يواصل الاحتلال الإسرائيلي استهداف الصحافيين في قطاع غزة، حيث يشنّ عدواناً همجياً منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إذ قتل العشرات منهم، واستهدف عائلاتهم ومنازلهم ومقارّ عملهم، في إطار سعيه للتعتيم على جرائمه بحق الفلسطينيين.
إسرائيل تستهدف منازل الصحافيين
تعرّض، صباح أمس الاثنين، محيط المنزل الذي تسكنه عائلة مراسل ومدير مكتب "العربي الجديد" في غزة ضياء الكحلوت لقصف إسرائيلي، ما أدى إلى استشهاد والد زوجته، وإصابة والده خليل، وزوجته إخلاص، ونجله حمزة.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اعتقلت الزميل ضياء الكحلوت الخميس الماضي، في بيت لاهيا، شماليّ قطاع غزة، وأجبرت أفراد عائلته على النزوح إلى مستشفى كمال عدوان، ثم انتقلوا إلى منزل أحد أقاربهم في بيت لاهيا، وهو المنزل الذي تعرض محيطه للقصف صباح الاثنين.
وأعلنت وزارة الصحة، في قطاع غزة، اليوم الثلاثاء، أن القوات الإسرائيلية تقتحم مستشفى كمال عدوان. وقال المتحدث أشرف القدرة في بيان: "قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مستشفى كمال عدوان بعد حصاره وقصفه لعدة أيام". وأضاف القدرة: "قوات الاحتلال الإسرائيلي تقوم في هذه الأثناء بتجميع الذكور، بمن فيهم الطواقم الطبية في ساحة المستشفى. نخشى على اعتقالهم واعتقال الطواقم الطبية أو تصفيتهم". وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قد أعلن مقتل امرأتين عند تعرّض قسم الولادة للقصف في المستشفى الاثنين.
وكان الاحتلال قد أحرق منزل الكحلوت الخميس الماضي بعد اعتقاله مع شقيقيه وأقارب لهم، إلى جانب عدد كبير من المدنيين. وحتى الساعة، لا معلومات عن مراسل "العربي الجديد". وعلى الرغم مما تناقله البعض عن نقله إلى قاعدة زيكيم الإسرائيلية العسكرية للتحقيق معه، فلا أخبار مؤكدة، في ظل الغموض الذي يلفّ مصير المعتقلين الذين أبقى عليهم الاحتلال.
وكانت منظمات دولية، من بينها لجنة حماية الصحافيين والمعهد الدولي للصحافة، قد طالبت بإطلاق سراح الكحلوت فوراً، واحترام حرية عمل الصحافيين في قطاع غزة.
وفي السياق نفسه، قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، الاثنين، منزل عائلة الصحافي في قناة الجزيرة أنس الشريف، في مخيم جباليا، شماليّ قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد والده. ويأتي هذا القصف بعد "سلسلة تهديدات تلقاها الشريف منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في محاولة لثنيه عن أداء عمله، وضمن سلسلة استهداف متعمدة لعائلات مراسلي الشبكة والعاملين معها في القطاع للضغط عليهم، بهدف تغييب الحقيقة، وإخفاء الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال"، وفقاً لبيان أصدرته "الجزيرة".
كانت نقابة الصحافيين الفلسطينيين أعلنت، الأسبوع الماضي، أن الاحتلال قصف منازل عائلات 60 صحافياً، ودمر مقار 63 مؤسسة ومكتباً صحافياً، وعطّل عمل 25 إذاعة محلية (24 في غزة وواحدة في الضفة)، وأغلق وقيّد عمل 3 منصات إعلامية.
إسرائيل تقتل الصحافيين
استشهد، الاثنين أيضاً، المصور الرياضي محمد أبو سمرة بقصف إسرائيلي جنوبيّ غزة، وفقاً لما أعلنته نقابة الصحافيين الفلسطينيين، ليرتفع عدد الصحافيين الذين قتلتهم القوات الإسرائيلية خلال حرب الإبادة التي تشنها على القطاع إلى 78، بينهم 9 صحافيات.
وعلى الحدود اللبنانية، قتلت القوات الإسرائيلية 3 صحافيين، هم عصام العبدالله (وكالة رويترز)، وفرح عمر وربيع المعماري (قناة الميادين).
واليوم الثلاثاء، أكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إصابة مصورة وكالة رويترز رنين صوافطة بقنبلة غاز في الوجه، خلال تغطيتها عدوان قوات الاحتلال على مدينة ومخيم جنين، ونقلت بمركبة إسعاف لتلقي العلاج. كذلك، أصيب المصور الصحافي في قناة رؤيا الأردنية عمرو مناصرة بقنبلة غاز في ظهره من قبل جيش الاحتلال، ما استدعى نقله إلى المستشفى.
إسرائيل تعتقل الصحافيين
أعلنت نقابة الصحافيين الفلسطينيين، اليوم الثلاثاء، أن الاحتلال اعتقل الكاتب والصحافي المقدسي راسم عبيدات، عقب اقتحام منزله في بلدة جبل المكبر. ومنذ بدء العدوان، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 43 صحافياً، منهم 41 في الضفة الغربية، واثنان في غزة، ولا يزال 30 منهم قيد الاعتقال، وأغلبهم حُوِّل للاعتقال الإداري.
مطالبات بإجلاء صحافيي "فرانس برس" من غزة
بعث نحو مائة نائب فرنسي، معظمهم من اليسار، رسالة إلى رئيسة الوزراء إليزابيت بورن، للمطالبة "باتخاذ التدابير كافة" للسماح "بإجلاء صحافيي وكالة فرانس برس العالقين في قطاع غزة".
وفي الرسالة المؤرخة في 7 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، التي نشرها عدد من النواب أمس الاثنين على منصة إكس، أكد الموقعون، وهم ينتمون أساساً إلى أحزاب فرنسا الأبية (يسار متطرف) والخضر والشيوعي، أن صحافيين من وكالة فرانس برس "فقدوا أقارب وأفراداً من عائلاتهم موجودون قرب رفح ويواجهون صعوبة في تأمين المياه والكهرباء والبنزين بعد أن اضطروا إلى الفرار من شمال قطاع غزة".
وطلب البرلمانيون من بورن "بذل كل ما في وسعها لتنظيم عملية لإجلائهم"، مشددين على أن وكالة فرانس برس "إحدى وكالات الصحافة الوحيدة في العالم التي تعمل في قطاع غزة"، مع تسعة صحافيين "يتعاونون بلا كلل لنقل صورة موضوعية للأحداث على الأرض مخاطرين بحياتهم".
وأوضح واضعو الرسالة التي كتبت بمبادرة نائبين من حزب الخضر أن الصحافيين "ركيزة أساسية لديمقراطيتنا مهما كانت آراؤنا وتوجهاتنا السياسية".
في رسالة مفتوحة الخميس الماضي، دعت نقابات عدة، إضافة إلى جمعية الصحافيين التابعة لوكالة فرانس برس، الحكومة الفرنسية "لاتخاذ بشكل عاجل كل الخطوات اللازمة لدى السلطات لإسرائيلية والمصرية" للسماح بإجلاء زملائهم الغزيين وعائلاتهم من القطاع، "واستقبال الراغبين منهم على الأراضي الفرنسية من خلال إصدار تأشيرات لهم".