لعقود شكّلت البرامج الحوارية صباح يوم الأحد، في الولايات المتحدة الأميركية، أحد أهم منابر التحليل السياسي في الإعلام الأميركي. ويشمل ذاك كبرى الشبكات، مثل NBC، وCBS، وABC، و"فوكس". وطوال سنوات، كانت هذه البرامج جزءاً لا يتجزأ من المشهد الإخباري في البلاد.
اليوم، مع مرور قرابة أربعة أشهر على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وجد تحليل للمحتوى أنّ هذه البرامج، ذات التأثير الواسع في الرأي العام، منحازة بشكل واضح للرواية الإسرائيلية. إذ تبيّن أن عدد الضيوف الإسرائيليين في هذه البرامج عشرة أضعاف الضيوف الفلسطينيين، وأن نسبة الضيوف الداعمين لإسرائيل في هذه البرامج راوحت بين 60 و96 في المائة.
برامج الأحد الإخبارية في الإعلام الأميركي
أسماء البرامج الإخبارية ليوم الأحد في الإعلام الأميركي مألوفة لدى الجمهور من منتصف العمر وكبار السن، وهي Meet the Press على NBC، و Face the Nation على CBS، وThis Week على ABC، وFox News Sunday على "فوكس"، وهي برامج مرتبطة بالأحداث الجارية. وتتلخص فكرة هذه البرامج في إجراء مقابلات مع الضيوف، ومن بينهم صحافيون، ومؤثرون، ومسؤولون حاليون وسابقون، وخبراء، ومحللون.
ورغم أن هذه البرامج فقدت بريقها أمام أنواع أخرى من محتوى الإعلام الأميركي مثل الأخبار التلفزيونية والبرامج الحوارية، بالإضافة إلى البودكاست ومنتديات الإنترنت ومواقع التواصل، إلا أنها احتفظت بمكانتها وتأثيرها بين النخبة السياسية الأميركية.
وغالباً ما تتابع هذه البرامج فئة من المواطنين تتطلع إلى تشكيل أو تأكيد آرائها في القضايا الرئيسية الحالية. أربعة أخماس مشاهديها تزيد أعمارهم على 54 عاماً، وهي الفئة السكانية الأعلى تصويتاً في الانتخابات الأميركية.
كيف ناقشت برامج الأحد العدوان الإسرائيلي؟
أجرى أستاذ الإعلام والشؤون العامة المشارك في جامعة جورج واشنطن، وليام ل. يومانز، تحليلاً لضيوف برامج الأحد الإخبارية في الإعلام الأميركي وتصريحاتهم خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العدوان الإسرائيلي، وقدّم نتائجه في مقال نشره موقع المركز العربي واشنطن دي سي.
ووجد التحليل أن الغالبية العظمى من الضيوف، أي 120 من أصل 140، كانوا أميركيين. لم يكن أيٌّ منهم أميركيين من أصل فلسطيني، أو حتى عربي أميركي. وكان ثلاثة ضيوف فقط أميركيين من أصول مسلمة من جنوب آسيا، لكنّ اثنين منهم فقط عبّرا عن وجهات نظر مؤيدة للفلسطينيين، أما الثالث فيعمل في مركز أبحاث محافظ، وكان أكثر تعاطفاً مع إسرائيل في تعليقاته.
وشكّل الإسرائيليون الجنسية الثانية الأكثر شيوعاً بين الضيوف، بينما شارك في هذه البرامج مواطن فلسطيني واحد فقط، هو رئيس البعثة الفلسطينية إلى المملكة المتحدة، حسام زملط.
في المقابل، ظهر الضيوف الإسرائيليون عشر مرات في البرامج الأربعة، من بينهم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، والسفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
يعني هذا أن عدد الضيوف الإسرائيليين كانوا 10 أضعاف الفلسطينيين، ويعني هيمنة وجهات النظر المؤيدة للاحتلال.
وفي برنامج "فوكس" أعرب 96 في المائة من الضيوف عن وجهات نظر مؤيدة لإسرائيل. وفي البرامج الأخرى أعرب ما بين 60 و65 في المائة من الضيوف الأميركيين عن دعمهم لإسرائيل.
وحتى من تعاطفوا مع الفلسطينيين ركزوا على الجانب الإنساني لحرب غزة، لأن العديد منهم رؤساء منظمات إنسانية. وعلى النقيض من ذلك، لم يناقش إلا ضيفان مؤيدان لفلسطين بشكل مطوّل التطلعات السياسية الفلسطينية أو السياق السياسي الأوسع، هما زملط وسفيرة الأردن لدى الولايات المتحدة، دينا قعوار.
وما يثير القلق بحسب الباحث هو "حقيقة أن المسؤولين في إدارة بايدن والمشرعين الديمقراطيين كانوا من بين المروجين الرئيسيين للرسائل المؤيدة لإسرائيل، إذ يمثلون 43 في المائة من الضيوف الذين تبنوا أكبر قدر من التعاطف مع إسرائيل".