الانتخابات الأوروبية: منصات التواصل تسهّل مهمّة اليمين؟

20 مايو 2024
أمام ملصق إعلاني لحزب البديل من أجل ألمانيا (جنس شلوتر/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مواطنو الاتحاد الأوروبي يستعدون لانتخاب نواب برلمانهم وسط تحديات تواجه الأحزاب التقليدية بسبب صعود التيارات اليمينية المتطرفة، مع تأثير واضح لليمين الشعبوي عبر القنوات الرقمية.
- الشباب يظهرون تفضيلاً للأحزاب اليمينية الشعبوية، مع دور كبير لوسائل التواصل الاجتماعي مثل تيك توك في جذب أصواتهم، مما يعطي الأحزاب النشطة رقمياً ميزة تنافسية.
- التمويل الروسي يثير القلق في السياسة الأوروبية بدعمه لليمين المتطرف لزعزعة الديمقراطيات، مع إجراءات صارمة من السلطات ضد الأنشطة غير الشفافة والتدخلات الأجنبية.

يتحضر مواطنو دول الاتحاد الأوروبي الـ27 لانتخاب نواب برلمانهم لمدة خمس سنوات جديدة لتمثل مصالحهم في التكتل والمفوضية الأوروبية. ومع التقدم الذي تحظى به التيارات اليمينية المتطرفة في أوروبا في استطلاعات الرأي، وجدت الأحزاب التقليدية نفسها أمام تحديات للجم التصويت لهذه المجموعات قبل حلول موعد الانتخابات الأوروبية المقررة بين 6 و9 يونيو/حزيران المقبل، بعدما تبين أن دور وحضور اليمين الشعبوي له تأثيره الواضح على القنوات والمنصات الرقمية.
لكن ماذا عن توجهات تصويت الشباب لـ"البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف ونظرائه في حملة الانتخابات الأوروبية، وطريقة الاستقطاب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن القانون أعطى لكل مواطن أوروبي يبلغ 16 عاماً حق التصويت لنواب الاتحاد الجدد؟

الشباب يؤيدون البديل في الانتخابات الأوروبية

وفقا لدراسة "الشباب في ألمانيا" التي يجريها بانتظام منذ عام 2020 الباحث سيمون شنيتزر، تبين أن 22 في المائة من الشباب في ألمانيا وحتى عمر 29 عاماً سيصوتون لصالح حزب البديل اليميني الشعبوي في الانتخابات الأوروبية المقبلة، فيما 25 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع، أجابوا "لا أعرف". 
كذلك هناك شبه إجماع على أنه، وبحكم أن اليمين الشعبوي في أوروبا اعتمد على منصات التواصل أكثر من اعتماده على وسائل الإعلام التقليدية منذ البداية واستغل المشهد الإعلامي بنجاح كبير، فإن سياسييه يتفوقون الآن على الكثير من المنافسين الآخرين. 
وهناك مثل صارخ على ذلك في ألمانيا: المرشح الرئيسي لحزب البديل للانتخابات الأوروبية مكسيميليان كراه. إذ يتقدم هذا الأخير بفارق كبير على مرشحي باقي الأحزاب، وتتجاوز مشاهداته على المنصات مليون مشاهدة في بعض الحالات. مع العلم، أنه في مارس/آذار الماضي تم التضييق على المحتوى الذي ينشره بسبب انتهاكات للقواعد الأساسية.
وفي ظل هذه الأجواء، بيّنت تقارير إعلامية أن السياسيين في الأحزاب الأخرى، ومن أجل مواجهة اليمين الشعبوي على منصات الإنترنت خلال حملة الانتخابات الأوروبية، يسعون لتكثيف حضورهم على هذا النوع من المنصات.

دور منصة تيك توك

عن السياسة الرقمية والدور الذي تلعبه منصات التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها "تيك توك" في الانتخابات الأوروبية التي تهدف بشكل أساسي لاستهداف المراهقين ممن تجاوزوا سن 16 عاماً بات يحق لهم التصويت، قال المستشار السياسي يوهانس هيلجي في مقابلة مع "راينشه بوست" في وقت سابق من الأسبوع الماضي، إن تطبيق تيك توك يلعب دوراً مهماً في "استقطاب أصوات الناخبين الشباب"، مشيرا إلى أن ثلثي الاشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و19 عاماً يستخدمون التطبيق الصيني، وبالتالي يمكن للأحزاب هناك الوصول إليهم، إذ تجذبهم مقاطع الفيديوالملائمة لتطلعاتهم، ما يولد التفاعلات معها. لذا تريد الأحزاب أن تتكيف مع أفكار الشباب عبر وسائل التواصل لجعل محتواها ينتشر بسرعة كبيرة. 
وفقاً لمكتب الإحصاء الفيدرالي، حتى نهاية عام 2023 كان هناك حوالى 1,4 مليون ناخب تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاماً يعيشون في ألمانيا، وسيسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات الأوروبية.
واستناداً إلى ما سبق، أشار الباحث الاجتماعي كلاوس هورلمان، إلى أنّ جيل الشباب مهتم بالتأكيد بالسياسة، لكن القنوات غير الرقمية باتت تلعب دوراً ثانوياً، ولافتاً إلى أن الأحزاب التي لم تستخدم القنوات الرقمية لن تتمكن من أن تحاكي جيل الشباب. وهنا، يبرِز المستشار والمدون مارتن فوكس أن حوالى 30 من أعضاء البرلمان الأوروبي لديهم ملفات تعريف على "تيك توك"، أي أقل من نصف أعضاء البرلمان الأوروبي الذين يمثلون ألمانيا وعددهم 96 نائباً.

قبل أن يشدد على أهمية إمكانيات المناقشة عبر "تيك توك"، مع عرض مقاطع فيديو تحتوي على الكثير من التعليقات، وبالتالي تتمتع بقدرة ومدى انتشار أكبر. ومن خلال وظائف "دووت" أو "ستيش" الحصرية لتطبيق تيك توك، يمكن أيضاً التعليق على مقاطع الفيديو وتصنيفها، مما يجعلها جزءاً مهماً جداً من تكوين الرأي والخطاب على المنصة.

دعم مالي روسي 

في ظل هذا الواقع، يبقى مهماً جداً الأخذ بعين الاعتبار، دور الأموال التي تتدفق عبر قنوات، ليست ذات شفافية، لصالح اليمين المتطرف والقوى المتطرفة الأخرى، وفي بعض الأحيان من أجل "زعزعة استقرار الأنظمة الديمقراطية، ونشر الروايات اليمينية المتطرفة واللاإنسانية"، وفق تقارير إعلامية مختلفة تطرقت بشكل خاص إلى دور التمويل الروسي.
هذه المخاطر شكلت منعطفاً للسلطات المعنية، إذ حصلت مداهمات وتفتيشات لممتلكات وأماكن سكن نواب ينتمون للبديل مشتبه في تلقيهم أموالاً من روسيا. وقد اعتبرت هذه الأموال من قبل مكتب الادعاء العام كأنها رشوة وغسل أموال، مع بروز وثائق وبيانات تدين هؤلاء النواب، وأبرزهم النائب بيتر بيسترون، الذي يحتل المركز الثاني في قائمة البديل للانتخابات الأوروبية. وقد رُفعت الحصانة عنه في البوندستاغ (مجلس النواب الألماني الاتحادي).

المساهمون