استمع إلى الملخص
- أصول الزومبي في الثقافة الكاريبية: يتتبع المعرض أصول الزومبي في جزر هايتي، حيث نشأت من الثقافة الأفريقية وتطورت في الكاريبي، ممثلةً روحًا مستعبدة في ثقافة الفودو.
- الزومبي في الخيال الغربي: يستعرض المعرض تطور أسطورة الزومبي في الخيال الغربي منذ الاحتلال الأمريكي لهايتي وفيلم "الزومبي الأبيض"، وصولًا إلى "ليلة الموتى الأحياء"، مع تسليط الضوء على أبحاث الأنثروبولوجيين.
"الزومبي: هل الموت هو النهاية؟" هو عنوان المعرض الذي يستضيفه متحف "كيه برانلي جاك شيراك" في باريس حتى 16 فبراير/شباط المُقبل، ويُقدم منظوراً ثلاثياً: طبياً وأثرياً وأنثروبولوجياً، حول تاريخ أسطورة الزومبي.
الزومبي موضوع شائع في السينما الغربية، وهو واحدة من أبرز الأساطير المُعاصرة. غير أن المعرض لا يقتصر بحثه هنا حول الزومبي كما نعرفه في السينما فقط. بعيداً عن الأفلام السينمائية الشهيرة التي ناقشت هذا الموضوع، مثل "الموتى السائرون" و"حرب زد العالمية"، يُنقب هذا المعرض عن الأوهام والمعتقدات والمخاوف التي تكمن وراء شخصية الزومبي؛ هذه الشخصية الأشهر بين شخصيات أفلام الرعب الأميركية. يضم المعرض كتباً ومقاطع من أعمال درامية وسينمائية وأعمالاً فنية وأبحاثاً ودراسات، كما يتضمن جلسات مشاهدة وعدداً من حلقات النقاش.
في تتبعه الأسطورة الحقيقية للزومبي، يأخذنا المعرض إلى جزر هايتي حيث نشأت هذه الأسطورة، البعيدة عن فكرة الموتى الأحياء المُعدين كما تصورهم السينما والثقافة الشعبية. يتتبع المعرض معنى كلمة زومبي، وهي كلمة ذات أصل أفريقي تطورت دلالاتها مع مرور الوقت حتى أصبحت على ما هي عليه اليوم. في المعتقدات الأفريقية، كانت كلمة زومبي تُشير إلى الروح، أو إلى شبح الموتى، لكن دلالتها تلك تغيرت بعد اتصالها بثقافة السكان الأصليين في منطقة الكاريبي.
يقول قيم المعرض فيليب شارلييه إن معنى الكلمة اتخذ دلالة مختلفة بداية من القرن السابع عشر؛ إذ تطورت هذه الدلالة بعد عبورها المحيط الأطلسي أثناء تجارة الرقيق. مع وصول الأفارقة إلى منطقة الكاريبي، اختلطت ثقافتهم بثقافة السكان الأصليين هناك، ليتشكل معنى جديد لكلمة زومبي في جزر هايتي تحديداً.
تشكل هذا المعنى، كما يقول شارلييه، على هامش ثقافة الفودو، وهي خليط من ممارسات السحر الأفريقية ومعتقدات السكان الأصليين لمنطقة الكاريبي. تحول الزومبي في هذه الثقافة إلى روح متجسدة يستبعدها أحد السحرة، وهي عقوبة أسوأ من الموت كما يقول شارلييه؛ إذ يظل هؤلاء الذين تحولوا إلى زومبي أحياء، ولكن تُسلب حريتهم وإرادتهم لبقية حياتهم، ويتحولون إلى عبيد خاضعين ومسلوبي الإرادة.
يتطرق المعرض إلى شهادتين نادرتين لرؤية الزومبي الحقيقي تعود إلى عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي. الشهادة الأولى للروائية وخبيرة الأنثروبولوجيا الأميركية زورا نيل هيرستون، والأخرى للكاتب والمستكشف الأميركي ويليام سيبروك، إذ يوثق كلاهما رؤيته شخصية الزومبي في هايتي. تصف الشهادتان أشخاصاً عوقبوا لمخالفتهم قواعد القبيلة، وتمثلت عقوبة هؤلاء الأشخاص في إعطائهم جرعات مُستمرة من مواد وأعشاب مُخدرة للسيطرة عليهم وسلب إرادتهم. تصف هيرستون هؤلاء الأشخاص بأنهم كانوا يتحركون في ذهول ومن دون وعي. من خلال هذا الوصف، يتبين لنا أن الزومبي كان شخصاً طبيعياً، ولكن أُخضع وسُلب وعيه عن طريق المواد المُخدرة. وحين تلقفت السينما هذه الأسطورة، حولتها إلى الصورة التي نراها عليها اليوم في الأفلام الأميركية.
يقول قيم المعرض إن عالم الزومبي الخيالي بدأ يتبلور مع الاحتلال الأميركي لهايتي عام 1915، وكان أول فيلم استخدم كلمة زومبي هو فيلم "الزومبي الأبيض" للمخرج الأميركي فيكتور براين، وأنتج عام 1932. وسرعان ما انضم الزومبي إلى صفوف المخلوقات المتعطشة إلى الدماء في الخيال الجماعي الغربي، وأصبح إحدى علامات أفلام الرعب الأميركية.
يستكشف المعرض تشكل أسطورة الزومبي في الخيال الجماعي الغربي، من استحضارها عام 1697 في رواية الكاتب الفرنسي بيير كورنيل: "زومبي في بيرو الكُبرى"، إلى فيلم جورج روميرو الأسطوري "ليلة الموتى الأحياء" (1968). حقق الفيلم الأخير نجاحاً كبيراً حين عُرض في الولايات المتحدة وجمع إيرادات تُقدر بنحو 30 مليون دولار، وهو مبلغ ضخم في ذلك الوقت.
كما يُتيح المعرض التعرف إلى مجموعة من أشهر القصص المصورة والروايات التي تناولت موضوع الزومبي. يسلط المعرض أيضاً الضوء على عدد من علماء الأنثروبولوجيا الذين تطرقوا في أبحاثهم إلى أسطورة الزومبي، مثل ألفريد ميترو، أو زورا هيرستون، أو ويليام سي بروكس.
يقول قيم المعرض فيليب شارلييه إن أسطورة الزومبي قد ظهرت في هايتي بالفعل، لكنها حين وصلت إلى شاشة السينما، أضاف الغربيون إليها مخاوفهم وأساطيرهم، وحولوا الزومبي إلى هذه الصورة التي نُطالعها عبر شاشة السينما، وهي صورة قريبة الشبه إلى حد كبير بمصاصي الدماء.