- تتبع القصة حياة عبير وصديقاتها بعد تحولها إلى سيدة أعمال تدير كازينو والتغيرات في شخصيتها بسبب خيانة، مستخدمة معارفها السابقة لتحقيق أهدافها.
- يستعرض المسلسل تناقضات الحياة داخل قصر عبير المثالي والواقع الخارجي المليء بالفقر والخطيئة، معالجاً قضايا اجتماعية بطريقة سطحية للتركيز على علاقات الصداقة بين الشخصيات.
في مسلسل "الصديقات القطط"، يقف المشاهد أمام محاولة تجارية لإنتاج تراجيديا معاصرة بظروف إنتاجية على ما يبدو أنها رخيصة على مختلف الأصعدة، إذ يواجه المتلقي نصّاً يسعى لتطبيق قواعد التراجيديات اليونانية، ليغدو المسلسل المقدم منسلخاً عن الواقع، وكأنه عمل جاء من عالمه الخاص؛ عالم له قواعده وشروطه وأخلاقياته. عالم تتطور فيه الأمور بعيداً عن نطاق الزمن الواقعي، وتتولد فيه صراعات وتنتهي من دون تأثير مباشر من أيّ عنصر خارجي. ومع هذا، يقدم العمل نفسه على أنه معاصر يطرح مأساة معاصرة، ويحمل على عاتقه قضايا نسوية تشغل مساحة هامة في نضال المجتمعات اليوم.
يحكي "الصديقات القطط" قصة عبير التي تلعب دورها الفنانة سوزان نجم الدين، وهي راقصة شرقية معتزلة مع صديقاتها الخمس اللواتي كنّ في ما مضى أعضاء فرقة القطط للرقص الشرقي، ويعملن في كازينو تديره أم عبير التي تلعب دورها الفنانة صباح الجزائري. يبدأ المسلسل باستعادة مشهد ذروة في الماضي، وهو المشهد الذي خلق تطوراً وانحرافاً في شخصية عبير الطيبة بعد غدر كامل بها وبالملهى؛ إذ سرق الأموال وهرب تاركاً عبير حاملاً بطفلته، برفقة كلّ من أمها والصديقات الخمس من دون نقود.
يركز المسلسل على فترة الحاضر وواقع كل من الفتيات الخمس عبر محور أساسي، وهو حاضر عبير. هذه الأخيرة تشكل مفتاح هذه الصداقة. عبير اليوم سيدة أعمال لا تكاد تتحدث إلا عن المشاريع وخطط توسيع أعمالها. أغلب لقاءاتها متمحورة حول مشاريع ومصالح مشتركة. لا يوجد تعريف واضح لوظيفتها أو المهنة أو الدور الذي تلعبه، ولكن يمكننا أن ندعوه بالعلاقات العامة، إذ يبدو أنها تستطيع أن تصل بعض الشخصيات المهمة بعضها ببعض، وتيسير أعمال جهات أخرى، سواء كانت هذه الأعمال قانونية أو غير قانونية، من طريق معارفها التي اقترنت بهم في فترة عملها راقصةً، فهي تستطيع إنجاز بعض الخدمات، مثل تقديم فتاة لرجل مقابل خدمة يردّها لعبير. وبهذا تحافظ على علاقتها الطيبة ببعض الشخصيات، وتكون الفتيات اللواتي تقدمهن أشبه بأضحية وقربان ليظل سير الأعمال متقدماً.
تقطن عبير في منزل كبير محاط بأشجار سرو عالية، إذ لا تكاد ترى ما يحدث خارج القصر الذي تحيا فيه. عالم القصر يدور في زمن مختلف عن العالم الواقعي، فالقصر يحوي قاعة رئيسية تُجرى فيها النقاشات العامة، ويحوي إلى جانبه الغرف المغلقة التي تُفشى بها الأسرار والمرارات التي تتجول بها عبير مستمعةً إلى المكائد والخطط.
أما خارج القصر، فهو مكان سديمي غير واضح المعالم، حيث يوجد بعض الأماكن المخصصة لرعية القصر، وهنّ صديقات عبير، ويوجد الفضاء العام وهي المدينة التي من المفترض أن تكون دمشق، ولكن يُحكى ساعات عن وجود ميناء وعن رحلات سفر وأوروبا غريبة يأتي منها الشر ويضيع فيها الناس. أما بقية شخصيات المسلسل، فهي تائهة في أزقة عشوائية تمثل الفقر وتنتشر بها الخطيئة والمكائد؛ فأناس هذه الأماكن يشتمون ولا يملكون قيماً أخلاقية، تزورهم عبير أحياناً لتدمع عيناها عند رؤيتهم وتعطف عليهم.
يمثّل القصر ملجأً لكل محتاج، ولا يحدث العنف داخله، هو مترفع عن دائرة الصراعات المباشرة فيه. تحاك المكائد وتنفذ بعيداً عن أرضه، إذ تحميه شخصية "الدادا"، وهي مربية عجوز أشبه بالعرافات في التراجيديات اليونانية. تضطر هذه الدادا إلى مغادرة القصر ليشعر الجميع بأن توازن القصر وعالمه قد بدأ يتزعزع.
تمثل الشخصيات كلها أنماطاً أكثر من كونها شخصيات لها ملامح واضحة؛ فهي مجرد شخصيات أحادية الجانب تلعب دوراً واحداً في الحياة، كالخادمة البلهاء التي توظَّف كوميدياً، ويحاول المسلسل استعمالها لتلعب دوراً توعوياً، ولكنه يبوء بالفشل؛ إذ يغتصب هذه الخادمة شاب مجرم، ولكن المسلسل يحاول تبرير هذه الجريمة بسبب بلاهة الشخصية، إضافة إلى تسامحه مع المجرم، ومحاولة الخادمة بعد الاغتصاب البقاء على علاقة به.
ليس واضحاً إن كان مسلسل "الصديقات القطط" إنتاجاً ترفيهياً أو كوميدياً، أو إن كان صنّاعه على دراية تامة بكمّ الأفكار التي أرادوا ترسيخها من خبرة العمل بالدعارة المرخصة عبر عبير وابنتها، ومدرسة الرقص الشرقي وطموح الفتيات للعمل في الكازينو للتعرف إلى رجال أغنياء يسلبنَ منهم أموالهم، أو من العمل غير القانوني الذي يديره كل أبطال المسلسل، أو من العلاقات التي تقدمها هذه الدراما، سواء علاقة نوغا بزوجها الذي تهينه وتهيمن عليه لتأخذ أمواله، وعلاقة سوسو الراقصة التي تابت بزوجها الخائن وصراعها بين الدين وحب الرقص الشرقي.
كلّ هذه الأفكار قدمت سطحياً، من طرح مشكلة ولا محاولة نقاش موضوعة محددة، إضافة إلى محاولة العمل الدائمة بالتهرب من سورية مكانياً ومن دمشق 2024 زمانياً، لكي يكون المسلسل محصوراً بعلاقة صداقة تحرسها عبير كآلهة الحكمة والطيبة والسكون.