دانت المحكمة الإدارية في مدينة نيس الفرنسية الدولة لانتهاكها حرية التعبير. أتى هذا الحكم على خلفيّة قضية تغطية عناصر من الشرطة واجهة إحدى المكتبات خلال زيارة وزير الداخلية جيرالد دارمانان إلى مركز للشرطة في الجهة المقابلة من الشارع، حيث توجد مكتبة "لي بارلوز" التي تُقدّم نفسها كمكتبة نسوية.
يعود أصل القصة إلى ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عند زيارة وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إلى مدينة نيس، لافتتاح ورشة بناء مركز جديد للشرطة. مكتبة "لي بارلوز" الموجودة في الجهة المقابلة من الشارع قرّرت لهذه المناسبة تعليق مجموعة من العبارات النسوية المناهضة للتحرش والاغتصاب، منها: "أيّها المُغتصبون نحن نراكم، أيتها الناجيات نحن نصدّقكنّ"، و"صوفي نحن نُصدّقك"... وصوفي هي السيدة التي اتهمت وزير الداخلية باغتصابها، وأثارت قضية رأي عام منذ عام 2017. كذلك اختارت المكتبة عرض كتاب الصحافية الفرنسية إيلين دوفينك في الواجهة وهو يحمل عنوان "الإفلات من العقاب" (دار لوسوي، 2022)، ويتحدّث عن قضايا التحرّش التي تلاحق الإعلامي الفرنسي باتريك بوافر دارفور، والذي تشير فيه أيضاً إلى تحرّشه بها. كانت المفاجأة بقيام عناصر من الشرطة بتغطية واجهة المكتبة بقماشة سوداء، لحجب الملصقات التي عُلّق كثير منها في الجهة الداخلية من المكتبة. لهذا فقد الحدث الأصل أهميّته، وتحوّل تركيز الإعلام على القماشة السوداء التي أسدلتها الشرطة وغطّت من خلالها العبارات.
لم تتردّد السيدتان المشرفتان على المكتبة في التقدّم بشكوى إلى المحكمة العليا، وذلك لعرقلة الشرطة الحقّ في حرية التعبير وحرية العمل. في بداية هذا الأسبوع، خرج حكمٌ بإدانة الدولة لمخالفتها القانون وانتهاكها حرية التعبير، خاصة أنها اعتبرت "عدم وجود أي انتهاك للنظام العام" في ما فعلته المكتبة.
وحكمت المحكمة على الدولة بالتعويض على صاحبتي الدعوة عن الضرر المعنوي والمادي الذي لحق بهما، وذلك عبر دفع مبلغ ألف يورو لكل واحدة من المتقدّمات بالشكوى. واعتبرت المحامية الخاصة بالمكتبة، في تصريحات صحافية، أنّ هذا المبلغ لا يتعدّى كونه "رسماً بسيطاً بانتظار الحكم النهائي". في هذا الوقت، اعتبر القاضي الإداري أنه غير مخوّل بالحكم بتقديم اعتذار رسمي.
في المرحلة الثانية من هذه الدعوى، ستنظر المحكمة في مصدر هذا "القرار غير المشروع"، لمعرفة من أين صدر القرار؛ هل جاء مباشرة من وزير الداخلية أم من مركز المحافظة؟ وهو سؤال لم تجد له جواباً منذ اليوم الأول للقضية، خاصة أنّ إجابته تعني حُكماً على تلك الجهة بسوء استخدام سلطتها.