استمع إلى الملخص
- قاد السيناريست رامي كوسا ورشة كتابة للنسخة العربية، لكن المحاولات أثارت جدلاً حول هوية الدراما المستوحاة من أعمال أجنبية، خاصة في بيئة مثل بيروت.
- رغم دعم "شاهد" وMBC، تعاني النسخة العربية من ضعف في الأداء والإعداد، مما يجعل من الصعب على المشاهدين التفاعل بعمق مع القصة.
لم تحمل النسخة العربية من المسلسل التركي الشهير "في الداخل" أي جديد. على العكس أضاع تصويرالأحداث البوصلة، ووضعها في كادر مختلف عن ذاك الذي دارت فيه أحداث العمل الأصلي. ولم يشفع الترويج الكبير للنسخة العربية التي تحمل عنوان "العميل"، في التغطية على الأخطاء الدرامية، بل لاحظ المشاهد بوضوح الاختلاف مع النسخة التركية، لناحية التنفيذ أو أداء الممثلين، أو حتى معالجة السيناريو.
قاد السيناريست السوري رامي كوسا ورشة كتابة للنسخة العربية، في محاولة لاختزال القصة الأم وتقديمها بصورة مختلفة، مدعوماً بمحاولة المنتجة سارة دبوس الخروج بجديد درامي، بعدما سقطت سيناريوهات الأعمال المعربة السابقة في فخ السذاجة، وقد أثارت هذه المحاولات جدلاً واسعاً حول هوية الدراما المستوحاة من أعمال أجنبية، خاصة عندما تُقدم أحداثها في بيئة مثل بيروت.
من اللافت أن فريق الممثلين السوريين، الذي يضم أسماء بارزة مثل أيمن زيدان وسامر إسماعيل ورشا بلال وفادي صبيح، وقع في فخ التقليد التركي المُحكم، ما أدى إلى تعثر الأداء وتفاوت مستواه بين حلقة وأخرى. من الصعب تقبّل دور أيمن زيدان رئيسَ عصابةٍ، في ظل سياق درامي لا يبرر وجود عصابة مكوّنة فقط من اثنين من المرافقين ينفذون أوامر "المعلم"، الذي يتستر وراء واجهة مطعم، بينما يتورط في أعمال فساد وقتل. أحد المرافقين ينفذ الأوامر بصمت، في حين يبدو الآخر كالأبله، ويُكلَّف بمهام مستحيلة تتعلق بتنفيذ عمليات القتل أو الإعدام.
تثار هنا أسئلة عدة حول كيفية ظهور هذه الشخصيات في بيئة لبنانية، التي يُفترض أنها تشكل القاعدة لهذه القصة الخيالية وتوفر الأساس لبناء 90 حلقة. وما هي الروابط المشتركة بين أفراد العصابة والشرطة، وكيف تُبنى القصة على عناصر مفاجئة من دون القدرة على توضيح خلفيات الأحداث والشخصيات؟ هذا النقص في التطوير والتفاصيل يجعل من الصعب على المشاهدين الانخراط والتفاعل بعمق مع القصة.
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي مشادات بين ورشة كتابة المسلسل وفريق تطوير السيناريو، ما ألقى الضوء على الطبيعة الاستهلاكية لهذا النوع من الإنتاجات الدرامية. ورغم تحقيق بعض الأعمال المعربة نسب مشاهدة عالية، تبقى ضمن إطار "الهامش" ولا ترتقي إلى أن تكون مرجعية في صناعة الدراما العربية.
النسخة التركية من "في الداخل" قدّمت نموذجاً رائداً في صناعة هذا النوع من الأعمال الدرامية، وغيرها من المسلسلات التي تحولت إلى نسخ عربية مشوهة. ومن الصعب مقارنة الإنتاج العربي بالإنتاج التركي الأصلي، حيث يبدو أن النسخ العربية تعاني ضعفاً واضحاً في الأداء والإعداد. بينما تحظى النسخة العربية بدعم "شاهد" وMBC، إلا أن هذا الدعم لا يُعوض عن نقص الجودة الفنية والإبداعية، وتحويل ممثلين محترفين وموهوبين إلى روبوت عاجز عن الشعور، أو العمل من أجل إغراء مادي يكفيه أقله لمدة عام.
في النهاية، لا يعوّل الجمهور السوري كثيراً على هذه النسخ المعربة، ونادراً ما يذكرها مقارنة بالإنتاج الدرامي المحلي. وبينما يسعى عدد من الممثلين السوريين إلى تحقيق انتشار أوسع، وتبقى هذه الموجة من الدراما المستوردة موضع تساؤل، خاصة مع الحديث عن انتقالها قريباً إلى المملكة العربية السعودية بدل إسطنبول.