استمع إلى الملخص
- تأثير الأهداف التجارية على جودة المحتوى: انشغال نجوم الراب بالإعلانات وأغاني البوب أثر سلباً على جودة المحتوى، مع تراجع الجرأة والنقد الاجتماعي. يبرز مهاب كاستثناء، محافظاً على روح التمرد.
- أزمة الإبداع الموسيقي: يعاني الراب من نقص الإبداع بعد ابتعاد مبدعين مثل "مولوتوف"، رغم محاولات مروان موسى لتقديم تجارب جديدة، إلا أن الافتقار للتعاونات أدى لتراجع بريق الراب.
ربما بات من الضروري، في الإعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعي، التخلي عن وصف موسيقى الراب المصري ونجومه بـ"الموجة الموسيقية الجديدة". فقد تجاوز هذا النوع الموسيقي مرحلة التأسيس والذروة، بعد أكثر من عقد على ظهوره وانتشاره الواسع. بل إن الراب المصري اليوم يواجه خطر فقدان بريقه، في ظل مؤشرات واضحة على تراجع شعبيته بين جمهور المستمعين العرب، خصوصاً في السنوات القليلة الماضية.
الراب المصري... إحصاءات كاشفة
تكشف إحصائيات نسب الاستماع لعام 2024 عن انخفاض واضح في إقبال الجمهور العربي على موسيقى الراب. فعلى منصة "أنغامي"، غابت أسماء نجوم الراب عن قوائم أفضل 10 أغنيات وفنانين، وحلت أول أغنية راب في المركز الخمسين بعنوان "يا زميلي" لمهاب. أما منصة "سبوتيفاي" التي تهتم أكثر بالفنانين الشباب، فلم تضم قوائمها سوى مروان بابلو وويجز في قائمة أفضل 10 فنانين استماعاً في مصر، مع وجود أغنيتين فقط من نوع الراب ضمن قائمة أفضل 10 أغنيات: "يا زميلي" و"عالعموم" لشهاب.
لم يشهد الراب العربي نجاحاً مماثلاً للأغنيات التي حققت انتشاراً واسعاً في السابق، مثل "دورك جاي" لويجز عام 2020، أو "البخت" في 2023، والتي تنتمي لفئة البوب العاطفي أكثر من كونها أغنية راب. حتى المغني الصاعد "تووليت"، الذي لاقت أغانيه العاطفية الجديدة مثل "حبيبي ليه" و"ما تيجي أعدي عليك" قبولاً واسعاً، يعكس هذا التحول في أذواق الجمهور.
لا يمكن قياس نجاح الراب بمجرد أرقام الاستماع، إذ إن هذا النوع الغنائي لم يستهدف يوماً التفوق على الأغاني التجارية والشعبية، لكنه بات يواجه تحدياً في استقطاب جماهير جديدة. فقد شهدت السنوات الأخيرة انخفاضاً في عدد الإنتاجات الموسيقية والألبومات مقارنة بفترة الذروة بين 2020 و2022.
مثلاً، طرح ويجز ثلاثة أعمال فقط في 2024، بينها اثنان لحملات إعلانية. كما قلّ إنتاج مروان موسى، الذي اكتفى بخمسة أعمال، بينها أغنية لفيلم سينمائي. استثناءً، كان مروان بابلو قدّم ألبوماً وعدداً من الإصدارات، بينما جاء النجاح الأبرز لمهاب، الذي يبدو أنه ما زال في مرحلة التجريب والتمرد.
الركود في الإنتاج الموسيقي انعكس سلباً على المشهد ككل، حيث لم يفرز أسماء جديدة أو مواهب صاعدة، ما يهدد استمرارية الراب. كذلك، انشغل نجوم الراب بالاتجاه نحو الإعلانات وأغاني البوب والتمثيل، ما أفقد الراب جزءاً من أصالته وتميزه.
التحول نحو الأهداف التجارية لم يؤثر فقط على كم الإنتاج، بل أضر بجودة المحتوى. فباتت الأغاني تفتقر إلى الابتكار والتنوع في المواضيع، مع الاعتماد المتكرر على التفاخر بالذات والمال، وتراجع الجرأة والنقد الاجتماعي، التي كانت ميزات بارزة للراب. لكن يُعد مهاب استثناءً، حيث يحافظ على روح التمرد والتجريب في أعماله، ما يفسر نجاحه النسبي مقارنة بنجوم الراب الأقدم، الذين وقعوا في فخ التكرار والانغلاق على أنفسهم.
أين المبدعون؟
إلى جانب قلة الإنتاج والتكرار في المواضيع، يعاني الراب المصري والعربي من أزمة موسيقية. فقد افتقدت الساحة لمبدعين مثل "مولوتوف" و"وزة منتصر"، اللذين شكّلا قاعدة انطلاق الموجة الأولى للراب. فبينما انشغل مولوتوف بإنتاج موسيقاه الخاصة، اتجه وزة إلى الموسيقى التصويرية، تاركين فجوة في الإبداع الموسيقي.
أبرز النجوم مثل مروان موسى حاولوا سد هذه الفجوة بتجارب موسيقية مبتكرة، كما في أعماله مثل "حدوتة ألماني". ومع ذلك، فإن الافتقار إلى التعاونات الموسيقية والتجارب الجديدة أدى إلى تراجع بريق الراب، بخاصة بعد ابتعاد العديد من النجوم عن الدمج بين الراب والموسيقى الشعبية، التي حققت نجاحاً كبيراً في ذروة انتشار الراب.