تزامناً مع الاحتفالات بالسنة الأمازيغية الجديدة، والتي تبدأ يوم الثاني عشر من يناير/ كانون الثاني، وعلى مدار ثلاثة أيام، تحضّر معظم العائلات الجزائرية لحفلة "الدراز"، وهي أبرز الطقوس الاحتفالية بـ"ناير" أو رأس السنة الامازيغية.
ترسَّخت هذه العادة في حياة الجزائريين على مرّ الأجيال، وحافظت عليها العائلات أباً عن جد، كونها تعزّز وحدة العائلة وتماسك المجتمع.
و"الدراز" هي عبارة عن إعداد طبق بخشب الفخّار، توضَع فيه مجموعة من المكسرات والحلويات، ليتم سكبها على رأس أصغر طفل في العائلة. ثم يقوم أكبر فرد في العائلة من حيث السنّ في توزيع تلك الحلويات على كل أفرادها. وهو طقس من طقوس الاحتفالات في مناسبة افتتاح السنة الفلاحية.
تحضّر هذه الاحتفالية في اليوم الثالث من أيام السنة الأمازيغية، والذي يصادف يوم 13 يناير/ كانون الثاني من السنة، حيث تعد النساء في البيوت " الدّراز" أو" حلويات العام" إيذانا بأنه بدء الإعداد لاستقبال العام الجديد، بطريقة تسمى في الجزائر بـ"حلوى رأس العام"، في مشهد يعبّر عن الفرح والسعادة، وليكون العام حلواً رغم مرارة ظروف العيش.
في الشرق الجزائري مثلاً، تسمى هذه العادة بـ"القشْقشَة"، وهي أيضاً حلويات وفواكه جافة ومكسرات مخلوطة مع بعضها البعض. إذْ تقوم النساء بتوزيعها على الأطفال الذين عادة ما يخرجون لدق أبواب الجيران من بداية الشارع إلى آخره، طلبًا لهذه الحلويات.
ويردّد الأطفال أثناء دقّهم للأبواب أغنية يُذكر فيها اسم الطفل الصغير في الأسرة المعنية، لجلب انتباه والدته أو كبار العائلة، وبدورهم يفتحون لهم الباب، ليتم بعدها توزيع تلك الحلويات عليهم.
يعتبر الجزائريون هذه العادة من أهم عادات استقبال سنة الإنتاج وانتظار وفرة الحصاد، ولأنَّ "الدراز" له علاقة بحلاوة العيش وطلب الرزق والفرح، وهو ما يفسر حرص العائلات على إعداد الطبق الذي يتضمن الحلويات، فضلاً عن ارتداء الطفل، سواء كان ذكراً أو أنثى، للباس تقليدي. إذْ يجلس الطفل في طبق كبير، وتقوم الوالدة أو الوالد بسكب طبق الحلويات على رأس الطفل، في جوّ حميميّ ومليء بالفرح بين أفراد العائلة الواحدة.
ونظراً لاهتمام الجزائريين بهذه العادة خلال احتفالات السّنة الأمازيغية، يتفنّن التّجار في المحلات والأسواق في عرض وبيع الحلويات المخلوطة بالمكسّرات ممزوجة مع بعضها البعض، تزامناً مع الاحتفالات. إذ تشهد إقبالاً كبيراً لدى الجزائريين، وتزدهر هذه التجارة خلال احتفالات رأس السنة، وحتى في مناسبة المولد النبوي الشريف.