التعلم الآلي يمكنه توقع تأثيرات تسونامي في أقل من ثانية

23 فبراير 2023
تسبب تسونامي في اليابان عام 2011 بمقتل أكثر 18 ألفاً و500 شخص (يوزوكي هارادا/ Getty)
+ الخط -

في الـ11 من مارس/آذار لعام 2011، أودت حادثة كارثية من موجات تسونامي، ضربت شمال شرق اليابان، بحياة نحو 18 ألفاً و500 شخص، وشرّدت أكثر من 73 ألفاً. يعتقد باحثون أنه كان من الممكن إنقاذ العديد من الأرواح، لو تضمنت أنظمة الإنذار المبكر لكارثة تسونامي الوشيك تنبؤات دقيقة عن مدى ارتفاع المياه في نقاط مختلفة على طول الساحل وفي الداخل. 

في دراسة جديدة نشرت يوم 19 ديسمبر/كانون الأول في دورية نيتشر كوميونيكيشنز، اقترح باحثون تقنية قائمة على التعلم الآلي، يمكنها إجراء التنبؤات التفصيلية حول كيفية تأثير تسونامي في أجزاء من الثانية، بدلاً من نصف ساعة أو نحو ذلك، ما يوفر وقتاً ثميناً للناس لاتخاذ الإجراءات المناسبة وإنقاذ الأرواح.

يضم الساحل الشرقي لليابان الآن أكبر شبكة في العالم من أجهزة الاستشعار لمراقبة حركة قاع المحيط وتقلبات الأمواج. توفر المحطات البحرية البالغ عددها 150 التي تشكل هذه الشبكة إنذاراً مبكراً بأمواج تسونامي. ولكن، لكي تكون ذات أهمية فعلية، يجب تحويل البيانات الناتجة عن أجهزة الاستشعار إلى معلومات تفصيلية حول ارتفاعات أمواج تسونامي على طول الساحل، ونطاقات توغلها في الداخل.

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة إيان موليا، الباحث في مختبر رايكين لعلوم الرصد والتنبؤ في اليابان، إن استخدام أجهزة الاستشعار لرصد وتوقع حدوث الكوارث الطبيعية بدقة متناهية تصل إلى ثانية أو أقل من ذلك، يتطلب عادة حل المعادلات غير الخطية الصعبة عددياً التي تستغرق عادة قرابة 30 دقيقة على جهاز كمبيوتر قياسي. وأوضح موليا، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أنه للوصول إلى حل لهذه المشكلة، استخدم هو وزملاؤه أساليب التعلم الآلي لخفض وقت الحساب إلى أقل من ثانية واحدة، وهي الخاصية المميزة لطريقتهم، أي سرعة التنبؤ مع الدقة، وهو أمر بالغ الأهمية لنجاح مهمة أجهزة الإنذار المبكر.

"نمذجة تسونامي التقليدية توفر تنبؤات بعد 30 دقيقة، وهذا متأخر جداً. لكن نموذجنا يمكنه إجراء تنبؤات في غضون ثوان"، قال موليا. 

نظراً إلى أن ظاهرة التسونامي نادرة الحدوث، قام الفريق بتدريب نظام التعلم الآلي الخاص بهم باستخدام أكثر من ثلاثة آلاف حدث تسونامي جرى إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر، ثم قاموا باختباره باستخدام 480 سيناريو آخر لتسونامي وثلاثة موجات تسونامي فعلية. 

أشار المؤلف الرئيسي للدراسة إلى أن النموذج الحاسوبي المقترح - القائم على التعلم الآلي - يمكن أن يحقق دقة مماثلة بنسبة 1 في المائة فقط من الجهد الحسابي. يمكن استخدام نفس نهج التعلم العميق لسيناريوهات الكوارث الأخرى حيث يكون الوقت جوهرياً، وفقا للباحث الذي يشير إلى أنه يمكن تطبيق هذه الطريقة على أي نوع من التنبؤات بالكوارث حيث يكون الوقت محدوداً للغاية.

"يمكن للنموذج القائم على التعلم الآلي أن يحقق دقة مماثلة للنموذج القائم على الفيزياء مع تقليل التكلفة الحسابية بنسبة 99 في المائة، وبالتالي يسهل التنبؤ السريع والتقدير الكمي الفعال لعدم اليقين"، أوضح موليا، مشدداً على أن هذه الطريقة دقيقة فقط بالنسبة لأمواج تسونامي الكبيرة التي يزيد ارتفاعها عن 1.5 متر، مضيفاً أن هناك حاجة إلى تحسين دقة النظام لأمواج تسونامي الأصغر. 

يعتقد الباحثون أنه يمكن اعتماد الطريقة الجديدة لتوفير تنبؤات مماثلة لسيناريوهات الكوارث الأخرى، حيث يكون الوقت عاملاً جوهرياً. وتوقعوا أن يسهم التقدم المتسارع في علوم الحاسب الآلي في إدخال تحسينات كبيرة للطريقة المقترحة في المستقبل القريب، وبالتالي تعزيز القدرة على التخفيف من آثار تسونامي على مستوى العالم. وقال موليا إن بداية اهتمامه بهذا النوع من التطبيقات كانت دراسة موجات المد بعد كارثة تسونامي التي ضربت المحيط الهندي عام 2004، ودمرت المناطق الساحلية في موطنه الأصلي إندونيسيا: "أنا الآن أعمل على التنبؤ بالعواصف العاتية، باستخدام التعلم الآلي أيضاً".

المساهمون