الجائحة تؤثر سلباً على "الواسابي"... الذهب الأخضر للمطبخ الياباني

20 ديسمبر 2020
يجهل معظم المستهلكين، حتى في اليابان، المذاق الحقيقي للواسابي (فرانس برس)
+ الخط -

لا يحلو تذوّق السوشي من دون الواسابي، مع أن كثراً من المستهلكين لا يعرفون إلا النسخة المقلّدة منه، وهي عبارة عن عجينة الفجل الملوّنة اصطناعياً، لكن وباء كورونا يجبر المنتجين اليابانيين على السعي إلى توسيع قاعدة زبائنهم.

في الواقع، ينمو هذا النبات الأخضر ذو المذاق الحار خلال 12 إلى 18 شهراً، ولا يتم إنتاجه إلا في عدد قليل من المناطق في اليابان، نظراً إلى أن زراعته تتطلب ظروفاً خاصة جداً، لذلك يطلق عليه المزارعون اسم "الذهب الأخضر".

وقال يوشيهيرو شيويا لوكالة فرانس برس وهو يقتلع نبتة واسابي إن "العنصر الأهم هو توافر الكثير من الماء النقي"، موضحاً "من الضروري جداً أن تظل درجة حرارة هذه المياه بين 10 و15 درجة طوال السنة".

يتحدر هذا المزارع البالغ الثانية والستين من عائلة درجت على امتداد سبعة أجيال على زراعة الواسابي في جبال شبه جزيرة إيزو، على بعد 150 كيلومتراً إلى جنوب غرب طوكيو.

وتوفّر هذه المنطقة بيئة مثالية لهذه النبتة، إذ تهطل فيها أمطار غزيرة، وتساعد تربتها البركانية على تسرب المياه إلى جوف الأرض.

وشرح ياسواكي كوهاريمن، من جمعية إيزو التعاونية الزراعية، أن "المياه تتدفق من أعلى الجبل الذي أقيمت فيه مصاطب مغطاة بطبقات من الحجارة والرمل تؤدي مهمة ترشيح هذه المياه وتنقيتها".

كذلك تشكّل مقاطعة شيزوكا التي تقع شبه جزيرة إيزو ضمنها، المهد الطبيعي للواسابي الذي يُعتقَد أنه يُستخدَم في المطبخ الياباني منذ أربعة قرون، وقد استساغه الحاكم العسكري الـ"شوغون" إياسو توكوغاوا ( 1543-1616)، أحد المساهمين التاريخيين في توحيد الأرخبيل، فساهم في انتشاره وشعبيته.

وأشارت إحصاءات وزارة الزراعة اليابانية إلى أن شيزوكا هي مصدر نحو نصف كمية جذامير الواسابي البالغة 550 طناً التي أُنتجت في اليابان عام 2019. وتنتج من كشط هذه الجذامير بهارات ذات خصائص مضادة للبكتيريا، تُستَخدَم لإضافة مذاق لذيذ إلى طعم أطباق الأسماك النيئة، أو إلى طبق سوبا (نودلز الحنطة السوداء).

الجائحة أضعفت القطاع

نظراً لضعف الإنتاج، يستحوذ تجار الجملة في طوكيو وأوساكا (غرب اليابان) على كامل كمية الـ"واسابي" المنتجة في إيزو تقريباً، ويعيدون بيعها خصوصاً إلى مطاعم راقية.

ولا يتقبل توشيا ماتسوشيتا، وهو رئيس الطهاة في مطعم سوشي راقٍ في طوكيو، فكرة استخدام الواسابي "المزيف".

ويلاحظ أن الإحساس الذي يثيره في الفم مزعج "وليس له الكثير من النكهة". أما الواسابي الطازج "فيزيل رائحة السمك النيء، لكنه يعزز مذاقه. إنه حار، ولكن مع بعض المذاق الحلو"، على ما شرح ماتسوشيتا.

وأضاف أن "ثمة اختلافاً في المذاق والملمس وحدّة المذاق الحار وهذا يتوقف على طريقة كل طاه في التقشير".

ولنوعية الواسابي تكلفتها. فماتسوشيتا الذي يستخدم جذموراً واحداً في اليوم، مبشوراً على الطلب لأن توابل الواسابي الطازج تتبخر في عشرين دقيقة، يقول إنه ينفق ما يفوق 600 يورو في الشهر.

 ينتج الواسابي في عدد قليل من المناطق في اليابان، نظراً إلى أن زراعته تتطلب ظروفاً خاصة جداً، لذلك يطلق عليه المزارعون اسم "الذهب الأخضر"

لذلك يجهل معظم المستهلكين، حتى في اليابان، المذاق الحقيقي للواسابي. كذلك كان من شأن حصر تصريف الإنتاج أن سبّب للمنتجين وضعاً صعباً بفعل الوباء.

وذكّر المزارع يوشيهيرو شيويا بأن "المطاعم أغلقت تماماً" خلال تطبيق حالة الطوارئ في اليابان في إبريل/ نيسان ومايو/ أيار، وبالتالي لم يعد تجار الجملة يتلقَّون الواسابي ولا يزال تأثير فيروس كورونا قائماً.

وإذ أشار شيويا إلى أن "المطاعم فتحت أبوابها مجدداً"، لاحظ أنها "تستقبل زبائن أقل من السابق"، ولا يزال الاستهلاك تالياً أدنى بكثير مما كان عليه قبل الوباء. فطلبوا من المنتجين إبطاء شحناتهم.

ملح وكريما مثلّجة

سعياً إلى تنويع قاعدة زبائنهم، باع منتجو الواسابي جزءاً من إنتاجهم إلى شبكات متاجر السوبرماركت في اليابان، وبالتالي أتاحت الأزمة للمستهلكين اكتشاف الواسابي الأصيل.

لكن الأثر الاقتصادي لهذا التطور بقي محدوداً لأن "الناس لم يتعودوا على شراء مثل هذه المنتجات الباهظة الثمن من السوبرماركت"، على ما شرح شيويا.

وبهدف زيادة انتشار الواسابي، تخصصت شركة "ياماموتو فودز" التجارية الصغيرة التي تقع على بعد ساعة بالسيارة من مزارع إيزو، في بيع المنتجات المصنوعة من المعجونة الخضراء.

وقالت مديرة متجر "ياماموتو فودز" مايومي ياسوموري "يمكن أيضاً تناول سيقان نبتة الواسابي وزهورها وأوراقها".

وتستخدم الشركة هذه الأجزاء من الواسابي في صنع الصلصات والملح والمايونيز ومتبّلات الأرزّ وحتى الكريما المثلّجة.

وشددت ياسوموري على ضرورة التوضيح أن "الواسابي ليس مجرد عنصر إضافي في المطبخ، ولكن يمكن أيضاً أن يكون له الدور الرئيسي فيه".

(فرانس برس)

المساهمون