بقي خبز التنّور في ليبيا محافظاً على وجوده التقليدي على الموائد الشعبية، رغم ظهور أنواع مختلفة من الخبز خلال العقود الماضية وخاصة منذ السبعينيات.
وتشمّر السيدات الليبيات، خاصة من جيل ما قبل السبعينيات، عن سواعدهن لصناعته، وتقديمه لأسرهن، ما يبعث على البهجة في المنزل، ويسترجع عبق الماضي.
الحاجة مبروكة تزاول بيع خبز التنّور على بساطته الشديدة، وينجذب الناس متسابقين إلى أرغفتها الشهية المختلطة بمذاق الكمون.
ويختلف خبز التنّور الليبي عن نوع آخر ظهر منذ سنوات. فالتنّور المحلي القادم من الريف، والمصنوع من الطين، هو ما يعطي الخبز مذاقه المميز.
ولا ينظر الناس الى التنّور بوصفه آلة بدائية، ولا إلى خبز التنّور على أنه نوع تقليدي قديم على حساب الأنواع الأخرى الحديثة، بل إن سعر خبز التنّور هو الأعلى، ووجوده على المائدة يبقى الأغلى حضوراً.
وتقول الحاجة مبروكة لـ"العربي الجديد" إنها تعمل على صناعة الخبز بتحمية التنّور، إذ تضع فيه الحطب المشتعل، وتتركه إلى أن يحترق تماماً، ويكون التنّور عندها قد وصل إلى الحرارة المناسبة لاستواء الخبز.
يرش قليل من الماء على بقايا الحطب في قعر التنّور، ويكون الجمر عندها مبيضاً وهو أنسب درجة للبدء في وضع العجين في التنّور، يلصق عجين الخبز على السطح الداخلي للتنور ويغلق، وعلامة نضج الرغيف تحول لونه إلى البني الفاتح، بهذه الطريقة البسيطة يصنع الخبز الليبي التقليدي والمشهور في أغلب المناطق الليبية. وللصغار تخبز السيدات أرغفة صغيرة تسمى "القنان".
وتشير الحاجة مبروكة إلى أنها انتقلت للعيش مؤخراً في مصراتة بدلاً من أوباري التي تتوسط الصحراء الليبية، بسبب موقعها الجغرافي كونها إحدى مدن المنطقة الوسطى، ما يسهل عليها المشاركة في المعارض المحلية بالبلاد.
وتضيف أنها أصبحت مشهورة بسبب مشاركتها في هذه المعارض، وكوّنت قاعدة اجتماعية كبيرة، حتى إن المعارض المقامة أصبحت تتميز بـ "تنور الحاجة مبروكة". ويمثل ارتباط الليبيين برغيفهم التقليدي، خاصة في رمضان، نموذجاً لافتاً لتمسكهم بتقاليدهم إلى جانب حياتهم العصرية.