الذكور والإناث في العصر الحجري
كان الرجال يتنقلون أكثر وكانت لديهم أدوات مرتبطة بالصيد أكثر من النساء (Getty)
عثر باحثون في دراسة جديدة للأدوات الحجرية المدفونة في القبور، على أدلة تدعم حدوث تقسيم لأنواع مختلفة من العمل بين أفراد المجتمع من الذكور والإناث، في مجتمع زراعي مبكر، مع بداية العصر الحجري الحديث.
وفقاً لنتائج الدراسة التي نشرت في مجلة PLOS ONE يوم 14 إبريل/ نيسان الجاري، حلل الباحثون أكثر من 400 أداة حجرية مدفونة في مقابر مختلفة في وسط أوروبا، منذ قرابة خمسة آلاف عام خلال العصر الحجري الحديث المبكر. وقاموا بفحص الخصائص الطبيعية للأدوات، بما في ذلك الأنماط المجهرية للتآكل من أجل تحديد كيفية استخدام الأدوات. ثم أجروا تحليلاً لهذه القرائن في سياق البيانات المعتمدة على تحليل النظائر والعظام التي عثر عليها في القبور.
أشارت الأبحاث السابقة إلى تقسيم على أساس النوع للعمل في أوروبا، أثناء الانتقال إلى العصر الحجري الحديث، خصوصاً عندما انتشرت الممارسات الزراعية في جميع أنحاء القارة. ومع ذلك، ما زال هناك العديد من الأسئلة حول كيفية ارتباط المهام المختلفة ثقافياً بالنساء والرجال في هذا الوقت.
لاحظ الفريق البحثي الذي تقوده جامعة "يورك" اختلافات في الحجم والوزن والمواد الخام، تعتمد على ما إذا كان الجسد جسد ذكر أم أنثى. في السابق، اعتقد علماء الآثار أنّ الأدوات الحجرية المصقولة في هذه الفترة كانت تستخدم في الأعمال الخشبية، لكنّ التحليل يظهر الآن نطاقاً أوسع بكثير من المهام مع أنشطة مختلفة للرجال والنساء.
من المرجح أنّ الأدوات الموجودة في مقابر الإناث، كانت تستخدم في عمل المنتجات المصنوعة من جلود الحيوانات، وكانت أدوات الرجال مرتبطة بالصيد والصراع المحتمل مع الوحوش والحيوانات المفترسة. وخلص الباحثون إلى أنّ الأدوار المختلفة للرجال والنساء كانت جزءاً مهماً من الانتقال إلى الزراعة في المجتمعات البشرية.
قالت ألبا ماسكلينز لاتوري، باحثة ما بعد الدكتوراه في المجلس الأعلى للبحوث العلمية في إسبانيا، والمؤلفة الرئيسية في الدراسة، إنّه غالباً ما يتم التقليل من أهمية دور المرأة وإسهاماتها في هذه المجتمعات البشرية المبكرة جداً.
لكنّ الدراسة الجديدة تظهر أنّ النساء قمن بدور نشط في تشكيل المجتمعات الزراعية المبكرة. وأوضحت لاتوري في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ النساء كانت لهن أدوار مهمة للغاية، لدرجة أنّه تم اختيار هذه الأنشطة لتميزهن عند الموت، والأمر نفسه بالنسبة للرجال؛ إذ عثر في مقابرهم على ما يميزهم من أعمال وحرف، ما يشير إلى أنّه كانت هناك بالفعل أدوار جنسانية محددة، لكنّ كلّ هذه الوظائف كانت مهمة جداً لمجتمعات ذلك الزمان.
ووفقاً للأدلة التي عثر عليها، وجد الباحثون أنّ تقسيم الأدوار في تلك المجتمعات القديمة اتبع نوعاً من التباين المكاني من خلال ملمحين رئيسيين، فمع انتشار الممارسات الزراعية في الغرب الأوروبي، ربما يكون التقسيم الجنسي للعمل قد تغير. وبهذا، لاحظ المؤلفون أنّه في الغرب كان الرجال يتنقلون أكثر وكانت لديهم أدوات مرتبطة بالصيد أكثر من النساء.
أما في المناطق الشرقية، فهناك أدلة تشير إلى أنّ النساء كن يتنقلن أكثر من الرجال، وعثر في مقابرهن على زخارف مصنوعة من الصدف والمجوهرات. تظهر دراسة الأدوار الجنسانية بين الذكور والإناث مدى ديناميكية المجتمعات الزراعية القديمة ومدى وعيها بالمهارات المختلفة لأفرادها. كانت المهام الموكلة إلى المرأة أعمالاً يدوية صعبة، وتكمل عمل الرجل كمساهمين متساوين في المجتمع.