مجدداً، يتمادى بعض مقدّمي برامج الحوار الفنية في العمل على استجواب الضيف للفوز بـ"سكوب"، بدلاً من سؤاله عن الأعمال الفنية التي شارك بها أو ما سيقدمه من أغانٍ، أو في السينما والدراما وحتى المسرح. مجرد ثرثرات، تغذّي الشاشات اللبنانية بطريقة تبدو مستفزة بالنسبة للمشاهد، فكيف هو الحال بالنسبة للضيوف الذين يتورطون في هذه اللقاءات؟
لا يمكن وصف ما قام به المذيع رودولف هلال قبل أيام، عند استضافته ماريا معلوف. هذه الأخيرة، هي "إعلامية لبنانية" تجاهر بمناصرتها لدولة الاحتلال الإسرائيلي. محاولة بائسة، سعى من خلالها المذيع إلى أن يكون "الجلاد"، بدلاً من توجيه الأسئلة المفترضة لمواطنة لبنانية قبلت أن تكون مؤيّدة لدولة احتلال، وهي تسعى منذ بداياتها في لبنان إلى الضوء والكسب المادي الذي يحققه ظهورها الإعلامي، حتى قبل سفرها الى الخارج والمجاهرة بآرائها التي تستفزّ الشارع اللبناني، ويتناوب روّاد مواقع التواصل الاجتماعي الرد عليها.
يخرج نمط برنامج "المجهول" على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال من كونه برنامجاً حوارياً يضيف معلومات أو يوثق لحدث فني إلى باحث عن "سكوب"، مهما كان ذلك مكلفاً للضيف، أو للأمانة المهنية في هذا النوع من البرامج.
ولا يتوانى زميل رودولف هلال، علي وهبي، عن فتح ملفات خاصة مع الضيوف، تحولت في الفترة الأخيرة إلى ظاهرة ابتدعها بعض المذيعين. الواضح أن علي وهبي متأثر جداً بزميلته رابعة الزيات التي تحاول الصعود على أكتاف قضايا إنسانية واجتماعية من خلال برنامج تقدمه على شاشة لنا السورية.
علي وهبي يطرح بمناسبة أو من دون مناسبة أسئلة في اعتقاده أنها مختلفة، لكنها تُظهر على الفور مدى انهماكه بالتوجه إلى تحقيق "سكوب"، ولو من خلال ممثل أفنى عمره في عالم الدراما، وتسجل له بطولات في السنوات الأخيرة، وهو فايز قزق الذي لم يرتبك جراء سؤاله عن رأيه بالمثلية الجنسية. ما الدافع من هذا السؤال لبطل "كسر عضم"؟ خصوصاً أن إجابة قزق تمحورت حول الحديث عن أن سبب المثلية هو "سوء التربية"، ما فتح الباب أمام ردود فعل منددة بما صرح به الممثل، وانعدام ثقافته الجنسية علمياً.
الأمر نفسه بالنسبة لرابعة الزيات، إذ تحاول البقاء على كرسيها في "لنا"، بعدما عُيّنت في منصب إداري، إضافة إلى كونها مقدمة برامج. من خلال فريق إعداد رابعة الزيات، تأتي محاولة طرح أسئلة تتحول إلى قضايا مثيرة على المواقع البديلة، ويقع بها الضيف، خصوصاً لدى الفنانين السوريين الذين يحاولون الهرب من هذه الأسئلة بلباقة، لكن الزيات تصرّ على استجوابهم بطريقة تبدو منفرة، أصبح المشاهد مع الوقت يدركها، لكن ذلك لا يعفي البعض الآخر من الفنانين الذين يدلون بتصاريح يبدو بعضها رجعياً.
يبقى السعي من قبل هذه العينات الثلاث من المقدّمين إلى الضوء هو الحاكم بأمر البرامج الحوارية التي يزعمون أنها فنّية، لكنها لا تلبث أن تقع في فخ اللهاث وراء إثارة الجدل، حتى لو تطلّب الأمر إحراج فنان عبر سؤاله عن أمر لا يفقه فيه شيئاً.