تعرف تونس في المدة الأخيرة انتشارًا غير مسبوق للأخبار الكاذبة خصوصاً الأخبار المضللة. ويفسر البعض هذه الظاهرة بالتجاذبات السياسية ومحاولة الأطراف السياسية استغلال منصات التواصل للإساءة لخصومهم السياسيين.
ولعل أكثر خبر تمّ تداوله في نهاية الأسبوع الماضي، هو ما نشره رئيس التحرير السابق في التلفزيون الرسمي التونسي، سعيد الخزامي، إذ زعم أنّ "حركة حماس تعد عناصرها للتدخل في تونس لصالح حزب حركة النهضة بعد القرارات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد يوم 25 يوليو/تموز 2021"، وهي قرارات تمثلت في تجميد عمل البرلمان التونسي وإقالة الحكومة واستئثاره بالسلطة التشريعية والتنفيذية. واعتبر كثيرون أنّ ما نشره الخزامي يدخل في إطار الأخبار المضللة، والغاية منها توجيه اتهام لطرف سياسي ما.
وكذبت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، عن طريق منصتها "تونس تتحرى"، ما نشره الخزامي، واعتبرته خبراً مضللاً لا أساس له من الصحة.
كما تداول التونسيون خبر حصول رئيس محكمة التعقيب الطيب راشد الذي أقيل من منصبه على راتب شهري من شركة "فسفاط قفصة" تبلغ 60 ألف دينار تونسي (نحو 22 ألف دولار أميركي)، وهو الخبر الذي نفته الشركة. وأكدت أنها لا تمنح راتباً لأي طرف بهذا المبلغ، وأن ما تمّ تداوله خبر مضلل الهدف منه الإساءة للشركة.
وتداولت بعض الصفحات والمواقع نهاية الأسبوع الماضي خبر استجواب مفتي الجمهورية عثمان بطيخ، بسبب فساد مالي أثناء توليه سنة 2015 وزارة الشؤون الدينية في الحكومة التونسية، ليقع تكذيب الخبر من قبل المفتي ومن قبل منصة "تونس تتحرى". واتضح أن الخبر يعود إلى سنة 2017، وهو خبر غير صحيح، أعادت نشره بعض الصفحات والمواقع لغايات غير معلومة.
وليست الأخبار الكاذبة جديدةً في تونس بل هي تنتشر منذ فترة، ما دفع إلى إطلاق منصة "تونس تتحرى".
وكان لـ"العربي الجديد" اتصال سابق، بأستاذ الإعلام في الجامعة التونسية الدكتور الصادق الحمامي الذي اعتبر ظاهرة الأخبار الزائفة والمضللة ظاهرة عالمية لا تختص بها تونس فقط، مؤكدًا أنه "يجب أن نميّز بين ثلاثة أشياء وهي الأخبار الزائفة وهي أخبار صُممت بغاية التضليل، والشائعات وهي معلومات مجهولة المصدر تتعلق بأشخاص وأحداث وليست بالضرورة للتضليل، والأخطاء الصحافية وهي أخطاء يمكن أن تكون عن قصد أو من دون قصد".
الدكتور الحمامي رأى أن "في تونس هناك عدة أسباب لانتشار هذه الظواهر من بينها أن الصحافيين والمؤسسات الإعلامية تتعامل مع الأخبار بمنطق السوق، فتتحول الأخبار إلى بضاعة ذات طابع تنافسي من خلال ما يعرف بالأخبار العاجلة والحصرية، وهناك أيضاً ضعف في آليات التدقيق في الأخبار في غرف الأخبار، مما يتسبب في الكثير من الأخطاء التي يعود بعضها إلى الثقة المفرطة في المصادر. وبالتالي، للخروج من هذه الوضعية على الصحافيين أن يتسلحوا بالمهنية والمصداقية وآليات التثبت من الأخبار قبل نشرها، لأنهم أصحاب مسؤولية مجتمعية كبيرة".