كعادته التي يحرص عليها كل عام، احتفل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعيد الشرطة، الذي يوافق الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني، وهو اليوم ذاته الذي ثار فيه الشعب المصري على نظام الرئيس الراحل حسني مبارك وشرطته.
وحرصاً من الرئيس السيسي على التأكيد على أن يوم 25 يناير هو يوم الشرطة بامتياز، فقد وجَّه في الاحتفالية التي أقيمت بأكاديمية الشرطة، بإنتاج مسلسلات قصيرة لا تتجاوز الخمس حلقات، لـ"تجسيد بطولات الشرطة المصرية"، على حد قوله.
وقال السيسي، خلال حضوره احتفال عيد الشرطة الـ71 (الإثنين الماضي): "لو تعملوا مسلسل حتى 5 حلقات، لكل شخصية من دول، هتعرَّفوا الناس إزاي البلد دي ولَّادة للرجال اللي البلد قدمتهم"، وأضاف: "أتصور إننا محتاجين نطلع الشخصيات دي؛ مش لازم مسلسل طويل، 5 حلقات لكل شخصية والدراما تشتغل فيها؛ للصورة اللي محتاجين نحافظ على حسنها مش نحسنها، اللي هي صورة المصري اللي بيعمل في القطاع ده.. وكانت هناك محاولة من سنين إن الهدم يحصل والجناح ده مايبقاش موجود، عشان ناخد البلد، أو نضيعها".
أحد المخرجين، الذين يعانون البطالة، وفقاً لوصفه لنفسه، يقول لـ"العربي الجديد"، إن النظام مستمر في محاولة تثبيت روايته، والسعي لترسيخ تاريخ مشوه عن ثورة 25 يناير 2011 في أذهان الأجيال التي لم تعاصرها، بكل الطرق الممكنة؛ خاصة أن الطرف الآخر لا يملك من الإمكانيات، في الوقت الحالي، ما يمكنه من تقديم الرواية الصحيحة للثورة، كما حدثت. كما أن من ينتمون ليناير لم ينتبهوا مبكراً لأهمية التوثيق عن طريق الدراما والأعمال الفنية، التي تدوم وتترك أثراً بالغاً في وعي الأجيال التي
ويقول أحد أصحاب شركات الإنتاج الفني إنّ تصريحات الرئيس السيسي "تؤكد أنّه مطلع على أحدث الإنتاجات الفنية، ويتابع جيداً الدراما، ويعلم أن هناك مسلسلات قصيرة تنتج خصيصاً للمنصات الجديدة، التي يمكن استغلالها لتمرير الرسالة التي يرغب النظام في تمريرها، مثل الأعمال التي تتحدث عن بطولات الجيش والشرطة، كما قال الرئيس".
وخلال سنوات حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي الماضية، حرصت الشركة المملوكة للمخابرات العامة والتي تحتكر الإنتاج الفني في مصر، على إنتاج مسلسل جديد كل عام للعرض في موسم شهر رمضان لتمجيد الجيش والشرطة، وبدأ هذا التقليد عام 2017، عندما سيطرت المخابرات على سوق الإنتاج، وأنتجت مسلسل "كلبش" بأجزائه الثلاثة وكان عن الشرطة، ثم مسلسل "الاختيار" بأجزائه الثلاثة والذي تناول عمليات للجيش والشرطة وأحداث الانقلاب الذي وقع في 3 يوليو/ تموز 2013، كما أنتجت الشركة مسلسل "هجمة مرتدة" لتمجيد جهاز المخابرات العامة.
وامتداداً للأعمال الدرامية التي تعيد صياغة الأحداث التاريخية بالطريقة التي تتطابق مع وجهة نظر النظام الحاكم لتلك الأحداث، تقوم الشركة "المتحدة للخدمات الإعلامية" حالياً بإنتاج مسلسل "سره الباتع". يقول نقاد إنّ الأخير "لن يختلف كثيراً من ناحية الرسائل السياسية التي حملها مسلسل الاختيار، لكنّه فقط سيكون في إطار درامي مختلف".
يصور المسلسل الذي يخرجه خالد يوسف "بطلاً شعبياً مصرياً من عصر الحملة الفرنسية على مصر، كان يقاوم الاحتلال، تُربط قصته بقصة أحد أحفاده في العصر الحالي الذي يبحث في تاريخ جده" وفي الوقت نفسه "يناضل ضد حكم جماعة الإخوان المسلمين في عامي 2012 و2013".
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد" عن المسلسل المأخوذ عن قصة للكاتب يوسف إدريس، فإن المعالجة التي يشرف عليها خالد يوسف "تحتوي على مشاهد وقصص عن الدور الذي قامت به أجهزة الأمن في أثناء ثورة يناير 2011، وانقلاب 3 يوليو 2013، بطريقة إيجابية، وهو ما يتسق مع تصريحات الرئيس السيسي التي قالها في حفل عيد الشرطة، الإثنين الماضي، عندما قال إن ثورة 25 يناير 2011 كان هدفها هدم الشرطة والجيش، وأن الشرطة هي التي أنقذت البلاد من الضياع".
واستمراراً في سياسة إنتاج المسلسلات التي تتحدث عن الجيش والشرطة، تنتج الشركة "المتحدة" مسلسلاً آخر بعنوان "الكتيبة 101"، من بطولة عمرو يوسف، وتأليف إياد صالح، وإخراج محمد سلامة، على أن يتم عرضه ضمن أعمال الموسم الرمضاني 2023، لكن مصير المسلسل لا يزال معلقاً.
ويتناول المسلسل الهجمات التي نفذتها جماعات إرهابية مسلحة في سيناء عام 2015، على مواقع عسكرية وأمنية في العريش، باستخدام السيارات المفخخة وقذائف الهاون، واستهدفت هجمات شمال سيناء مقر مديرية أمن المحافظة وموقع الكتيبة 101 التابعة للجيش المصري، واستراحة ضباط في حي السلام بمدينة العريش، إضافة إلى نقاط أمنية في مدينتي رفح والشيخ زويد؛ إذ أطلق الإرهابيون عدداً كبيراً من قذائف الهاون على المواقع الشرطية والعسكرية في مدينة العريش، أعقبها بعد دقائق انفجار سيارة مفخخة قرب أحد مخازن سلاح الكتيبة 101 التابعة للجيش.
وأصدرت الرئاسة المصرية بياناً وقتها، قالت فيه إنه في "أعقاب العمليات الإرهابية التي شهدتها شمال سيناء مساء أمس، قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي قطع مشاركته في اجتماعات القمة الأفريقية بعد حضور الجلسة الافتتاحية، والتوجه إلى القاهرة لمتابعة الموقف".