الصحافة الكردية في عيدها الـ126.. واقع وهموم

الصحافة الكردية في عيدها الـ126.. واقع وهموم

21 ابريل 2024
"كردستان" أول صحيفة كردية (إكس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في القامشلي السورية، احتفل الصحافيون الكرد بالذكرى الـ126 لعيد الصحافة الكردية، مع فعاليات ثقافية وندوات حول تاريخ ومستقبل الصحافة الكردية بمشاركة أحزاب وشخصيات متنوعة.
- الندوات ناقشت واقع الصحافة الكردية في المنطقة، مشيرة إلى التفاوت في حرية الصحافة بين كردستان العراق وسورية وغيرها، مع تأكيد على تطورها في مناطق شمال وشرق سورية.
- رغم التحديات السياسية والاقتصادية، تتطور الصحافة الكردية بظهور وسائل إعلام جديدة تعبر عن الهوية الكردية، مع التأكيد على الحاجة لتدريب مهني أكثر فعالية للصحافيين.

احتفل الصحافيون السوريون الكرد اليوم الأحد، في مدينة القامشلي، بعيد الصحافة الكردية بذكراها الـ126، والذي يتزامن مع صدور أول صحيفة كردية أسسها الأمير مقداد بدرخان في القاهرة، في 22 إبريل/نيسان عام 1898، تحت اسم "كردستان"، وطبعت باللغات العربية والكردية والتركية. وتم إحياء يوم الصحافة الكردية على مدار أسبوع بمشاركة شعبية واسعة، وبحضور ممثلي الأحزاب الكردية والشخصيات الثقافية والفنية والصحافية، وإقامة العروض التراثية الكردية المعروفة، كما تضمنت الفعاليات ندوات ومنتديات حوارية ومحاضرات تناولت واقع الصحافة الكردية وماضيها والآفاق المستقبلية.

وعلى هامش ندوة حوارية أقامها اتحاد الطلبة والشباب الكردستاني في سورية يوم أمس السبت ضمن فعاليات يوم الصحافة الكردية، والتي تناولت واقع الصحافة الكردية في عموم المناطق الكردية وأماكن انتشارها سواء في سورية أو العراق أو إيران أو تركيا، أشار الصحافي السوري الكردي، عبد الحليم سليمان، إلى أنه "واقع متفاوت". وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد" أن الصحافة الكردية هي "الأفضل حالاً في كردستان العراق وتليها سورية، وذلك من ناحية حرية العمل والتعبير عن القضايا القومية بالدرجة الأولى، والوطنية ثانياً، ومن ثم القضايا المجتمعية الخاصة بكل مجتمع".

وأشار سليمان إلى "وجود وسائل إعلام تلفزيوني في كردستان العراق تغطي الأحداث في عموم المناطق التي يتواجد فيها الكرد في الدول الأربع، وبالتالي هي منبر للكرد بشكل عام للتعبير عن أوضاعهم وقضاياهم، وإن كان يتأثر عملها أحياناً بعلاقة تلك الوسائل مع أنظمة الدول التي تحكم الكرد داخل حدودها، سواء تركيا أو سورية أو إيران أو العراق".

وأضاف: "الإعلام الكردي في سورية هو جزء من تاريخ الصحافة منذ انطلاقتها في البلاد، وذلك من خلال الكتاب والشعراء الذين نشروا وكتبوا تباعاً في المجلات والجرائد التي صدرت لاحقاً، سواء هوار أو روناهي أو كلاويج أو غيرها من الإصدارات الكردية، وجميع تلك الإصدارات كانت لسان حال المعاناة القومية والاضطهاد القومي الكردي في الأجزاء المختلفة، وكانت صحافة نضالية إن صح التعبير أكثر من صحافة نقل معلومات أو أخبار".

الصحافة الكردية الحزبية

لكن سليمان لفت إلى أنه بعد تأسيس أول حزب كردي في عام 1957 وحتى اليوم، فإن "الصحافة الكردية في مناطقنا يطغى عليها الطابع الحزبي، كون المؤسسات الحزبية هي التي تصدر هذه المناشير أو الصحف والمجلات، بالإضافة إلى وجود محاولات مستقلة خصوصاً في الجوانب الثقافية والاجتماعية إلى حد ما، لكن في الأعوام الأخيرة كان الكرد لديهم محاولات، وخصوصاً بعد انتفاضة القامشلي عام 2004 وبعدها اندلاع الثورة السورية، حيث تشجّع الناشطون والكتاب والصحافيون الكرد على تداول القضايا الكردية من جميع مناحيها حتى القضايا الثقافية والاجتماعية وغيرها، من خلال المنابر الإلكترونية والمواقع الإلكترونية المستقلة، من خلال جهود تطوعية، أي من دون أي مقابل".

وقال إن الصحافة الكردية شهدت قفزة أخرى مع تقدم عمر الثورة السورية، من خلال تأسيس ودخول وسائل الإعلام إلى مناطق شمال وشرق سورية التي تحكمها "الإدارة الذاتية"، إذ أسّست الإدارة قناة روناهي بالإضافة إلى عدد من وسائل الإعلام من قبل جهات أخرى، وذلك شكّل فئة من العاملين في المجال الإعلامي، بالإضافة إلى فتح مؤسسات إعلامية جديدة في المنطقة، وبالتالي بروز ما يمكن وصفه بالوسط الإعلامي في المنطقة، بالإضافة إلى إصدار قانون للإعلام، ومديرية من شأنها إدارة أمور الإعلام في المنطقة.

وقيّم سليمان التجربة الإعلامية في سورية عموماً، لا سيما المناطق الخارجة عن سلطة النظام السوري، بأنها "جديدة النشأة، وبالتالي ما زالت تفتقد الكثير من أدوات العراقة في العمل الصحافي، لكنها تتقدم مستفيدة من التقدم الحاصل في عالم الإعلام، حيث استطاعت الصحافة الكردية مثلاً أن تكون صوت الناس للعالم، من خلال المراسلين المتواجدين في المنطقة الذين كان لهم دور بارز، وخصوصاً أولئك الذين يعملون لدى وسائل إعلام عربية أو أجنبية، بالإضافة إلى أن المنطقة كانت مفتوحة أيضاً لوسائل إعلام عالمية للعمل وما زالت تعمل في المنطقة، وهذا كله خلق جواً من التفاعل لأن تكون الآمال والطموحات كبيرة لواقع الإعلام الكردي".

حرية منقوصة

قال الصحافي الكردي جاندي خالدي: "أصبح لدينا صحافات بديلة للصحافة التي كانت سائدة خلال سيطرة النظام، وهناك تطور في الصحافة، ولكنه ضعيف جداً ويحتاج إلى دعم كبير سواء مادياً أو معنوياً، ويحتاج إلى نوع من الاستقرار السياسي في المنطقة". وأضاف لـ"العربي الجديد" أنه "رغم أن هناك هامشاً من الحرية لعمل الإعلاميين والصحافيين في المنطقة، لكن هذه الحرية أيضاً منقوصة لأسباب عدة".

و"الصحافة الكردية تئن وتعاني، وتسعى لكسر القيود، لكنها لم تنجح في خلق رأي عام ضاغط أو خلق فكرة، إنما تنتظر فقط حدثاً لتغطيته"، هكذا وصف الكاتب والصحافي شفان إبراهيم واقع الصحافة الكردية في سورية خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، مضيفاً أن "الإعلام الكردي لا يلامس القضايا المعاصرة، مثال القضايا التي تتعلق بالبيئة والمناخ والتعليم ومفاهيم الجندرة والنسوية وغيرها".

وتابع إبراهيم أن "منصات إعلامية بديلة عدة ظهرت في الواقع الكردي خف وميضها واختفت لمجرد غياب التمويل والمانح، وحتى هذه لم تكن تلامس جذر القضايا"، مشيراً كذلك إلى "ضعف تأثير الإعلام الكردي"، إذ بحسبه "على الإعلام أن يخلق رأياً عاماً وأن يخلق مناخات ديمقراطية وأن يواجه الاستبداد وأن يكون مناصراً للحق، لكن للأسف هذا الشيء مفقود، وهناك تنمر وهناك خطاب كراهية وعنف وتحريض وتأجيج للمواضيع التي تساهم في التمزق المجتمعي".

تطور مستمر

لكن الصحافية الكردية، ميديا عكو، ترى عكس ذلك، إذ أشارت بحديثها لـ"العربي الجديد" إلى أن "الصحافة الكردية تشهد تطوراً مستمراً بشكل ملحوظ، سواء من خلال الإعلام المكتوب أو المرئي أو المسموع، وأنها تمكنت من إيصال الرأي الكردي وإبداء الموقف الكردي العام، وساهمت بالتعريف بالثقافة والقضية الكردية لكل العالم من خلال إتاحة الفرصة للمثقفين والسياسيين الكرد، وإيصال صوتهم عبر منابر المؤسسات الصحافية".

ويشاركها الصحافي، فاضل محمد، الذي رأى أن "الصحافة الكردية تشهد قفزة نوعية في ظل الثورة الرقمية وتعدد المحاولات لإيجاد صوت إعلامي كردي يعبر عن هوية وقضايا الشعب الكردي، بعد عقود من القمع السياسي والاقتصادي والاجتماعي" بحسبه، وأن واقع هذه الصحافة "يعيش حالة من الازدهار والتطور بفضل عوامل عدة، مثل ظهور مناطق جغرافية تحت نفوذ سلطات كردية توفر مساحة أكبر للحرية الإعلامية، كما أسهمت التكنولوجيا الحديثة في توسيع نطاق الصحافة الكردية، مع ظهور وسائل إعلام مرئية وإلكترونية تقدم مساحات للعمل الصحافي وتساعد في تطوير المهارات الصحافية".

"ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه الصحافة الكردية، بما في ذلك الهيمنة السياسية والتجاذبات الحزبية والتحديات الاقتصادية، والحاجة إلى تدريب مهني أكثر فعالية للصحافيين. وعلى الرغم من تلك التحديات، يُعتبر الإعلام الكردي عنصراً حيوياً في تشكيل الرأي العام وتوفير منصة للتعبير عن القضايا الكردية"، بحسب محمد.

وبدأت مناطق شمال وشرق سورية، التي تشهد انتشاراً كردياً، تشكّل نوعاً من الصحافة ذات الهوية الكردية لاسيما بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، ومن ثم ظهور حركات عسكرية كردية تمددت سيطرتها بعد دحر قوات النظام وتنظيم داعش، بالإضافة إلى وجود أحزاب سياسية في السابق دعمت ظهور إعلامٍ موازٍ.

وبات الانتشار الإعلامي أكثر في تلك المنطقة بعد تأسيس ما يعرف بـ"الإدارة الذاتية"، لكن الكثير من سكان المنطقة ذات الغالبية العربية يشير نحو تلك الإدارة بكونها تستأثر بالقرار من قبل العناصر الكردية مع محاولة صبغ المنطقة باللون الكردي لا سيما من خلال التعليم والإعلام، علماً بأن المنطقة تشهد تنوعاً عرقياً ودينياً واسعاً، مع وجود العرب والكرد والتركمان والآشوريين وغيرهم.

المساهمون