الدراما اللبنانية في مهب الانهيار وسعر الصرف

08 يناير 2022
يورغو شلهوب في مسلسل "فخامة الشك" عام 2016 (الصدى للإنتاج)
+ الخط -

يبدو أن هذا العام سيكون عام غياب الدراما اللبنانية، في انتظار ما ستؤول إليه الظروف الاقتصادية بعد ارتفاع جنوني لسعر صرف الدولار وانهيار شبه تام للعملة. إذ لم تعد شركات الإنتاج اللبنانية قادرة على تحمّل ارتفاع كلفة الإنتاج، والحال نفسه ينطبق على محطات التلفزيون التي كانت شريكاً وداعماً لهذه الإنتاجات الخاصة بالدراما اللبنانية الصرفة. وقد ساهم هذا الدعم الإعلامي بازدهار هذه الصناعة في لبنان، رغم ضعف المحتوى والحبكات الدرامية التي تعالجها أغلب الأعمال في العقدين الأخيرين.

والواضح أن انفتاح شركتَي الإنتاج الأساسيتَين أي "سيدرز آرت بروداكشن" (الصبّاح) و"إيغل فيلمز" (جمال سنان)، على السوق العربية، في السنوات الأخيرة، والتركيز على مسلسلات الدراما العربية المشتركة جعل من أهمية الأعمال المحلية تتراجع، خصوصاً أمام العائدات الإعلانية والربح المادي الذي تحققه الإنتاجات المشتركة، وهو ما جعل الإنتاج اللبناني يتكئ بشكل أساسي على شركات صغيرة، عاجزة عن تخصيص ميزانيات كبيرة تدعم بها المسلسل اللبناني، وهو ما دفع أغلب ممثلي "الصف الأول" إلى الهجرة نحو الدراما العربية، أو السورية أو المصرية.

في 2022 تغيب الكاتبة اللبنانية كلوديا مرشليان عن تقديم أي مسلسل لبناني، بعدما بقيت لسنوات الكاتبة الوحيدة التي تقدّم أكثر من عمل درامي سنوياً، وتحضر مسلسلاتها على الشاشات طيلة أيام السنة.

كذلك تغيب زميلتها كارين رزق الله عن كتابة أي عمل، وذلك بعدما نجحت هي الأخرى بفرض نفسها كواحدة من أبرز كاتبات المسلسلات اللبنانية في رمضان بمساعدة محطتة LBCI ثمّ MTV. وكانت رزق الله قد برزت كذلك كممثلة، لكن تجربتها في هذا المجال تراجعت تدريجياً، وصولاً إلى انتقادها بعد أدائها مسلسل "راحوا" (إخراج نديم مهنا) الذي عرضته شاشة "إم تي في" العام الماضي. وحاولت رزق الله العبور إلى جسر الدراما المًشتركة، ووافقت على بطولة مشتركة تجمعها بالممثل السوري عابد فهد في مسلسل "350 غرام" من إخراج محمد لطفي، عُرض في موسم رمضان 2021، لكنه فشل بشكل كبير، ولم يحقق نسبة مشاهدة، ما دفع رزق الله للهجوم على فريق العمل واتهامه بأنه هو السبب خلف فشله.

وتغيب شركة "إن ميديا" التي استأثرت لسنوات أيضاً بإنتاجات محلية لبنانية بسيطة، ضمنت تواجدها على الشاشات كل عام.

سينما ودراما
التحديثات الحية

وبينما تغيب القناتان الرئيسيتَان أي LBCI وMTV عن دعم إنتاج أو عرض أي عمل محلي جديد، تفضل قناة "الجديد" شراء مسلسل بمبلغ مقبول وعرضه على شاشتها. أما باقي القنوات فتمتنع عن عرض الأعمال الدرامية المحلية منذ سنوات بسبب غياب الميزانية المخصصة لذلك.

شركة MM لصاحبتها ماي أبي رعد، يبدو أيضاً أنها معتكفة هذا الموسم عن الإنتاج الدرامي، بعدما قدمت 2021 مسلسل "حادث قلب" إخراج رنده علم وقد حقق نسبة مشاهدة عالية في لبنان. لكن الشركة أيضاً تنتظر تبلور الوضع الاقتصادي في لبنان لمتابعة مسيرتها، بعدما قدمت لأكثر من عشر سنوات أبرز المسلسلات اللبنانية التي لاقت متابعة عند اللبنانيين على الرغم من التباين بشأن جودتها.

أمام هذا الواقع يبدو من المفيد العودة إلى الإنتاجات اللبنانية التي عرضت في السنوات الأخيرة. إذ بدت أغلبها منفصلة تماماً عن الواقع وعاجزة عن مجاراة اليوميات اللبنانية السريعة والانهيار الذي تعيشه البلاد. كذلك فشلت الأعمال المحلية في تخطي الحدود المحلية والوصول إلى المشاهد العربي، كما هي الحال مع الدراما المصرية أو السورية، بل بقيت حبيسة القنوات المحلية. ولعلّ السبب في ذلك هو غرقها في دوامة من المواضيع السطحية والساذجة التي يصعب على أي مشاهد التماهي معها. كل هذه العوامل تضافرت مع الأزمة الاقتصادية، لتجعل من صناعة المسلسلات مهمة شبه مستحيلة حالياً.

المساهمون