الشمبانزي المراهق... ماذا يتشارك مع الإنسان في هذه السن؟

01 فبراير 2023
الشمبانزي أكثر صبراً من البشر (Getty)
+ الخط -

أوجه التشابه بيننا وبين أكثر المقربين إلينا في مملكة الحيوانات كثيرة، إذ يتشارك البشر 98.6 في المائة من حمضهم النووي مع الشمبانزي. البشر يشتركون مثلاً في لغة الإشارة مع القردة الأخرى، ويفهمون العديد من الإيماءات التي تستخدمها قرود الشمبانزي البري والبونوبو للتواصل بعضهم مع بعض. وبينت دراسة جديدة أن الشمبانزي المراهق يتشارك مع البشر من الفئة العمرية نفسها سلوكيات تنطوي على المخاطرة، ولو أن الأول قد يكون أقل اندفاعاً.

تتطرَّق الدراسة التي نشرت يوم 23 يناير/ كانون الثاني، في مجلة علم النفس التجريبي التابعة لجمعية علم النفس الأميركية، إلى أسئلة قديمة حول التنشئة، وحول سبب إقبال المراهقين على المخاطر. سؤال الدراسة الأساسي: من أين يأتي تحمُّل المخاطرة، من البيئة أم من الاستعداد البيولوجي؟ أجرى الباحثون اختبارين يشتملان على مكافآت غذائية، على 40 من حيوانات الشمبانزي مولودة في البرية، في محمية في جمهورية الكونغو. شاركت الشمبانزي طواعية في الألعاب من أجل الحصول على الطعام.

يمكن أن يعيش الشمبانزي حتى 50 عاماً، ويختبر المراهقة بين سنّي 8 و15 عاماً. مثل البشر، تظهر الشمبانزي تغيرات سريعة في مستويات الهرمونات خلال فترة المراهقة، وتبدأ بتكوين روابط جديدة مع أقرانها، ولديها ميل أكثر نحو العدوانية والتنافس على المكانة الاجتماعية.

قالت المؤلفة الرئيسية للدراسة ألكسندرا روساتي، وهي أستاذة مساعدة في علم النفس والأنثروبولوجيا في جامعة ميشيغان الأميركية: "يواجه قردة الشمبانزي المراهقون، إلى حد ما، العاصفة النفسية نفسها التي يواجهها المراهقون البشر. تظهر النتائج التي توصلنا إليها أنّ العديد من السمات الرئيسية لعلم النفس البشري للمراهقين تظهر أيضاً لدى أقرب أقربائنا الرئيسيين".

وأوضحت روساتي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "على الرغم من أن هذه السمات قد تظهر لدى البشر بطرق لا صلة لها بالشمبانزي، مثل القيادة المحفوفة بالمخاطر أو تعاطي المخدرات، فإننا نرى أن الشمبانزي يواجه أيضاً، بشكل أو بآخر، الاضطرابات النفسية نفسها التي يواجهها المراهقون البشر، وهو ما يشير إلى أن هذه التحولات المعرفية والعاطفية متأصلة بيولوجياً بعمق".

وشرحت قائلة: "اختبرنا كيفية اتخاذ الشمبانزي القرارات عندما تكبر، لفهم الأصول البيولوجية للمراهقة البشرية. يتصارع المراهقون البشر مع التغيرات التي تحدث في أجسادهم وعقولهم، ويميلون إلى الاندفاع أكثر والبحث عن المخاطر، ولديهم قدرة أقل على تنظيم المشاعر مقارنة بالبالغين. وجدنا أن المراهقين الشمبانزي كانوا أكثر عرضة للمخاطر، وأكثر تفاعلاً عاطفياً عند انتظار العلاج المتأخر، مقارنة بالبالغين، وهي الحالة نفسها عند البشر. ومع ذلك، كانت الشمبانزي قادرة على تأخير الإشباع وانتظار المكافآت المستقبلية، على عكس البشر".

لايف ستايل
التحديثات الحية

في الاختبار الأول الذي أجراه القائمون على الدراسة، عرض على كلّ من الشمبانزي المراهق والبالغ الاختيار بين حاويتين. تحتوي الحاوية الأولى دائماً على فول سوداني، وهو طعام يحبه الشمبانزي إلى حد ما. الحاوية الأخرى كانت تخفي إما طعاماً غير مرغوب كثمرة خيار، أو طعاماً مفضلاً كثمرة موز. كان الأمر محيراً، فإما أن يلعب الشمبانزي وهو مطمئن ويحصل على الفول السوداني، أو أن يغامر ببعض الموز المرغوب فيه، حتى ينتهي الأمر بخيار غير فاتح للشهية. سجلت ردود فعل الشمبانزي العاطفية وألفاظه، بما في ذلك الأنين والصراخ والضرب على الطاولة أو حك الجسد. كما جمعت عينات من اللعاب لتتبع مستويات الهرمونات. خلال عدة جولات من الاختبار، اتخذ مراهقو الشمبانزي الاختيار المحفوف بالمخاطر في كثير من الأحيان أكثر من الشمبانزي البالغ، ولكن كانت لدى المراهقين والبالغين ردود فعل سلبية مماثلة عندما كانت نتيجة المقامرة هي ثمرة الخيار وليست ثمرة الموز.

أما الاختبار الثاني، فصُمم بحيث يمكن للشمبانزي الحصول على ثمرة موز واحدة على الفور، أو الانتظار لمدة دقيقة واحدة للحصول على ثلاث ثمرات. اختار كل من المراهقين والشمبانزي البالغين المكافأة المتأخرة بمعدل مماثل. يميل المراهقون من البشر إلى الاندفاع أكثر من البالغين، لذا من المرجح أن يحصلوا على المكافأة الفورية. وقالت روساتي: "تشير الأبحاث السابقة إلى أن الشمبانزي صبور أكثر مقارنة بالحيوانات الأخرى، وتظهر دراستنا أن قدرته على تأخير الإشباع قد نضجت بالفعل في سن مبكرة، على عكس البشر".

المساهمون