البحث عن صديق عبر تطبيق: منحى جديد بعد جائحة كوفيد-19

06 يونيو 2022
عانى ثلث الفرنسيين بين 15 و30 عاماً من الوحدة في العام الماضي (Getty)
+ الخط -

تشهد تطبيقات لقاءات الصداقة على الإنترنت إقبالاً كبيراً من الشباب المتعطّشين إلى إحياء العلاقات الاجتماعية التي عطّلتها الجائحة مدّة عامين، فيتفقون من خلالها على أنشطة ترفيهية مشتركة.

وتسعى هذه المنصّات إلى محاربة العزلة الاجتماعية التي يتزايد عدد من يعانونها، وخصوصاً منذ أزمة كوفيد-19. وتكفي بضع نقرات، كما في مواقع المواعدة، لينشئ الراغب في الانضمام إلى أحد هذه التطبيقات ملفّه الشخصي، متضمّناً اسمه الأول وعمره واهتماماته.

ويرى محمد (29 عاماً)، الذي يقيم في المنطقة الباريسية ويعمل في مجال المعلوماتية، في هذه التطبيقات طريقة "لطيفة" للقاء أشخاص جدد من خلال أنشطة مشتركة، معتبراً أنّ هذا الإطار يجعل التحادث "أكثر سهولة".

فتطبيق ميتاب (Meetup) الذي أُطلق موقعه الإلكتروني في العام 2002، والذي كان الرائد في هذا القطاع، يتيح للأعضاء الانضمام إلى مجموعات عبر الإنترنت تتمحور حول موضوع ما، وتنظّم أنشطة جماعية.

ويوضح الرئيس التنفيذي لـ"ميتاب" ديفيد سيغل، لوكالة فرانس برس، أنّ التطبيق "كان يركّز دائماً على التعلم والتكنولوجيا، لكن هذا الأمر يتغيّر". ويلاحظ أنّ "الناس باتوا يريدون فقط التعرف على أشخاص جدد وبناء علاقات".

انتشرت عمليات البحث عن الكلمة الرئيسية "أصدقاء" على هذه الشبكة الاجتماعية أثناء الجائحة، كما زاد عدد مستخدميها بنسبة 15% إلى 59 مليوناً حول العالم، تتراوح أعمارهم بين 30 و45 عاماً بشكل أساسي.

كوفيد "حافز"

شهدت المنصّة المخصصة للصداقة بامبل فور فريندز، التي أُطلِقت في العام 2016، "تطوّراً كبيراً" في العام الفائت، على ما توضح نائبة الرئيس لمنطقة أوروبا ناومي ووكلاند، علماً أنّه في الأصل أحد أشهر تطبيقات المواعدة الغرامية.

وتلاحظ ووكلاند أنّ التطبيق يشهد في ظل التخفيف الحالي للقيود الصحية "اهتماماً جديداً" بالأنشطة "الجماعية"، بعد عامين "عاش فيهما كثر وحيدين" ومن دون التواصل مع الآخرين.

وتؤكّد أستاذة علم الاجتماع في جامعة مونتريال سيسيل فان دي فيلدي أنّ الجائحة وفترات الحجر "فاقمت الشعور بالوحدة" في كل أنحاء العالم. وتوضح أنّ دراسات في كندا وفرنسا وبريطانيا أظهرت أنّ هذا الوضع ترك أثراً على الشباب بنوع خاص.

وعانى ثلث الفرنسيين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و30 عاماً شعوراً بالوحدة العام الماضي. أما النسبة من إجمالي سكان فرنسا فتصل إلى 21 في المئة، وفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة فونداسيون دو فرانس.

وتشير فان دي فيلدي إلى أنّه "من غير المعروف بعد" ما إذا كان تأثير الجائحة في هذا الاتجاه لا يزال قائماً. وتوضح أنّ "الدراسات ستبيّن ما إذا كان الناس أعادوا إحياء صداقاتهم وعلاقاتهم، أو باتوا ينغلقون في عزلة مزمنة".

ويتمثّل التحدي للشباب، كما للأكبر سناً، حالياً، في إعادة نسج العلاقات.

ويتيح موقع فريمايك منذ العام 2019 مشاركة المنضوي إليه في أنشطة جماعية بالقرب من مكان إقامته ينظّمها أفراد، ويقول مؤسسه علاء الحيّاط إنّ "كوفيد كان حافزاً عالمياً"، إذ "جعل الجميع يدركون أن عليهم الاستمتاع بالحياة".

ويشير إلى أنّ عدد مستخدمي "فريمايك" كان يشهد "ارتفاعاً قوياً" بعد كلّ رفع لإجراءات الإغلاق، وبات يصل إلى 150 ألفاً، تراوح أعمار معظمهم بين 25 و45 عاماً.

صداقة مستدامة؟

انضم أليكس (33 عاماً) إلى الموقع قبل عام عندما أعيد فتح المتاجر وأماكن الترفيه في فرنسا. ويتذكّر الرجل المقيم في منطقة إيل دو فرانس أنّه كان يحتاج بشكل كبير "إلى الخروج والتعرف على أشخاص".

ومذّاك، أصبح استخدام التطبيق للمشاركة في نزهات أو تنظيمها "أشبه بإدمان" لدى أليكس. ويشرح قائلاً: "أعاين التطبيق كلّ يوم تقريباً، وأرغب دائماً في مقابلة أشخاص واكتشاف أماكن جديدة".

وتقول عالمة الاجتماع في "أورانج" آن سيلفي فارابود، التي أجرت بحثاً عن مجتمع موقع لقاءات الصداقة "أون فا سورتير"، أي (سنخرج باللغة العربية) إنّ أسباباً مختلفة، غالباً ما تكون ذات طبيعة عملية، تؤدّي إلى الانضمام إلى هذه التطبيقات، منها مثلاً إعادة تكوين شبكة صداقات بعد الانتقال للعيش في مكان جديد أو الانفصال عن الشريك، وإيجاد أشخاص مستعدين للمشاركة في نشاط ما عندما لا يكون الأصدقاء المعتادون متوافرين.

هل يمكن أن تؤدي هذه اللقاءات عبر الإنترنت إلى صداقة دائمة؟

ترى فارابود أن كل شيء مرهون، كما هي الحال في أيّ علاقة، "بقدرة الأشخاص على الحفاظ على العلاقة الناشئة والالتقاء مرة أخرى". يتطلّب تحقيق ذلك "إخراج الشخص من السياق المحدد الذي حصل فيه اللقاء، وإدراجه في شبكة" الأصدقاء الفعليين في الحياة الواقعية.

(فرانس برس)

المساهمون