الجولان المخذول و"الغريب"

18 نوفمبر 2021
"الغريب" يمثل فلسطين في "أوسكار" 2022 (العربي الجديد)
+ الخط -

يعبّر فيلم "الغريب" عن الاغتراب الحقيقي لأبناء الجولان المحتل، وعن هواجس الهوية الوطنية السورية وما قبلها من هوية فرعية تتعلق بمذهب الباقين من أبناء الجولان السوريين، وهو مذهب التوحيد الدرزي وما يتفرع منه من عادات اجتماعية.

ينطلق الفيلم الذي كتبه وأخرجه ابن الجولان أمير فخر الدين من غيمة تعبر الحدود، بين الوطن سورية الأم، وبين الجولان المحتل، وتحديداً قرية مجدل شمس المحتلة. لكن الغيمة هذه المرة سوداء محملة بأتربة ونار القصف في الداخل السوري.

يدور الفيلم حول "عدنان" (الممثل الفلسطيني أشرف برهوم)، العائد من روسيا من دون إكمال دراسته ومكتسباً عادة شرب الخمور، ما يدفع والده (الممثل الفلسطيني محمد بكري) إلى حرمانه من الميراث.

"عدنان" ثائر صامت على المجتمع وعاداته، فينزوي في الجرد مع كلب أعرج، بعيداً عن والدته ووالده وطفلته وزوجته ليلى التي يرفض طلبها المتكرر بالهجرة، لأن "طعم شجرة التفاح يتغير عندما تنبت في غير تربتها".

"عدنان"، وبعد جدال مع أصدقائه، يخاطر وينقذ جريحاً قادماً من الداخل السوري. ومن خلال هذه الأحداث، يطرح الفيلم ــ ولا سيما عبر أصدقاء "عدنان"ــ الآراء المتباينة لدى أهالي الجولان، وخاصة إزاء ما يحدث في الوطن وما يتعلق بحلمهم بهوية سورية، مثل إلى متى يستمر إطلاق النار والقتال في الوطن؟ من أي طائفة وجماعة هذا "الغريب"؟ ماذا لو كان "داعشياً"؟ كيف سيتعامل الاحتلال مع إنقاذه وعبوره الأسلاك الشائكة؟ لماذا تقف دوريات الحراسة الإسرائيلية على الحدود ولا يوجد ما يعكر هدوئها؟

نعرف من خلال البوح بين "عدنان" والجريح "باسل" أنه ليس غريباً، هو أيضاً من الجولان حيث نزحت عائلته بعد النكسة عام 1967 إلى الداخل السوري. ولا يعرف "باسل" من الجولان سوى صورة باهتة لمنزل العائلة تحجبه شجرة كبيرة، وحين قامت الثورة فضّل حمل الكاميرا على حمل السلاح.

يعبر الفيلم صراحة عن شعور أبناء الجولان بأن قضيتهم باتت منسية، فجبهة الجولان منذ النكسة باردة جامدة، ولا قتال ولا مقاومة فيها سوى بعض المحاولات التي قام بها شبان قبض عليهم وسجنوا لسنوات طويلة، والنظام السوري يتعامل مع القضية كورقة إعلامية وسياسية.

يشعر المخرج بالفخر بإنتاج فيلمه الروائي الأول بصناعة محلية بامتياز، بعد مرور أكثر من خمسين عاماً على احتلال إسرائيل للجولان الذي يصفه المخرج بأنه الاحتلال المنسي.

يذكر أن الفيلم سيمثل فلسطين في السباق إلى "أوسكار" 2022، في فئة الفيلم الروائي الطويل الدولي غير الناطق بالإنكليزية، وهذه سابقة، كونه الفيلم الأول الذي أنتج في الجولان من بطولة ممثلين فلسطينيين وسوريين وبمال عربي، إذ تشاركت في إنتاجه شركة "ميتافورا" مع شركة "فريسكو" الفلسطينية وشركاء آخرين.

وعللت اللجنة التي اختارت الفيلم لتمثيل فلسطين بأن "واقع الاحتلال واحد في الجولان وفي فلسطين، فضلا عن تميز الفيلم بلغة بصرية وشعرية، إضافة إلى موضوعه الذي لم يسبق تمثيله في محفل عالمي كهذا".

المساهمون