البازار الفلسطيني في لندن... عودة إلى التراث

19 مارس 2023
شهد البازار حضوراً حاشداً (كاتيا يوسف)
+ الخط -

استطاع البازار الفلسطيني أن يعود بزواره إلى أجواء فلسطين الثقافية والفنية والاجتماعية، إذ جمع للعام الثاني على التوالي الفلسطينيين وأبناء الجاليات العربية في منطقة غرينفورد غرب لندن، حيث تزامن تاريخه في 18 مارس/آذار مع اقتراب شهر رمضان وعيد الأم. 

وجذب البازار الذي نظّمه "منتدى التفكير العربي" بالتعاون مع "المنتدى الأردني في المملكة المتحدة"، حضوراً لافتاً من المهتمين بالشأن الفلسطيني والإعلاميين، وكان معظم الحضور من العائلات والأطفال، لاهتمام القيّمين بتوفير هدايا لكل طفل وأماكن لعب لهؤلاء الصغار، فضلاً عن الدخول المجاني للجميع.

وقال رئيس المنتدى الأردني في بريطانيا، حلمي حراحشة، لـ"العربي الجديد" إن "المنتدى الأردني لا يزال حديث النشأة؛ فقد تأسّس منذ عام تقريباً. مع ذلك، قمنا بعدد من الفعاليات في أنحاء مختلفة من بريطانيا خلال شهر رمضان الماضي. وكانت لنا أعمال مشتركة مع المنتدى الفلسطيني ومنتدى التفكير العربي. والهدف من كل ذلك طبعاً هو ثقافي واجتماعي، كي يبقى الإنسان متمسّكاً بجذوره".

وتابع أنّه يشعر بالفرح حين يرى الصغار يرتدون الزي الفلسطيني. لافتاً إلى أن هذه الأمور على بساطتها، تجعل الأطفال أكثر تعلّقاً ووعياً بأصولهم. كما أن هذه الفعاليات تُدخل البهجة إلى نفوس الكبار، الذين نستطيع أن نرى السعادة على وجوههم، ولو كانت مجرّد مشاركة في تناول أطعمة متنوّعة من دولنا العربية. 

تراث فلسطيني
(كاتيا يوسف)

ونوّه حراحشة إلى أن الحفاظ على تراثنا ولغتنا وتلاقي العرب للتعارف والتواصل الاجتماعي، هو الهدف الأسمى لهذه الفعاليات.

ولفت إلى أنّ الجاليات العربية بحاجة إلى إدارة وتنظيم، وأنّه حالياً يعمل على تحقيق ذلك ويتواصل مع الجاليات العربية لتكوين لجنة يمكن من خلالها تمثيل العرب لدى السلطات المحلية في البلاد. وختم بالقول: "عندما نعمل بشكل عربي مشترك نكبر ويكون وجودنا وتأثيرنا أكبر".

من جهته، علّق رئيس منتدى التفكير العربي، محمد أمين، على البازار بالقول إنّه حظي بحضور حاشد من الجالية الفلسطينية والعربية وأصدقاء الشعب الفلسطيني، وإنهم يقيمون البازار للعام الثاني على التوالي، إيماناً منهم بأن هذه الفعاليات الثقافية والتراثية هي جزء أساسي من معركة الهوية والرواية كما هي جزء من ربط الأجيال الفلسطينية بهويتها وتراثها.

وأضاف أمين: "نسخة هذا العام كانت مميزة بسوق رمضاني فلسطيني، حيث اشترى الزوار مواد "السحور الفلسطيني" التقليدي، وسط أجواء عائلية دافئة اجتمع فيها العرب من كافة الجنسيات. ونحن في المنتدى نؤمن بأن رفرفة العلم الفلسطيني وأنغام الدبكة الفلسطينية ورائحة الزيت والزعتر، كلّها جزء من التمسك بتراثنا وهويتنا وقضيتنا".

وبالفعل، برز التراث الفلسطيني بجلاء في جنبات المكان، حيث توزّعت طاولات عرضت كتبا ومطرزات وأزياء تقليدية، بالإضافة إلى التمور والعسل وزيت الزيتون والزعتر، التي جاءت من أراضي فلسطين. وتهافت الكبار والصغار على الأطعمة الشعبية، خاصة الكنافة النابلسية الشهيرة. كما تفاعل الحاضرون بحماس مع الدبكة الفلسطينية، التي برعت فيها شابات يافعات، على إيقاع الأغاني التي قدّمها الفنان بلال العسلي.

بدوره، قال البروفيسور كامل الحواش، إنّ جميع الجاليات والمنظّمات تلعب دوراً في ما يتعلّق بالشؤون الثقافية والارتباط بالأوطان. وأكّد أنّ تنظيم فعالية مثل البازار الفلسطيني مهمّة وتتطلّب جهداً وتمويلاً، خاصّة أنّ الدخول مجاني. وأكّد على ضرورة العمل بشكل أكثر تنظيماً، كسفراء لبلادنا وقضايانا في بريطانيا وبطريقة يمكن أن يكون لها تأثير أكبر.

وأوضح أن "على سبيل المثال عندما تحدّثت اليوم عن حملة التضامن مع فلسطين، قال لي عدد من الأشخاص إنّهم لم يسمعوا بهذا الخبر. يعني هناك نوع من غياب التنظيم ونشر المعرفة، مع العلم أنّني لا أنفي وجود مبادرات جيدة نتناول فيها مشاكلنا والتحديات التي تواجهنا".

وبما أنّ السياسة تتخلّل جميع مناحي حياتنا، كان لـ"العربي الجديد" حديث مع المستشار القانوني، علي القدومي، الذي عبّر عن دعمه وتضامنه للعرب في بريطانيا من خلال تواجده في هذه الفعاليات، وأيضاً التي تتمثّل عادة بتقديم استشارات مجانية في قضايا القانون وإدارة الشركات منذ ما يقارب الـ18 عاماً.

تراث فلسطيني
(كاتيا يوسف)

وفي تعليقه على التشريعات الجديدة حول ترحيل طالبي اللجوء الذين يصلون إلى البلاد عبر القوارب إلى رواندا وحظرهم بشكل نهائي من دخول المملكة المتحدة، التي لا تزال مثار جدل، أوضح القدومي أنّها غير قانونية كونها تنتهك حقوق الإنسان واتفاقية الأمم المتحدة.

وأكّد أنّه ضدّ هذه القوانين، لأنّ اللاجئ القادم من بلد تشتعل فيها الحروب يستحق الحصول على حق اللجوء، ويتعارض ترحيله مع أي جمعية حقوق إنسان في العالم. كما أنّ الحديث عن دخول البلاد بطرق شرعية للحصول على حق اللجوء أمر شبه مستحيل، لأنّ ذلك يعني الحصول على التأشيرة.

ولا تعطي بريطانيا تأشيرات لمعظم الأشخاص المقيمين في دول عربية تعاني من أزمات وحروب مثل سورية ولبنان واليمن وليبيا ومصر. وتساءل: "كيف يصل هؤلاء؟" وتابع، ينبغي أن تعيد الحكومة البريطانية النظر في قرار ترحيل اللاجئين إلى دولة أفريقية، لأنه غير إنساني.

المساهمون