حقق تطبيق تيك توك شهرته العالمية خلال السنوات الماضية من خلال مقاطع الموسيقى والرقص والترفيه. لكنه تحوّل تدريجياً إلى منصة للأعمال وتحقيق الأرباح الكبيرة، وهو ما جعله قوة إعلانية كبرى على الإنترنت، بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
ووفق مركز إنسايدر إنتلجنس للأبحاث، فإن المنصة الصينية في طريقها إلى تحقيق نحو 10 مليارات دولار من عائدات الإعلانات، أي أكثر من ضعف ما حققته العام الماضي.
"تيك توك" مقارنة بالمنافسين
من المتوقع أن تتفوق عائدات إعلانات "تيك توك" هذا العام على عائدات المنصات المنافسة مثل "تويتر" و"سناب شات"، على الرغم من أن أرباحها لا تزال ضئيلة مقارنةً بـ"غوغل" و"ميتا" التي تملك "فيسبوك" و"إنستغرام". وتحقق "تيك توك" نمواً مالياً واضحاً حتى مع تراجع الإعلانات الرقمية في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي الذي أضر بـ"سناب" و"غوغل" و"ميتا". ووصفت "سناب" أخيراً "تيك توك" بأنه أحد "منافسيها الكبار والمتطورين جداً". وبدأ موقع "يوتيوب"، الذي عانى من أول انخفاض في عائدات الإعلانات منذ ثلاث سنوات، بوضع إعلانات على خدمة شورتس منافسة "تيك توك"، بينما سمّى الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا"، مارك زوكربيرغ، "تيك توك"، منافساً 5 مرات على الأقل في اجتماع أرباح في فبراير/شباط.
وعلى الرغم من الشكوك حول التطبيق وعلاقته بالسلطات الصينية، ومشاكل جودة المحتوى والزيارات المغشوشة، فإن الشركات تنجذب إلى التطبيق الذي يقول إنه يضم أكثر من مليار مستخدم. ويقضي مستخدمو "تيك توك" ما معدله 96 دقيقة يومياً على التطبيق، أي نحو 5 أضعاف "سناب شات"، و3 أضعاف "تويتر"، ونحو ضعف "فيسبوك" و"إنستغرام"، وفقاً لشركة تحليلات البيانات سينسور تاور.
خطط "تيك توك" لكسب المعلنين
لتكثيف الإعلانات، لجأت "تيك توك" إلى بعض الخطط غير التقليدية. على عكس منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، تنشر المنصة إعلانات تظهر مثل أي فيديو آخر، لذلك لا يمكن تمييزها دائماً على الفور. ودفع التطبيق العلامات التجارية إلى العمل مع صُنّاع المحتوى، ما يجعل الإعلانات تبدو طبيعية أكثر، تحت شعار "لا تصنع إعلانات بل مقاطع تيك توك".
وحاز وسم #TikTokMadeMeBuyIt (تيك توك جعلني أشتريه)، الذي روّجته المنصة، أكثر من 28.6 مليار مشاهدة. وضبطت إدارة التطبيق مدى وصول إعلاناتها ووتيرتها إلى المستخدمين، ودمجت إمكانات التجارة الإلكترونية في إعلانات شبكة البحث.
خطط "تيك توك"... هل تحقق النتائج للمعلنين؟
العام الماضي، نشرت شركة الأزياء الرجالية سويت تايلور، مقطع فيديو على "تيك توك" يُعلن عن قميص واحد متوفر بألوان مختلفة. حصد الفيديو 5 آلاف مشاهدة فقط، علماً أن حساب الشركة يضمّ أقل من 300 متابع.
لكن في غضون أسبوعين، باعت الشركة 35 في المائة من مخزونها من القميص، في حين كانت تبيع 5 في المائة فقط قبل الإعلان. وعلّق الرئيس التنفيذي للشركة، آدم بولدن، قائلا إن "إعلانات فيسبوك وإنستغرام بالكاد تحرك السوق".
وحالياً، تنفق الشركة 15 في المائة من ميزانيتها التسويقية على "تيك توك"، مركزةً على الشراكات مع المؤثرين، وها هي تسعى لزيادة النسبة إلى 50 في المائة، بسبب الجمهور الأصغر سناً للمنصة، ونجاحها في جذب المشاهدين لشراء الأشياء.
وقال بولدن: "نحن نعلم أن فيسبوك وإنستغرام يفقدان الكثير من زخم السوق. لقد أدركنا أن الفيديو أصبح مهماً للغاية، إن لم يكن إلزامياً".
وتقوم شركات أخرى بنفس التحوّل. فبحسب شركة تحليل البيانات تريبل وال، أنفق العملاء 99.89 مليون دولار على الإعلان في "تيك توك" منذ بداية هذا العام، مقارنة بـ18.39 مليون دولار في عام 2021، أي بزيادة 443 في المائة، حسبما قالت مسؤولة علامتها التجارية، أليكسا كيلروي.
مخاوف إعلانية
ومع ذلك، تعثّرت بعض العلامات التجارية أثناء إعلانها على "تيك توك". ففي مايو/أيار، نشر لاعب الفوتبول الأميركي راسل ويلسون مقطع فيديو بالتعاون مع سلسلة مطاعم سابواي، ترويحاً لشطيرة، لكن التعليقات كانت مسيئة، وبدا واضحاً أن الإعلان فشل، بينما يتردد بعض المعلنين بشأن "تيك توك" لأسباب أخرى، إذ لا تزال الشكوك تحوم حول المنصة، لناحية احتمال تعاون المنصة مع السلطات الصينية ومنحها بياناتهم.
جانب آخر من جوانب النفور من "تيك توك" مرتبط بسوء آلية مراجعة المحتوى على التطبيق، وانتشار التضليل متعدد اللغات حول السياسة والصحة والحرب في أوكرانيا.
وتقول المحللة الرئيسية في "إنسايدر إنتليجنس"، جاسمين إنبرغ، إن "تزايد المشاعر المعادية لـ(تيك توك) بين مديري وسائل الإعلام وتجديد الدعوات من قبل المسؤولين الحكوميين لحظر المنصة، يجعلان بعض المعلنين أكثر حذراً".
وازدادت مخاوف بعض المعلنين بشأن الحسابات الوهمية التي تربك الشركات وتجعل تقييم نجاح حملاتها التسويقية صعباً، خصوصاً عندما اتهم إيلون ماسك موقع تويتر بالفشل في تقديم بيانات موثوقة حول عدد الحسابات المزيفة. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، كانت نسبة 7 في المائة من زيارات تطبيق "تيك توك" غير حقيقية، وفقاً لشركة بيكسيليت للاحتيال الإعلاني.