الاحتلال يقتل الصحافيين: نظرة على حيوات خسرناها

23 نوفمبر 2023
تستهدف قوات الاحتلال الصحافيين وعائلاتهم ومقار عملهم (علي جاد الله/ الأناضول)
+ الخط -

أعلنت اللجنة الدولية لحماية الصحافيين، الثلاثاء، أن عدد الصحافيين الذين قتلوا خلال شهر من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة هو الأعلى في تاريخ "الصراعات" التي عملت على جمع بياناتها خلال العقود الثلاثة الماضية.

ووصفت اللجنة التي تحقق في جميع التقارير المتعلقة بمقتل الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام أو إصابتهم أو فقدهم خلال الحرب، ومقرها نيويورك، الشهر الذي تبع عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأوّل بأنّه "الأكثر دموية" منذ عام 1992.

ووثقت هذه اللجنة مقتل 53 صحافياً وعاملاً في مجال الإعلام منذ السابع من أكتوبر. حصيلتها هذه تشمل أربعة قتلى إسرائيليين. كما تشمل ثلاثة لبنانيين هم المصور العامل في وكالة رويترز عصام عبدالله الذي استشهد في 13 أكتوبر، ومراسلة قناة الميادين فرح عمر ومصورها ربيع المعماري اللذين استشهدا أول من أمس الثلاثاء.

أضافت المنظمة غير الحكومية على موقعها الإلكتروني: "يواجه الصحافيون في غزة أخطاراً كبيرة خلال محاولتهم تغطية النزاع أثناء الهجوم البري الإسرائيلي، بما في ذلك الغارات الجوية الإسرائيلية المدمرة، وخلل الاتصالات، ونقص الإمدادات، وانقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع".

لكن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أعلن، الثلاثاء، ارتفاع عدد الصحافيين الشهداء جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل إلى 62. كما استهدف الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 61 مقراً ومكتباً تابعة لمؤسسة إعلامية. أما في محافظات الضفة الغربية، فوصل عدد الصحافيين المعتقلين إلى 32.

أدناه إضاءة على مسيرة بعض الصحافيين الذين خسرناهم على يد الإجرام الصهيوني وسط العدوان المتواصل في غزة، حيث استشهد أكثر من 14 ألف فلسطيني.

بلال جاد الله

بلال جاد الله (إكس)
(إكس)

استشهد رئيس مجلس إدارة مؤسسة بيت الصحافة جاد الله، في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، بغارة جوية إسرائيلية استهدفت سيارته. "بيت الصحافة" مؤسسة مستقلة وغير ربحية عملها مناصرة حرية الرأي والتعبير وتوفير الحماية القانونية للصحافيين. تملك المؤسسة أيضاً وكالة سوا الإخبارية.

الصحافية الشابّة بلستيا العقاد (22 عاماً) التي تطالعنا بفيديوهات من قلب غزة، والتي لفتت الأنظار إليها بصلابتها وثقتها بنفسها، كتبت عقب استشهاده: "بيت الصحافة كان المكان الأول الذي تلقيت فيه دورات تدريبية والمكان الأول الذي عملت فيه. كان بلال حاضراً دائماً لدعمي وإرشادي. لن أنسى نصائحه إطلاقاً".

ونعته لجنة حماية الصحافيين، وذكرت أن مساهمته في تقريرها الذي حمل عنوان "نمط فتّاك: 20 صحافياً قتلوا بنيران القوات الإسرائيلية خلال 22 سنة من دون أن يُحاسب أحد" حول الصحافيين الذين قتلتهم إسرائيل، والصادر في مايو/ أيار الماضي، كان لا غنى عنها. ساعد جاد الله في تحديد مكان عائلات الصحافيين الذين استشهدوا في غزة، وحصل على صورهم لاستخدامها في تقرير لجنة حماية الصحافيين. وقال منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في اللجنة، شريف منصور: "ساعد بلال جاد الله لجنة حماية الصحافيين في توثيق نمط فتّاك من عمليات قتل الصحافيين على يد القوات الإسرائيلية، ويبدو أنه وقع ضحية للنمط نفسه".

رشدي السرّاج

رشدي السراج (إكس)
(إكس)

قتلت القوات الإسرائيلية رشدي السرّاج بغارة جوية استهدفت منزل عائلته جنوب قطاع غزة، في 22 أكتوبر. كان السرّاج، المولود في بريطانيا، مصوراً صحافياً شارك في تأسيس مؤسسة عين ميديا، وعمل أيضاً منسقاً للإنتاج لدى وسائل إعلام أخرى. قبل أيام من استشهاد السرّاج عن 31 عاماً، تحدث لصحيفة واشنطن بوست الأميركية عن زميله إبراهيم لافي الذي استشهد أيضاً بقصف إسرائيلي. في منشور له على "فيسبوك" في 13 أكتوبر، كتب: "لن نرحل. وسنخرج من غزة إلى السماء. وإلى السماء فقط". ترك السراج وراءه زوجته شروق العلية وطفلته دانيا التي أتمت عامها الأول في 6 نوفمبر.

محمد صبح

محمد صبح (إكس)
(إكس)

استشهد مصور وكالة أنباء خبر، محمد صبح، في التاسع من أكتوبر، جراء غارة جوية إسرائيلية استهدفت منطقة كانت تضم عدداً من وسائل الإعلام في حي الرمال، غربي غزة. كان في الـ34 من عمره. رئيس تحرير "الخبر"، صالح النازلي، قال إن محمد صبح كان "صحافياً شغوفاً أحب مهنته"، و"كان يحب الحياة... يقصد دائماً الشاطئ في غزة رفقة زوجته ونجله رزق (6 سنوات)". الغارة الإسرائيلية نفسها قتلت الصحافي هشام النواجحة والصحافي سعيد الطويل.

سلام ميمة

سلام ميمة (إكس)
(إكس)

في 10 أكتوبر، استشهدت الصحافية سلام ميمة وزوجها وأطفالها الثلاثة هادي وعلي وشام، بقصف منزلهم في مخيم جباليا شمال قطاع غزة. كانت ميمة في الـ32 من العمر، وعملت صحافية مستقلة، وهي عضو في لجنة الصحافيات في غزة. وصفتها صديقتها نسرين، في حديث لـ"واشنطن بوست"، بأنها "ملاك... أمّ محبة وزميلة مساندة".

دعاء شرف

دعاء شرف (إكس)
(إكس)

استشهدت مقدمة البرامج في إذاعة الأقصى، دعاء شرف، في السادس والعشرين من أكتوبر، مع طفلها عبيدة، بغارة جوية إسرائيلية على منزلها في اليرموك، في مدينة غزة. إحدى صديقاتها وصفتها بأنها "صاحبة الابتسامة الحلوة والرقيقة وصاحبة الأخلاق العالية وحبيبة القلب واللقاء الحلو". جاء استشهاد شرف بعد ساعات من استهداف قوّات الاحتلال منزل عائلة مراسل "الجزيرة" في غزة، وائل الدحدوح، واستشهاد 12 فرداً من أسرته، بينهم زوجته ونجله وابنته وحفيده.

إبراهيم لافي

إبراهيم لافي (إكس)
(إكس)

استشهد إبراهيم لافي في 7 أكتوبر. كان في الـ21 من العمر. عمل مع رشدي السرّاج في مؤسسة عين ميديا. قتلته قوات الاحتلال خلال تغطيته الأحداث على معبر بيت حانون/ إيريز حيث توجه مع زملاء له مع انتشار الأخبار حول عملية طوفان الأقصى التي نفذها مقاومو "القسّام"، الجناح المسلح لحركة حماس، ذلك اليوم.

بعد استشهاده، وصفه السرّاج بأنه كان طموحاً وشغوفاً تجاه سرد القصص بكاميرته، علماً أنه صور أفلاماً وثائقية لصالح مؤسسات بينها أوكسفام ويونيسف. قال السرّاج عن لافي: "كان موهوباً جداً ومبدعاً. حلم بأن يصبح صحافياً عالمياً وصانع أفلام يوثق الأحداث حول العالم". وكتب عبر حسابه في "تويتر": "رحل ساعدي... رحل إبراهيم... عاش رجلاً ومات رجلاً وكانت أخلاقه أخلاق الرجال... يحزنني فراقك ويحزنني مغيبي عنك وعن وداعك".

صديقة لافي، الصحافية الفلسطينية يارا عيد، نعته في منشور عبر "إنستغرام"، قالت فيه إنه كان "أعز أصدقائها"، ووصفته بأنه "أكثر صديق داعم لها"، وبأنه كان يحثها على الحفاظ على رباطة جأشها في أحلك الأوقات. وكتبت: "قُتل وهو يرتدي سترة الصحافة ويقوم بأكثر ما كان يحبّ القيام به".

هشام النواجحة

هشام النواجحة (إكس)
(إكس)

كان هشام النواجحة ينشر بانتظام تحديثات على وسائل التواصل الاجتماعي من المستشفيات والشوارع المدمرة. ووثق الفلسطيني البالغ من العمر 27 عاماً، والذي كتب أيضاً لـ"الخبر"، ما عاينه تحت القصف الإسرائيلي في غزة. بعد القصف الذي استهدفه وزملاءه في 10 أكتوبر، كتبت زوجته طالبة الدعاء له، ثم وصفته بأنه "حبيبها وشريك حياتها". لاحقاً أعلنت "الخبر" استشهاده تاركاً وراءه زوجته وتوأمين طفلين.

في مقطع فيديو يُظهر اللحظات الأخيرة للنواجحة قبل القصف الإسرائيلي، قال: "أمام كل هذا القصف الهستيري والدمار الذي يُحاول الاحتلال الإسرائيلي أن يُحدثه في غزة وإثارة الرّعب والقلق في نفوس المواطنين، والله لن يُحدث في أمر الله إلّا ما كتبه الله". وأضاف: "اللهم صبّرنا واكتب لنا الأمن والأمان واكتب لنا النّصر المبين".

المساهمون