التحريض يتواصل على الصحافيين العرب في "بي بي سي"

18 مارس 2024
فضح تقرير "بي بي سي" وحشية الاحتلال (رويترز)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مؤسسات إعلامية بريطانية بقيادة "ديلي ميل" شنت حملة ضد صحافيين في "بي بي سي" العربية بسبب منشورات تعاطفت مع المقاومة الفلسطينية، عقب تحقيق عن انتهاكات إسرائيلية في غزة.
- "كاميرا" الصهيونية دعمت الحملة، مما يعكس تأثيرها على الإعلام البريطاني ومحاولاتها لتحريف التغطية الإعلامية للقضية الفلسطينية.
- "بي بي سي" تبحث في الاتهامات الموجهة لصحافييها وتواجه ضغوطاً إضافية من "ذا تليغراف" بسبب استضافة أسيرة فلسطينية محررة، مما يبرز التحديات في تغطية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة، شنّت مؤسسات إعلامية بريطانية حملة ممنهجة ضدّ الصحافيين العاملين في هيئة الإذاعة البريطانية - الخدمة العربية، بسبب تغريدات أو منشورات اعتُبرت إما متعاطفة مع المقاومة الفلسطينية، أو تهاجم الاحتلال الإسرائيلي، غداة السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

آخر فصول هذا التحريض، ما نشرته "ديلي ميل". إذ نشرت الصحيفة البريطانية السبت الماضي، تقريراً موسعاً تحرّض فيه على صحافيتين في "بي بي سي عربي" هما اللبنانية ماري ــ جوزيه القزي والمصرية سهى إبراهيم اللتان عملتا على تحقيق مفصّل نشرته الخدمة العربية في "بي بي سي" في 14 مارس/ آذار الحالي، مع مجموعة من صحافيين آخرين، بعنوان "عن الخوف وأزيز الرصاص في مستشفى ناصر قبل اقتحام الجيش الإسرائيلي له". ونجح الصحافيون في الحصول على شهادات وأدلة تثبت احتجاز وضرب وإذلال جنود الاحتلال الطاقم الطبي في مستشفى ناصر في غزة، بعد اقتحامه.

تحريض "ديلي ميل" ضد صحافيي "بي بي سي"

بعد مرور يومين على نشر التحقيق، نشرت "ديلي ميل" تقريرها الذي تتهم فيه القزي وإبراهيم بالانحياز، بسبب إعجابات قاموا بها لمنشورات سابقة. وكتبت الصحيفة: "صحافيو (بي بي سي) الذين يقفون وراء تقرير اتهم الجنود الإسرائيليين بضرب وإذلال المسعفين في أحد مستشفيات غزة، أبدوا إعجابهم بمقاطع فيديو تحتفل بهجمات حماس الإرهابية ومنشورات مناهضة لإسرائيل على الإنترنت... في وقت سابق من هذا الشهر، أبدت إبراهيم إعجابها بمقطع فيديو لناشطي (أكشن أوف فيليبينز) على (إكس) وهم يمزّقون لوحة زيتية لرئيس الوزراء البريطاني السابق آرثر بلفور، الذي ساعد في تمهيد الطريق لإنشاء إسرائيل. وفي يوم هجمات حماس في 7 أكتوبر، أعجبت بمقاطع فيديو لأشخاص في لبنان وتونس وهم يهتفون ويرقصون ويلوحون بالأعلام الفلسطينية في الشارع في احتفال واضح". وتابعت الصحيفة: "كما أعجبت إبراهيم، المقيمة في لندن، والتي عملت في بي بي سي لمدة 12 عاماً، بمنشور آخر على موقع إكس في 7 أكتوبر يحتفل بأول شهداء العملية. وتضمّنت التغريدة صورة لرجل مصري قُتل بعد إطلاق النار على ثلاثة جنود إسرائيليين في يونيو/حزيران الماضي". وأضافت الصحيفة: "كما أُعجبت إبراهيم بمقطع فيديو لمشجعي كرة القدم المصريين وهم يهتفون (أرواحنا بدمائنا من أجل فلسطين) في أعقاب الهجمات".

وإثر هذا التحريض قالت "بي بي سي" إنها تبحث في مزاعم عن انتهاك محتمل لإرشادات وسائل التواصل الاجتماعي التي تتطلب حياد الموظفين. وقال متحدث باسم الهيئة لصحيفة ذا تليغراف البريطانية: "كما قلنا سابقاً، نحن نأخذ مزاعم انتهاكات إرشادات وسائل التواصل الاجتماعي لدينا على محمل الجد، واتخذنا إجراءات عاجلة للتحقيق في كل حالة بالتفصيل".

في تقرير "ديلي ميل نفسه" مرّت الصحيفة إلى ماري ــ جوزيه القزي وكتبت: "في الوقت نفسه، وصفت السيدة القزي، التي عملت في (بي بي سي) منذ عام 2019 وتقيم في لبنان، إسرائيل بأنها (دولة فصل عنصري إرهابية) في منشور يعود تاريخه إلى عام 2018 وجرى حذفه منذ ذلك الحين، وفقاً لباحثين في معاداة السامية".

دور "كاميرا"

طبعاً كل هذا التحريض على صحافيتَين عربيتَين لم يحصل إلا بدعم وزخم من منظمة كاميرا. إذ أوردت الصحيفة عن متحدث باسم "كاميرا" الصهيونية: "سهى إبراهيم، ومعاذ الخطيب (عمل أيضاً على التحقيق) وماري ــ جوزيه القزي ينضمون إلى القائمة المتزايدة التي تضم الآن أكثر من عشرة موظفين في بي بي سي يغطون الحرب لصالح المؤسسة، بينما تشير حساباتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي بوضوح إلى أنهم ليسوا مراقبين محايدين".

يذكر أن "كاميرا" هي اختصار لـ"لجنة الدقة في إعداد التقارير عن الشرق الأوسط في أميركا"، وهي مسؤولة عن الضغط على وسائل الإعلام، والتحكم بخطوطها التحريرية عند تغطية القضايا المتعلقة بالقضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، وذلك من خلال حشد الاحتجاجات ضد التقارير التي تنتقدها، واحتكار صفحات الإعلانات في الصحف الكبرى، وتنظيم التظاهرات ضد المؤسسات الإعلامية، وتشجيع الممولين على حجب الأموال، وتنظيم رسائل الاحتجاج الجماعية ضد المحرّرين ومديري المؤسسات الإعلامية.

بودكاست "يستحق الانتباه"

في 16 مارس، يوم نشر تقرير "ديلي ميل"، نشرت صحيفة ذا تليغراف مقالاً هاجمت فيه الخدمة العربية في "بي بي سي"، بعدما استضافت الأسيرة الفلسطينية المحررة نفوذ حمّاد ضمن بودكاست "يستحق الانتباه"، وتحدّثت حماد التي أطلق سراحها في صفقة التبادل الأخيرة بين الاحتلال وحركة حماس، عن حياتها بعد أشهر من الحرية.

حمّاد التي كانت أصغر أسيرة فلسطينية، أمضت عامين من أصل 12 عاماً في معتقل إسرائيلي. وقد حكم عليها بالسجن بتهمة محاولة طعن مستوطنة إسرائيلية في حي الشيخ جراح.

هجوم الصحيفة البريطانية جاء ضدّ مقدمة البودكاست نغم قاسم، لأنها "لم تشر بشكل مباشر إلى الهجوم الذي قام فيه حماد بطعن موريا كوهين، وهي أم لطفلين، في ظهرها".

"ذا تليغراف" اتصلت بـ"هيئة الإذاعة البريطانية" التي قالت إنها "تعترف بأنه كان من الممكن توضيح طبيعة الجريمة"، وقالت إن المقابلة ستجري إعادة تحريرها لتعكس ذلك.

المساهمون