجهة سياسة الأرض المحروقة المطلوب إجراءات حاسمة على الأرض من نقابة المحامين والمؤسسات والأحزاب السياسية والنقابات والحِراكات وتعليق مفتوح للعمل في جميع المحاكم وإلقاء المفاتيح في وجه العصابة السوداء التي تحتقر القانون والقيم وحقوق وكرامة الناس وتدمر البلد وتحيلها إلى جحيم يطال الجميع".
وفيما يتعلق بقضية تعيين أبو شرار، فقد اتهمه عابدين بأنه دمر القضاء الفلسطيني، حيث قال: "إعادة تعيين عيسى أبو شرار (85 سنة) الذي دمَّر القضاء الفلسطيني رئيساً لمجلس القضاء الأعلى لمدة خمس سنوات (90 سنة) يُجدد التأكيد على أن البلد تُدار بطريقة العصابة، رسائل الاحتقار والازدراء المستمرة باتجاه القانون والقضاء والمؤسسات والناس ليست عبثية، هناك مَن يخلق حالة جحيم شاملة في البلد ويُفكر في مكان آخر؟".
وكان عابدين واضحًا في مطالبه بدعوته إلى إقالة المشتشار القضائي للرئيس الفلسطيني، وقال: "إذا كان الرئيس الفلسطيني معنيا بالإصلاح القضائي، لا بالهيمنة على القضاء والسلطات كافة، فإن الخطوة الأولى للإصلاح القضائي تكمن في إقالة مستشاره القانوني الذي دمَّر القضاء بالأحقاد الشخصية والأحلاف، وإلغاء القرارات بقانون التي صدرت البارحة وأجهزت على القضاء، وإعادة القضاة المعزولين ظلماً إلى القضاء، واحترام الدستور والقانون وعدم التدخل في الشأن القضائي، نزهة الانتخابات مرتبطة باستقلال القضاء والقضاء النزيه والمستقل هو الضامن والحامي للحقوق وكرامة الناس".
نانسي صادق، انتقدت تعيين ثمانيني، وكتبت على صفحتها في "فيسبوك": "الزهورات صارت المشروب الوطني، 85 سنة!!!! ولسة بياخدوا قرارات تعيين؟؟ أي أنا شهر زمان بصير خمسين وحاسة لازم أتقاعد!!". وكتبت كذلك، "حجم التعيينات والتغييرات بهيئات السلطة والقضاء والأجهزة لا يبشر بالخير".
وتأتي هذه الانتقادات لقرار تعيين أبو شرار، في وقت دعت فيه مؤسسات حقوقية، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى إلغاء قراراته بشأن القضاء، ووقف جميع آثارها، وأن يكون أي تعديل على قانون السلطة القضائية و/ أو إصدار أي قوانين جديدة تعنى بتنظيم شؤون القضاء من صلاحية المجلس التشريعي المنتخب ووفقاً للإجراءات المقررة في القانون الأساسي، وأن يكون تشكيل مجلس قضاء أعلى دائم وفقاً لنصوص قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002 ساري المفعول، على ألا يكون في هذا المجلس أي عضو من أعضاء مجلس القضاء الأعلى الانتقالي، باستثناء من نص قانون السلطة القضائية لسنة 2002 على عضويتهم فيه بصفاتهم الوظيفية.
ويأتي تعيين أبو شرار في الرئاسة الدائمة للمجلس الأعلى الانتقالي الليلة، بعدما أصدر عباس، أول أمس الإثنين، قرارات 3 بشأن القضاء، بينها إدخال تعديلات على قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002.
وتأتي قرارات عباس بشأن القضاء، بعد نحو عام ونصف من قرار آخر لعباس بحلّ مجلس القضاء الأعلى، وإنشاء مجلس انتقالي لمدة عام، لغايات إصلاح القضاء، فيما تم تمديد ولاية المجلس الانتقالي كذلك.
ونهاية عام 2018، قررت المحكمة الدستورية حل المجلس التشريعي الفلسطيني، وإجراء الانتخابات التشريعية خلال ستة أشهر.