حالة من الغضب الشديد تسيطر على القائمين على صناعة السينما في مصر بعد قرار نقابة المهن السينمائية، برئاسة المخرج مسعد فودة، عدم ترشيح أي فيلم لتمثيل مصر في الدورة الـ 95 من جوائز أوسكار، وذلك بعد أن سحب المخرج المصري مجدي أحمد علي، فيلمه "2 طلعت حرب" الذي كان مرشحاً برفقة أربعة أفلام أخرى هي "كيرة والجن"، و"الجريمة"، و"عقار 19 ب"، و"قمر 14". والسبب هو عدم أسبقية عرضه سينمائياً ما يخالف أحد أهم شروط جوائز أوسكار أفضل فيلم أجنبي لعام 2022.
وأصدرت نقابة المهن السينمائية بيانا جاء فيه: "اجتمعت اللجنة المشكلة من قبل نقابة المهن السينمائية لاختيار الفيلم المصري المرشح للمشاركة في مسابقة أوسكار لأفضل فيلم دولي، وبعد مشاهدة أعضاء اللجنة للأفلام التي ينطبق عليها شروط الترشيح للجائزة من قبل أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة (أوسكار) انتهت اللجنة بأغلبية الأصوات إلى قرار بعدم ترشيح فيلم مصري لهذا العام، مع تمنياتنا للسينما المصرية التوفيق في الأعوام القادمة".
وعلى الرغم من أن الناقد طارق الشناوي كان أحد أعضاء لجنة تقييم الأفلام المرشحة مع كل من مهندس الديكور فوزي العوامري، والمونتيرة رحمة منتصر، ومدير التصوير سمير فرج، والمخرج تامر محسن، إلا أنه لم يوافق أبداً على عدم ترشيح فيلم مصري. وكتب عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" "في نقابة السينمائيين يطبق النقيب المخرج مسعد فودة مبدأ الديمقراطية. وقبل قليل انتهت الأغلبية في لجنة أوسكار إلى عدم جدارة السينما المصرية هذا العام بترشيح فيلم. للتوضيح كان التصويت، هو هل أنت مع مبدأ ترشيح فيلم أم لا؟ وانتصرت لا. وللعلم لم يكن هذا القرار يحظى بموافقتي شخصياً. ولكن خضوعاً لمبدأ الديمقراطية التزمت به، وعلينا جميعاً عندما نشارك في لجنة أن نلتزم بقرار الأغلبية حتى لو اختلفت معه".
وأوضح طارق في رده على متابعيه أنه قام بترشيح فيلم من الخمسة لأنه وجده جديرًا بتمثيل مصر، إلا أن باقي الأعضاء لم يوافقوا. من ناحيتها قالت الناقدة ماجدة خير الله لـ "العربي الجديد"، إنها ترى أنه لا يوجد فيلم مناسب لتمثيل مصر في أوسكار على الأقل في الوقت الحالي.
وعن نجاح الكثير من الأفلام المصرية هذا العام وتحقيقها إيرادات كبيرة وتناقض ذلك مع قرار عدم ترشح فيلم مصري للأوسكار قالت ماجدة: "لا يوجد تناقض أبداً، وليس له معنى أن فيلمًا حقق إيرادات ضخمة سينمائياً على النطاق المحلي أن يكون مناسباً للأوسكار والدخول في منافسة عالمية". وأكدت أن بعض الدول الأجنبية والعربية دخلت ترشيحات أوسكار هذا العام بأفلام قوية للغاية، و"لا بد أن نكون بقدر مواجهة هذه الأفلام، وإلا فعدم المشاركة أفضل، وللعلم نحن مرتبطون بأن الأفلام المرشحة تكون عرضت جماهيرياً حتى نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، وقد نكون بصدد عرض أفلام قوية لكن بعد هذا التوقيت".
أما عن الخطوة القادمة التي يرغب المخرج مجدي أحمد علي في اتخاذها، فقد قال لـ "العربي الجديد"، إنه سيرسل إلى القائمين على أوسكار تفاصيل ما حدث، "حتى نتخلص مما نحن فيه من مجاملات واعتبارات، والتي لا يجب أبدا أن تكون موجودة أصلاً في الاختيارات". وأوضح أن التحايل يحدث في ترشيحات الأفلام المصرية بشكل غريب للغاية، فمثلاً فيلم لم يعرض جماهيرياً، يعني أنه غير مطابق لأهم شروط المشاركة. فما يكون من القائمين على الترشيحات، إلا أن يعرضوا الفيلم في سينما نائية لا يعرف عنها أي شخص، شيئا أصلاً، ولكن يكون الفيلم بذلك قد عرض جماهيرياً "شكلياً" ليتطابق مع الشرط، وهو تحايل غريب للغاية.
السيناريست فايز رشوان كتب ساخراً عبر "فيسبوك": "لجنة اختيار الفيلم المصري المرشح للمنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم غير ناطق باللغة الإنكليزية تضم نخبة من كبار السينمائيين والنقاد. وقررت اللجنة بأغلبية الأصوات عدم ترشيح فيلم مصري لهذا العام، للأسف.. لا أوسكار ولا كأس العالم ولا أي حاجة محترمة في مجرة درب التبانة هينفع معاهم سياسة اللقطة، ونظرية انتش واجري". وعلق المخرج وجدي راشد على بيان نقابة المهن السينمائية الذي تم الإعلان فيه عن عدم ترشح أي فيلم مصري للأوسكار وكتب على فيسبوك: "هل وصلنا للمرحلة دى؟ حضارة الشعوب يا سادة بفنها".
وعلقت الناقدة فايزة هنداوي والتي كانت واحدة من ضمن الذين قاموا بالتصويت لعدم ترشح فيلم مصري، عبر "فيسبوك" وكتبت: "كنت ضمن الأغلبية التي صوتت لصالح عدم ترشيح فيلم مصري للمنافسة على جائزة أوسكار أحسن فيلم أجنبي، وكان المقصود من هذا القرار هو ضرورة وجود وقفة حقيقية ودق جرس إنذار من أجل النهوض بالسينما المصرية والوصول بها للمكانة التي تستحقها بدلاً من ترشيح فيلم (تحصيل حاصل)، واحنا عارفين إنه ملوش أي حظوظ في المنافسة".
وعلى مدار السنوات الماضية قد سبق وتم ترشيح عدد من الأفلام المصرية لجوائز أوسكار للمنافسة على فئة أفضل فيلم أجنبي.
وكانت البداية عام 1958 بفيلم "باب الحديد" للمخرج يوسف شاهين حيث تقدم للترشح في الدورة الـ 31، ثم توالت الترشيحات تقريباً كل عام، إذْ ترشح فيلم "دعاء الكروان" لفاتن حمامة، و"المراهقات" لماجدة الصباحي، و"وإسلاماه" للمخرجين إنريكو بومبا وأندرو مارتون، و"اللص والكلاب" لشكري سرحان وشادية وإخراج كمال الشيخ، و"أم العروسة" عام 1964 للمخرج عاطف سالم. وبعدها بعام ترشح فيلم "المستحيل" لحسين كمال، وفي عام 1967 ترشح فيلم "القاهرة 30 لصلاح أبو سيف، ثم توقفت مصر عن إرسال أي ترشيحات لمدة ثلاث سنوات.
حتى جاء عام 1970 وترشح فيلم "المومياء" لشادي عبد السلام ثم شارك فيلم "امرأة ورجل" للمخرج حسام الدين مصطفى، و"زوجتي والكلب" لسعيد مرزوق، وتقدم المخرج حسين كمال بفيلم "إمبراطورية ميم" وفي دورة أخرى ترشح بفيلمه "أريد حلا" ثم ترشح فيلم "على من نطلق الرصاص" و"إسكندرية ليه" و"أهل القمة" و"إسكندرية كمان وكمان" و"أرض الأحلام" و"عبيد الماضي" والمصير" و"أسرار البنات" و"سهر الليالي" و"بحب السينما" و"عمارة يعقوبيان" و"في شقة مصر الجديدة" و"الجزيرة" و"رسائل البحر" لداوود عبد السيد، و"الشوق" لخالد الحجر، و"الشتا اللي فات" لإبراهيم البطوط و"فتاة المصنع" لمحمد خان و"اشتباك" و"الشيخ جاكسون" و"يوم الدين" للمخرج أبو بكر شوقي و"ورد مسموم" إخراج فوزي صالح.
ولم يصل أي من هذه الأفلام المصرية للتتويج بأوسكار أو حتى دخول طور المنافسة الأخيرة.